تواجه رئيسا وزراء شيراك وساركوزي، الان جوبيه (71 عاما)، وفرانسوا فيون (62 عاما)، في ثالث وآخر مناظرة تلفزيونية لهما قبيل جولة الحسم للفوز بترشيح اليمين الوسط الفرنسي للانتخابات الرئاسية، المزمع إجراءها في ماي المقبل. ولم تأت هذه المناظرة التي اتسمت بالتوتر الضمني، بجديد، بقدر ما شكلت فرصة لكلا المرشحين لتقديم تفاصيل أوفى حول برنامجهما الانتخابي. قبل يومين من جولة الحسم سعى جوبيه إلى تدارك فارق النقاط والابقاء على حظوظه في كسب الرهان. وخلال المناظرة انتقد جوبيه قرار فرانسوا فيون إلغاء 500 ألف وظيفة في القطاع العمومي، كما انتقد أيضا فكرة تمديد ساعات العمل للموظفين في القطاع العام من 35 إلى 39 ساعة دون زيادة أجورهم، واصفا القرار بغير العادل وغير المقبول. كما انتقد جوبيه موقف فيون من قانون الإجهاض (نقطة خلاف بين الرجلين)، وجدد موقفه الداعم للقانون. ومن جهته دافع فيون عن مشروعه ”الراديكالي” لرئاسته في حال فوزه في الاقتراع في 2017، متهما خصمه آلان جوبيه بانه ”لا يريد فعليا تغيير الأوضاع”. وقال فيون الذي بدا الانزعاج على محياه، أنه يفكر ولو مرة في إلغاء قانون الإجهاض، موضحا ”أنه دافع عن هذا القانون طيلة حياته السياسية وفي البرلمان”. واستفسر رئيس بلدية بوردو عن سبب عدم تنديده بالحملة الشرسة التي تستهدفه منذ ثلاثة أيام على مواقع التواصل الاجتماعي والتي وصفته ب”السلفي” و”علي جوبيه” عوضا عن آلان جوبيه، فلم يرد فرانسوا فيون عن السؤال بل اكتفى بالقول بأنه تعرض هو الآخر لهجمات مماثلة من مناصريه وأنه لم يحرك ساكنا حيالها. واستعر الخلاف بين المرشحين، نوعا ما، بشأن هوية المجتمع الفرنسي ومكوناته. وقال فيون إنه يدافع عن مجتمع فرنسي يحترم الإرث الثقافي والديني الفرنسي وأنه ضد مجتمع تتعدد فيه الثقافات، داعيا الأجانب الذين يأتون إلى فرنسا إلى احترام تقاليدها والدفاع عن قيمها. زاعما أنه: ”إذا دخلنا بيت شخص، ينبغي علينا احترام سلطة صاحبه”، ووعد فيون بإنعاش الاقتصاد الفرنسي تحويل فرنسا إلى أول قوة اقتصادية أوروبية في ظرف عشر سنوات. في حين أعلن جوبيه مساندته لمجتمع فرنسي متعدد الثقافات (الهوية السعيدة)، مؤكدا أن هوية فرنسا كانت دائما في تطور مستمر وهي غنية بإرثها الثقافي والإنساني والديني المتنوع، شريطة ألا يؤدي ذلك إلى محو قيم الجمهورية الفرنسية أو يقلل من احترامها. وقال جوبيه إنه يريد استرجاع أمل ملايين الفرنسيين ويريد، فرنسا سعيدة ومتصالحة مع نفسها”. جوبيه: نريد فرنسا مستقلة، لا شرقية ولا غربية وفيما يتعلق بسياسة فرنسا الخارجية، قال جوبي أنه يريد فرنسا مستقلة عن واشنطنوموسكو في سياستها الخارجية، وفوجئ عمدة بوردو بتصريح أدلى به الرئيس الروسي فلادمير بوتين والذي أعلن فيه مساندته لفيون، معتبرا الخطوة بالسابقة في تاريخ فرنسا. ورغم اعترافه بأن روسيا بلد كبير وقوي وينتمي إلى القارة الأوروبية، أكّد جوبيه أنه ينبغي مصارحة بوتين ومعرفة سبب ضمه القرم، وعدم احترامه اتفاقية ”مينسك”. وجاء موقف فيون مناقضا تماما لمنافسه، حيث يرى في روسيا حليفا قويا بإمكانه دحر تنظيم ”الدولة الإسلامية” ووقف العنف في سوريا. وقال فيون ”من الطبيعي أن تدافع فرنسا عن مصالحها وتبقى الحليف الأقوى للولايات المتحدة، لكن يجب في نفس الوقت أن نتحدث مع روسيا لكي نجذبها إلى أوروبا قبل أن تبتعد وتلتحق بالقارة الآسيوية”. وانتقد فيون سياسية هولاند إزاء موسكو التي لم تأت بأكلها، وإنما أثرت سلبا على المزارعين الفرنسيين وعلى الشركات الفرنسية التي لم تعد تصدر منتوجاتها إلى روسيا. استطلاع: ”فيون” هزم ”جوبيه” في المناظرة وأظهر استطلاع للرأي أجراه معهد إيلاب لصالح قناة ”بي أف أم تي في” الإخبارية الفرنسية، أن فرانسوا فيون كان الأكثر إقناعا بالنسبة ل 71 بالمائة من أنصار اليمين والوسط الذين تابعوا المناظرة، فيما اعتبر 54 بالمائة من المتابعين أن فرانسوا فيون يدافع عن قيم اليمين والوسط على نحو أفضل، فيما اعتبر 65 بالمائة أن حظوظه أفضل للفوز بالانتخابات التمهيدية، ورأى 53 بالمائة أن مؤهلاته هي الأفضل لشغل منصب رئيس الجمهورية. وأضاف الاستطلاع أن فيون هو أكثر نزاهة في نظر 59 بالمائة من المستطلعة آراؤهم ويرغب في تغيير الواقع الحالي بالنسبة ل 66 بالمائة. يذكر أنّ نتائج الدورة الأولى من الانتخابات التمهيدية ليمين الوسط الفرنسي أظهرت فوز فيون بفارق كبير بنسبة 44.2 بالمائة من الأصوات، فيما حصل ألان جوبيه على 28.4 بالمائة من الأصوات، وحصل رئيس فرنسا السابق نيكولا ساركوزي على 21 بالمائة فقط من الأصوات، عقب حملة انتخابية هيمنت عليها قضايا الإسلام والإرهاب والهجرة. ونظرا لعدم حصول أي مرشح على غالبية الأصوات (أكثر من 50 بالمائة) خلال الجولة السابقة، نُظمت جولة ثانية من هذه الانتخابات للحسم بين المرشحين، والمرشح الذي سيخرج منتصرا منها، سيخوض رسميا السباق نحو الإليزيه في 2017 باسم اليمين ويمين الوسط، وقطع الطريق أما اليمين المتطرف، ممثلا في الجبهة الوطنية التي تتزعمها مارين لوبان التي زادت شعبيتها، وتولي الرئاسة خلفا للاشتراكي فرانسوا هولاند. ويعول جوبيه على مهرجانه الانتخابي الأخير بمدينة ”نانسي” (مساء أمس) لقلب الطاولة على منافسه وترجيح الكفة لصالحه، فيما يسعى فيون، خلال حملته بباريس، للمحافظة على فارق الأصوات والسعي لتعميقه. ويبقى التحدي صعبا بالنسبة لجوبيه في ظل دعم ساركوزي (الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات) لفيون الذي لم تتبق له سوى ست نقاط كي يتجاوز النصاب المطلوب للجولة الأولى وهو 50 في المائة.