l تراجع نسبة المشاركة والبرلمان القادم سيمثل 8 ملايين جزائري فقط l السلطة تفشل في حربها ضد العزوف وتعود عشر سنوات إلى الوراء تعكس الأرقام التي قدمها وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين بدوي، بشأن نسبة المشاركة في الإنتخابات التشريعية التي بلغت 38 بالمئة في ظل وجود أصوات ملغاة، لم يتم الكشف عنها مدى التخبط الذي تعيشه السلطة في مهمتها للقضاء على معضلة العزوف التي يبدو أن رقعتها قد توسعت بعد تراجع نتائج نسب المشاركة.
رغم إعلان وزير الداخلية والجماعات المحلية عن رضاه عن نتائج نسبة المشاركة في تشريعيات الرابع من ماي، إلا أن الواقع يؤكد تراجعها مقارنة بتشريعيات 2012 والتي بلغت 43 بالمئة، بينما وصلت سنة 2007 إلى 35 بالمائة، وهو الأمر الذي أعاد الجزائر إلى عشر سنوات كاملة إلى الوراء، و الذي يؤكد مخاوف السلطة والأحزاب السياسية التي حذرت من توسع ظاهرة العزوف الإنتخابي، وتأثيره على مصداقية البرلمان القادم الذي يحمل على عاتقه التشريع لقوانين مهمة تنعكس مباشرة على الواقع الإجتماعي والإقتصادي للجزائريين. ومن خلال الأرقام المقدمة من طرف المسؤول الأول عن قطاع الداخلية في الجزائر، تبين أن 8.5 فقط من أصل 23 مليون ناخب هم من تقدموا إلى مراكز الاقتراع وصوتوا وذلك دون احتساب الأصوات الملغاة التي تحفظ وزير الداخلية عن كشفها خلال ندوته الصحفية، الأمر الذي سينعكس سلبا على مصداقية السلطة التي تتحمل إلى جانب الأحزاب السياسية المسؤولية في توسع رقعة العزوف، بسبب عدم امتلاكها لبرامج واقعية تخرج الجزائريين من أزمة تعصف بالبلاد على خلفية تراجع أسعار النفط. يأتي هذا في وقت اتخذت السلطة حلولا يصفها متتبعون للشأن السياسي بالترقيعية في مواجهة ظاهرة العزوف، حيث استغلت المؤسسة المسجدية عبر دعوة الأئمة الجزائريين للمشاركة في الانتخابات وكذا تسخير الحركات الجمعوية، إلى جانب خرجات الوزراء الداعية للمشاركة من جهة، واستعمال الورقة الأمنية في الخطاب السياسي من جهة أخرى، إلا أن كل هذه الوسائل لم تنفع مع مدى الرفض الشعبي الذي عبرت عنه العديد من الأصوات إلى جانب الحملة التي خاضها المقاطعون الداعون إلى رفض العملية الإنتخابية وعدم تزكية أحزاب وقفت ضد الشعب عبر تصويتها على قوانين جائرة من خلال قوانين المالية 2016 و2017. ومن هذا المنطلق بات أمر محتم على السلطة أن تبحث عن حلول جديدة بعيدة عن سياسة استعمال ورقة الأمن والمؤسسة المسجدية في خطابها والمرور نحو حلول أكثر واقعية تعيد الثقة إلى المواطن في مؤسساته الدستورية، باعتبار أن مقياس التجاوب الشعبي مع أية انتخابات مرهون بمدى مصداقيتها في التعبير عن الرأي وتأثير صوت الناخب في القرار الوطني والسياسات الحكومية.