تواجه الأمهات العاملات خلال هذه الفترة من السنة مشكلا كبيرا يتعلق بعدم إيجادهن لحل يضمن لهن ترك أولادهن في أيد أمينة، وذلك بعد أن أغلقت رياض الأطفال أبوابها في وجوههن، وقررت المربيات أخذ عطلة بدورهن، ما جعل الأمهات في رحلة بحث شاقة عن بديل يمكنهن من مزاولة أعمالهن خارج المنزل. مع حلول فصل الصيف يشد الجميع الرحال إلى وجهات مختلفة بحثا عن قضاء العطلة، خاصة خلال شهر أوت الذي يعتبر لدى أغلب رياض الأطفال فترة سنوية لأخذ عطلتهم السنوية، كما تقوم جليسات الأطفال والمربيات بدورهن بأخذ قسط من الراحة، لتجد الأمهات أنفسهن في حيرة من أمرهن، حيث تغيب البدائل، ويصبح ذهابهن إلى العمل مربوط بإيجاد مكان آمن يترك فيه أطفالهن خلال فترة الدوام، في حين تجبر أخريات على انتهاج سبل أخرى أقل أمانا، بتركهم بمفردهم في البيت حيث يواجه هؤلاء الصغار مصيرا مجهولا محفوفا بالمخاطر. روضات تستغل حاجة الأولياء لتفرض شروطها في الوقت الذي تغلق فيه أغلب رياض الأطفال أبوابها خلال شهر أوت من كل سنة، كعطلة سنوية اتفقت عليها الكثير من هذه المؤسسات، تعرض أخرى خدماتها على الأولياء خلال هذه الفترة تحديدا، وذلك بتوفير حد أدنى من الخدمات، إضافة إلى فرض تسعيرات خاصة ترهق كاهل الأمهات اللاتي لا يجدن بديلا، حيث وإن كانت تكلفة الشهر الواحد خلال باقي أشهر السنة لا تتجاوز 10 آلاف دينار بالنسبة لأغلب الرياض، تقوم في هذه الفترة بفرض مبالغ تصل إلى 15 ألف دينار، وهو ما يجده الأولياء مبلغا جد مبالغ فيه، غير أنهم يجبرون في الأخير على دفعه مقابل ترك أبنائهم في مكان آمن. وفي السياق ذاته تقول سعاد التي اختارت روضة الأطفال المحاذية لمكان إقامتها لتترك طفلتها البالغة من العمر 3 سنوات، بعد أن أوصدت الروضة التي كانت تقصدها ابنتها، ما جعلها تدفع 14 ألف دينار مقابل 8 آلاف التي كانت تدفعها خلال السنة، مشيرة إلى أن غياب ضوابط قانونية تجعل القائمين على هذه المؤسسات يمارسون قوانينهم الخاصة باستغلال حاجة الأولياء الملحة لهم، ومن جهتها تقول خديجة التي تعاني من هذه الأسعار المرتفعة لاسيما أنها أم لطفلين دون سن الخامسة، وذلك بعد أن قامت المربية الخاصة بهما بالخروج في عطلة هذا الشهر، وفي ظل ارتفاع التكاليف التي عجزت الأم عن دفعها، وجدت نفسها مجبرة على اختيار العطلة المرضية التي تتيح لها رعاية أبنائها في المنزل. وحوادث خطيرة يروح ضحيتها الأطفال بعد أن أوصدت كل الأبواب في وجه الأمهات الباحثات عن مكان لرعاية أبنائهن، اتجهت بعضهن للاستنجاد ببعض أفراد أسرتهن، لم تجد أخريات حلا آخر سوى أن تترك هؤلاء الصغار بمفردهم في البيوت أو في عناية من هم في ظروف أو سن لا يسمح لهم بذلك، ما يفتح المجال لكل المخاطر المتربصة بهم، من كهرباء، واختناق، وسقوط... وغيرها. وفي السياق ذاته تحذر الدكتورة مريم بهلول المختصة في علاج حروق الأطفال من مخاطر هذا السلوك غير السوي، حيث تؤكد على ضرورة الوقاية وتجنب مسببات الخطر التي تلقي بمسؤوليتها على عاتق الأولياء، وذلك بالامتثال لشروط السلامة اللازمة. ومن جهته اعتبر البروفسور متيش أن الحوادث التي تحصل داخل المنزل في ظل غياب الأولياء هي الأكثر خطورة على حياة الطفل الصغير الذي لا يتجاوز سنه في العديد من الأحيان الأربع سنوات، خاصة إذا تحول المطبخ والحمام إلى مكان يلعب فيه الطفل قد يؤدي لحدوث كوارث لا يحمد عقباها. ومن أكثر الوسائل التي قد تؤدي إلى الحروق، يذكر الحريق بالشموع، نقل الماء الساخن من المطبخ إلى الحمام، "الطابونة"، قارورة الغاز، غير أن كل هذه المخاطر لا تثني الكثير من السيدات عن انتهاج هذه الطريقة للخروج للعمل. وفي السياق ذاته تقول فريال التي تعرضت ابنتها البالغة من العمر 8 سنوات لحروق من الدرجة الأولى عند تركها بمفردها في المنزل، بعد أن خرجت مربيتها في عطلة، أن هذا القرار الذي أخذته هو الأكثر خطأ على الإطلاق، حيث نجت ابنتها بأعجوبة من التشوه بعد أن أشعلت النار في جزء من ثيابها. إيمان مقدم