زيامة منصورية أو "شوبا منيبيوم" - كما كانت تسمى قديما - والواقعة غرب عاصمة جيجل بحوالي 40 كلم، تعتبر من بين أنظف المدن الجزائرية ومن أجملها سيما وأنها تتوفر على الكهوف العجيبة وحضارة "تازة" المليئة بالغرائب والعجائب ومغارة الباز وغيرها، إضافة إلى شواطئ ساحرة ألهمت شعراء وأمراء ورؤساء دول زاروا كورنيش جيجل، كشواطئ الولجة، التربة الحمراء ميمش، تزعطوط بقمرون وغيرها• يقصدها لآلاف من عشاق الكورنيش صيفا لقضاء عطلتهم رغم ارتفاع أسعار الكراء التي تتراوح بين 2500 و3500 دج لليوم الواحد، حيث سجلنا توافدا كبيرا هذا الموسم حيث اكتظت الشواطئ نهارا والمدينة ليلا، ومن بين المناطق التي يتردد عليها الزوار كثيرا وحتى العائلات الزيامية، جزيرة صغيرة تسمى "الجبيلة" كانت لها طقوسها عند سكان المنطقة قديما والتي تم ربطها مؤخرا بميناء الصيد البحري، حيث أصبح الزائر ينتقل إليها مباشرة من الميناء، وقد كانت إلى وقت غير بعيد تعج بالعشاق ووكرا من أوكار الرذيلة وتناول المخدرات وغيرها، إلا أن السلطات المحلية قامت بتطهيرها وتهيئتها وإنجاز مقاعد وطاولات اسمنتية تسمح للعائلات التي تقصدها بتناول وجبات الغداء والتمتع بالعين الطبيعية الموجود بها، ويقصدها المسافرون والزائرون، وكل العابرين للطريق الوطني رقم 43 الرابط بين جيجلوبجاية• وفي الفترة المسائية يشهد ميناء الصيد توافدا كبيرا للعائلات للسمر حيث يعتبر المكان المفضل للكل، نظرا لهدوئه ونسماته العليلة، ومكانه الجميل المتصل بالبحر• ويزيد من نكهة السمر والسهر منظر الصيادين وهم يعودون من رحلة صيد شاقة وهم يسحبون شباكتهم المليئة بالسمك• ومن جهة أخرى تلاحظ شبابا قد نصبوا المشواة تلو الأخرى لشواء السردين، حيث تكتمل متعة ولذة العائلات بتناول "لافرياد" أو السمك المشوي على الجمر في الهواء الطلق• وتتواصل ليالي السمر والسهر مع طقوس البحر وكل وحديثه مع عائلته أو أقاربه•• كل هذا في جو عائلي وأخوي إلى غاية ساعات متأخرة من الليل• بنايات زيامة منصورية شيدت على أنقاض المدينة الأثرية "شوبا" لايزال موقع" شوبا" منيبيوم أو المدينة الرومانية يشكل موروثا تاريخيا لولاية جيجل وسكان زيامة منصورية الذين ينامون على أطلال هذه المدينة الأثرية التي دق بشأنها الباحثون ناقوس الخطر، وطالبوا السلطات المحلية والمركزية بتوقيف عملية البناء والتعمير في الموقع ومحيطه وتنظيفه وتهيئته ووضع إشارات لجلب الزوار إليه وجمع اللقى الأثرية في مكان آمن وإإنشاء جمعية تهتم بآثار الموقع وهذا في آخر ملتقي لهم سنة 2005• ورغم كل هذا فإن البناءات الفوضوية جعلت العديد من القطع الأثرية تتعرض للتخريب والاندثار، سيما بمكان الموقع الموجود بحي "أزيرو"، حيث يقع مركز التكوين المهني الذي تم إنشاؤه سنة 1985 واكتشاف حقيقي للكنز المدفون ببلدية زيامة منصورية الساحلية الواقعة غرب عاصمة الكورنيش بحوالي 40 كلم، وقد تم اكتشاف خلال الأشغال قاعة مستطيلة أرضية مغطاة بفسيفساء قياساتها تقدر ب 3.05 متر و2.20 مترا• وتفيد الدراسات التاريخية بأن موقع شوبا اكتشف لأول مرة سنة 1850 من قبل مفرزة تابعة للحملة الفرنسية التي كان يقودها الجينرال "سانت أرنو" ببلاد القبائل، حيث اكتشف مرافقه وهو طبيب حمامات عمومية، سور المدينة والمقبرة وبناية رومانية استغلت في الخمسينيات من القرن ال 19 وفيها عمّر المعمر "بوست" الذي عاش بمدينة شوبا سنة 1911 وفيها عثر على فسيفساء ميتولوجية تجسد حفلة زفاف "تيتيس وبيلي"• ويرجع المؤرخون والأثريون أصل إنشائها إلى العهد البونيقي وهو أصل اسم "شوبا" أما اسم "زيامة" وهو اسمها اليوم، فهو مشتق من اسم قبلية"زيميز "المذكورة في النقش الكتابي الذي يرجع إلى سنة 128م• وما يشير إلى تسمية المدينة الرومانية ما حدث على ترابها الممتد إلى الحقب البعيدة، إذ ساهمت شوبا في صناعة الحضارة ببلدان البحر المتوسط التي تقع حوله معظم مدن العالم قديما وحديثا، وقد اهتم الرومان بتحصين المدينة وأن الآثار الموجودة بالرابطة بمدينة جيجل تعتبر ثانوية إذ ما قورنت بأطلال شوبا• باي بجاية يقضي عطلته بالمنصورية إن مصادر المؤرخين الفرنسيين وفي مقدمتهم "بوست" يشيرون إلى أن إنشاء مدينة المنصورية القريبة اليوم من شوبا، يرجع الفضل فيه إلى باي بجاية آنذاك المدعو" المنصور" الذي قام بإنجاز حدائق وبناءات فخمة في الجزيرة، بحيث كان يلجأ إليها رفقة زوجته وأولاده، وأتباعه في فصل الصيف للاستجمام والراحة وقضاء العطلة، لكن هذه المنشآت هدمت لاحقا من طرف الإسبان واندثرت أكثر بعد الزلازل الذي ضرب جيجل سنة 1856 والتي صاحبته هزات عنيفة بزيامة منصورية تسببت في انهيار أغلب الآثار والمدن الرومانية• وقد لعب مرسى زيامة منصورية دورا اقتصاديا عندما عمل الذين خلفوا "بربروس" منهم أخوه خير الدين على إنشاء مرسي الجزائر العاصمة في معظمها، وهو ما بين أهمية شوبا في العهد التركي في الجزائر• علي كل هذه شوبا تحكي لنا عن الحضارات المتعاقبة على منطقة زيامة منصورية، وعلينا أن نحافظ على ما تبقى من أطلالها من خلال حمايته، وفتح الأبواب للباحثين والأثريين لاكتشاف أسرار أخرى عن "شوبا" الساحرة التي تنام تحت جبل "البرك" وتتوسط جزيزة المنصورية وزرقة مياه الكورنيش•