من يتحكم في المعلومة يتحكم في العالم، انطلاقا من هذه الفكرة بنت الولاياتالمتحدةالأمريكية استراتيجياتها في المنطقة العربية، حيث قامت باحتلال العراق من خلال حرب إعلامية روجت فيها لدكتاتورية الرئيس العراقي الراحل "صدام حسين"، وما سمته باضطهاده لشعبه، وروجت أيضا لامتلاكه لأسلحة الدمار الشامل المحظورة دوليا، في حين لم يعثر إلى اليوم على أي أثر لها، وصورت للرأي العام العالمي الاحتلال الأمريكي على أساس أنه حملة لتحرير الشعب العراقي ونشر الديمقراطية، لكن شيء من هذا لم يحدث، بل بالعكس دمر العراق شعبا وحكومة واقتصادا، وأدخل في حرب أهلية غذاها أيضا الإعلام الذي استخدمته أمريكا خصيصا لذلك، وهذا ما لاحظناه جليا وقرأه كل المشاهدين من خلال يوم إعدام الرئيس العراقي، عندما تعمدت الولاياتالمتحدةالأمريكية تسريب شريط يصور إعدام صدام، مرفوقا بسب وشتم من قبل أنصار للتيار الصدري في لحظات إعدامه الأخيرة، في محاولة واضحة من الولاياتالمتحدةالأمريكية لتأجيج الخلافات وتغذية الأحقاد بين أبناء الجلدة الواحدة، وكان نتيجة هذه الفتنة، مجازر ومعارك بين العراقيين حصدت أرواح الآلاف، واستعملتها أيضا واشنطن لتصفية العديد من المعارضين لوجودها في خضم اختلاط القتلى والمعارك، كما أن هذه الفتنة العراقية فسحت المجال للولايات المتحدةالأمريكية للتفرغ لاستغلال ثروات ونفط العراق بهدوء، وتحسين صورتها أيضا باستخدام الإعلام على أساس أنها تسعى إلى التهدئة ووقف الفتنة• كما أن الولاياتالمتحدة استخدمت قنوات خاصة ناطقة بكل اللغات، ولاسيما العربية، يسيرها إعلاميون عسكريون أمريكيون، لتحسين صورتها وتزييف الحقائق والتعتيم على الجرائم التي تمارسها قوات الاحتلال في مدن العراق، وخاصة مدينة الفلوجة•••وهذا حسب تصريحات لخبراء عسكريون أمريكيون في الأيام القليلة الماضية، وليس هذا فحسب، بل تعدت ذلك إلى الضغط على وسائل الإعلام العربية، وتوجيهها وفقا لما يخدم استراتيجياتها، وهذا من خلال التحكم في تمويلها• ومن ناحية أخرى، فإن الإعلام العربي استطاع في السنوات الأخيرة أيضا إثبات وجوده، إذا ما قورن مع الفترات السابقة التي كان يسيطر فيها الإعلام الغربي على الرأي العام العالمي، فيختار الأخبار والصور التي تخدم استراتيجياته، ويتكتم عن الكثير من الجرائم، فوجود بعض وسائل الإعلام المستقلة استطاعت نوعا ما مواجهة الإعلام الغربي، عن طريق نشر خروقات إسرائيل مثلا، وهذا ما لاحظناه خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان، حيث نقلت وسائل الإعلام العربية الصور وبشاعة الجرائم الإسرائيلية في البقاع وقانا اللبنانيتين إلى كل العالم، كما تعمل اليوم على نشر كافة أساليب الظغوطات على الدول العربية في محاولة لخلق توازن مع الإعلام الغربي وإيصال الحقائق إلى الرأي العام، وإن كان ثمن ذلك أرواح العديد من الصحفيين، الذين سقطوا برصاص الاحتلال الأجنبي، لا سيما في العراق، الذي سجل أكبر عدد من القتلى في صفوف الصحفيين، ولكن رغم ذلك، لازال الإعلام العربي يعاني العديد من العوائق، أبرزها التمويل، فمن يتحكم في التمويل يسير توجه وسيلة الإعلام ويرسم خطها، بالإضافة إلى المضايقات التي تتعرض لها العديد من وسائل الإعلام من قبل الحكومات العربية، سواء بظغوطات خارجية أو لأسباب داخلية، تتعلق بتهديدها لبقائها في الحكم، ولعل أبرز ما استخدمته هذه الحكومات، هو المتابعة القضائية للعديد من الصحف والصحفيين، وفرض غرامات مالية خيالية على العديد من وسائل الإعلام، التي انتهت بغلق عدة وسائل للإعلام، وهو المصير الذي عرفته عدة صحف خلال 2007 و2008 في عدة دول عربية، أبرزها مصر والمغرب واليمن••• •