يرى متتبعون بأن إصرار المغرب على مطالبة الجزائر بإعادة فتح الحدود من أجل تطبيع العلاقات بين البلدين، دون حرصه على التطرق إلى القضايا العالقة بين الطرفين، من شأنه أن يؤجل مجددا فتح صفحة جديدة بين الجزائر والمغرب. وتعيب السلطات الجزائرية على نظيرتها المغربية، كونها تحصر الخلاف ما بين البلدين في قضية الحدود فقط، ما يعني في تقديرها بأن المغرب يفضل أن يرى القضية من جانب أحادي فقط، مدفوع إلى ذلك بالصعوبات الكبيرة التي يمر بها اقتصادها، بفعل الانعكاسات السلبية التي ترتبت عن قرار الجزائر بغلق حدودها الغربية في العام 94 ، مباشرة عقب تفجيرات مراكش. في حين ترى الجزائر بأن المشكل المطروح بينها وبين المغرب أوسع بكثير مما تراه السلطات المغربية، ولا يقتصر فقط على قضية الحدود، وهي ترى أنه يضم مجموعة من الملفات الشائكة، في مقدمتها التهريب الذي استنزف خيرات وثروات الجزائر، وكذا آفة المخدرات التي يتم تسريبها عبر الحدود الغربية إلى داخل الوطن، إلى جانب تدفقات الهجرة غير الشرعية وتهريب الأسلحة. وكان رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، جد صريح فيما يخص هذا الملف، حينما أكد في حوار أدلى به لوكالة "رويترز، " أن "معالجة مسألة العلاقات الجزائرية - المغربية، لابد أن يتم في إطار نظرة شاملة"، رافضا أن يتم ربط مسألة إعادة فتح الحدود بقضية الصحراء الغربية، التي ترى الجزائر بأنه لا يمكن حلها إلا في إطار الأممالمتحدة، وفي إطار ثنائي بين السلطات المغربية، وجبهة البوليساريو. وتعيش المناطق الشرقية للمغرب حالة من الركود الاقتصادي، منذ حوالي 14 عاما، ويجد الصناعيون المغاربة صعوبات كبيرة في الترويج لمنتوجاتهم بعد أن أغلقت أمام أوجههم السوق الجزائرية. ويعيب المتعاملون الاقتصاديون على الجزائر كونها تلجأ إلى بلدان أجنبية لتزويدها باليد العاملة المختصة في قطاع البناء مثلا، في حين أن المغرب يمكن أن يفي بالغرض بحسبهم، ما يسمح لا محالة بتخفيف حدة البطالة لديه، ويدعم ويدفع العلاقات الاقتصادية ما بين الطرفين، منتقدين بشدة أن لا يتعدى حجم المبادلات بين الطرفين 2 % فحسب. ويرى محللون بأن عدم توصل كل من المغرب والجزائر إلى حل موضوعي لقضية إعادة فتح الحدود ما بينها، قد شجع أكثر انتشار ظاهرة التهريب بشتى أنواعها، بعد أن استغلت جهات غياب تبادلات رسمية وعلنية منظمة في إطار قانوني واضح بين البلدين. علما أن الرسائل المتكررة التي بعث بها الملك محمد السادس إلى رئيس الجمهورية، من أجل تطبيع العلاقات ما بين الطرفين، لم ترافقها إجراءات ملموسة من جانب المغرب، كان بإمكانها أن تدفع بالجزائر إلى إعادة النظر في القضية بجدية، وهو ما يفسر التزامها الصمت أحيانا تجاه تلك الطلبات أو توضيحها لحقيقة الأمر أحيانا أخرى. الأمر الذي جعل الطلبات المتكررة للمغرب لا تجد صدى لدى الجزائر، طالما أنه ينظر للقضية بمنظار براغماتي بحت، ويصر على تجاهل أبعادها الفعلية وتداعياته.