ذهبت أغلب التحليلات الأمنية حول الوضع في الجزائر، المقدمة من طرف محللين غربيين بعد سلسلة الاعتداءات الإرهابية المنفذة الأسبوع المنصرم في البويرة وبومرداس، إلى تصنيف الجزائر "ثالث أنشط ساحة قتال" بعد العراق وأفغانستان، ومنحتها هذه التحليلات تصنيفا سيئا جدا قد تظهر آثاره السلبية خلال أيام فقط. ولكن بعض الدول، على غرار الولاياتالمتحدةالأمريكية لم تنتظر طويلا لتجدد بيانات التحذير لرعاياها وتوصيتهم بالتقليل من تنقلاتهم خارج العاصمة، خاصة بعدما استهدفت العملية الانتحارية المنفذة قرب فندق "صوفي" بالبويرة حافلة لنقل عمال شركة "أس أن سي لافالان" الكندية خلفت 12 ضحية، وهو ما تسعى الجماعة السلفية للدعوة والقتال من خلال بيانات إلى أن المصالح الأجنبية تبقى من بين أهدافها. وعن تحليلات بعض الغربيين، منهم، جيف بورتر، المحلل في مجموعة "يوراسيا" لدراسة المخاطر السياسية (مقرها واشنطن)، تضمنت أن الهجوم الأخير في الجزائر المنفذ من طرف الجماعات الإرهابية "تذكرة موجعة بأن الجزائر مازالت ثالث أنشط ساحة قتال للقاعدة بعد العراق وأفغانستان". وأضاف المحلل بأن "الهدف يشبه أساليب استخدمتها القاعدة في العراق". وذهب المصدر في تحليلاته التي نقلتها وكالة "رويترز" أمس، الى أن العمليات الإرهابية في العراق وتشابهها يمكن أن تشير الى أن "المعلومات (المتعلقة بالاستراتيجيات والتكتيكات على حد سواء) يجري تبادلها داخل الحركة السلفية الجهادية العالمية." وهو ما قد يعني وجود تنسيق بين هذه الجماعات يظهر جليا من خلال تنفيذها العمليات الانتحارية. ونقلت أن التفجير الانتحاري الذي استهدف شبابا كانوا يتأهبون للالتحاق بصف الدرك الوطني يعيد الى الأذهان هجمات تنظيم القاعدة في العراق التي كانت تستهدف مراكز تجنيد قوات الأمن. من جهة أخرى، كتبت الصحيفة الأمريكية " كريستيان ساين مونيتور" في تقرير لها عن وجود تحول استراتيجي في نهج المقاتلين في شمال إفريقيا. وأضافت أن التفجيرات الانتحارية في الجزائر التي نسبت الى "القاعدة" تشبه إلى حد كبير أساليب المتمردين في العراق. واعتبرت أن الهجوم الأخير، على عكس معظم ما سبق، استهدف قوات الأمن في نوع من الهجوم أكثر شيوعا في العراق منه في شمال إفريقيا. فيما قال ضياء رشوان، خبير الإرهاب والإسلام السياسي بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية في القاهرة، إن الجزائر أضحت في وضع استثنائي بتعرضها لخمس هجمات في الشهرين الماضيين استهدفت كلها الشرطة وقوات الأمن، وهو ما لم تشهده الجزائر من قبل، حسب نفس المصدر. وفي السياق ذاته، قال روب مورتيمر، مؤرخ للشؤون الجزائرية بكلية "هيفرفورد": "إن الزيادة في العنف تتوافق نوعا ما مع قرار الجماعة السلفية للدعوة والجهاد اتخاذ شكل من أشكال التبعية الدولية بحيث تصبح القاعدة في المغرب الإسلامي". وأضاف "وهم يحصلون على دعم أكثر من الخارج الآن ويرون أنفسهم كجزء من حركة أكبر". وقال إن التركيز على قوات الأمن يعتبر نقطة اختلاف بين الجماعة الإسلامية المسلحة والجماعة السلفية للدعوة والقتال. ودفعت الهجمات الانتحارية الأخيرة التي رفعت من عدد ضحايا الإرهاب في الجزائر في يومين فقط الى أكثر من 56 قتيلا، الى تأكيد بعض المحللين على غرار جيمس مكدوغل، مؤرخ للشؤون الجزائرية بجامعة لندن، على أن التوترات الإجتماعية والسياسية التي شكلت عنف التسعينيات في الجزائر ماتزال قائمة.