رغم كل الجهود التي تبذلها الحكومة لتقويض الاستيراد بكل أنواعه، والرقابة المفروضة على مستوى الموانئ لمنع دخول منتجات مقلدة، خاصة ما تعلق بالآلات الإلكترونية، الكهربائية والكهرومنزلية، لا تزال السوق الجزائرية ”مزبلة” للشركات الأجنبية بتواطؤ مع مستوردين غشاشين ”عديمي الضمير” لتصريف سلع مقلدة لا تراعى فيها أدنى شروط السلامة والأمان، تتسبب في حوادث خطيرة قد تؤدي إلى الموت. واعتبر مصطفى زبدي، رئيس جمعية حماية المستهلك وإرشاده لولاية الجزائر ”أبوس” في تصريح خاص ل”الفجر”، أن بلادنا قد أضحت للأسف مفرغة لبعض الشركات المصنعة للتجهيزات التكنولوجية، الكهربائية والكهرومنزلية، التي تصرّف سلعتها التي تفتقر لمعايير الجودة والنوعية والسلامة للمستهلك الجزائري في ظل خلل رقابي في المجال. وأضاف زبدي أن الطامة الكبرى هي توفر منتجات وطنية ”محلية الصنع” يمكن أن تغطي السوق الوطنية وتلبي كل احتياجات المواطنين، في ظل التنافس الكبير الذي تشهده العلامات الجزائرية، مشيرا في ذات الصدد أن إغراق السوق الوطنية بمنتجات ”خردة” يضعف الاقتصاد الوطني ويعيق التنمية، خاصة أن عديد التحقيقات أثبتت أن الكثير منها وبنسبة كبيرة لا تراعي شروط السلامة والأمان وتفتقر للمعايير العالمية، ما يعرض حياة المستهلك للخطر من خلال عديد الحوادث التي وقعت ولا تزال تقع مادام الاستيراد غير مراقب بالقدر الكافي. كما دعا رئيس جمعية حماية المستهلك السلطات العمومية والمصالح المختصة إلى تشديد الرقابة على كل ما يتم استيراده من الخارج ما سينعكس إيجابا على السوق، مؤكدا على ”الصرامة” في فرض العقوبات ضد كل من تسوّل له نفسه التلاعب بصحة وسلامة المواطنين، فضلا عن حماية المصالح المادية والمعنوية للمستهلك، الذي أصبح يشتري ”الموت” بأمواله، وردع كل مستورد تخوّل له نفسه التقليد، والأمثلة عن ذلك كثيرة، يضيف زبدي، إذ تتهاطل على الجمعية عشرات الشكاوى يوميا خاصة في فصل الشتاء نتيجة نشوب حرائق وتسربات للغاز وانفجارات سببها مدفئات مقلدة، أو قدر مضغوط غير أصلي أو حتى سخان مياه مغشوش، آخرها تحول عرس إلى مأتم جراء نشوب حريق تسببت فيه مدفأة مقلدة تشتغل بالغاز. من جهة أخرى، طالب المسؤول الأول عن الجمعية بتقنين عملية دخول التجهيزات الكهربائية التي تستهلك كمية كبيرة من الطاقة وتستزف الكهرباء، وفرض رقابة صارمة لاستيراد منتجات اقتصادية للطاقة ولا تهدرها، في ظل الانقطاعات المتكررة التي نشهدها خاصة في فصل الصيف، والتي تتزايد بشكل ملفت نتيجة الاستعمال المفرط للطاقة الكهربائية في موسم الحر. يجدر التذكير أن مصالح الرقابة التابعة لوزارة التجارة قد قامت بتحقيق ميداني، كشف أن معظم أجهزة التدفئة الغازية غير مطابقة للمعايير المطلوبة. وأفاد التحقيق الذي أجري في الفترة الممتدة ما بين نهاية 2014 وبداية 2015 بسبب ارتفاع ملفت للحوادث المميتة والمرتبطة باستنشاق غاز أول أكسيد الكربون السام، أنه من أصل عينة قدرها 158 جهاز تدفئة مستوردة أو مصنوعة محليا، 155 منها كانت غير مطابقة للمعايير، أي ما يقارب نسبة 98 بالمائة من الأجهزة التي شملها التحقيق.