لعل أول من وضع أسس الاحتفال بذكرى المولد النبوي هو الملك المظفر "أبو سعيد كوكبري بن زيد الدين علي بن بكتكين" صاحب إربل، وكان أحد الملوك الأمجاد، وكان يحتفل به احتفالاً هائلاً يحضره الأعيان والعلماء ويدعو إليه الصوفية والفقراء• وقد اختلف العلماء حول شرعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وانقسموا بين مؤيد ومعارض، وكان من أشد المنكرين لذلك المعارضين له؛ باعتباره بدعة مذمومة الشيخ "تاج الدين اللخمي" الذي يقول: "لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة الذين هم القدوة في الدين، المتمسكون بآثار المتقدمين، بل هو بدعة أحدثها البطّالون، وشهوة نفس اعتنى بها الأكّالون"• وقد انبرى الإمام "السيوطي" للرد عليه وتفنيد مزاعمه وإبطال حججه، وإذا كان بعض الناس يرتكبون أفعالاً منكرة في الاحتفال بالمولد، من لهو وصد عن ذكر الله وغير ذلك، فإن تعظيم هذا اليوم إنما يكون بزيادة الأعمال الصالحة والصدقات وغير ذلك من ألوان القربات إلى الله تعالى• وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم؛ فصامه موسى• قال: فأنا أحق بموسى منكم؛ فصامه وأمر بصيامه•• (بخاري: كتاب الصوم، باب صيام يوم عاشوراء، رقم 2004)• ولعل في إشارة النبي صلى الله عليه وسلم إلى فضيلة هذا اليوم حينما سأله سائل عن صوم يوم الإثنين فقال: "ذلك يوم ولدت فيه"؛ ففيه تشريف لهذا اليوم الذي ولد فيه صلى الله عليه وسلم•