= من أبي فراس إلى درويش إلى نزار قباني إلى سميح القاسم ثم أحلام مستغانمي والألماني جونتر جراس•• محطّات شعرية وروائية عبرت صوت جاهدة وهبي خلال مسيرته الفنيّة المتميّزة، فماذا يجمع جاهدة بأولئك المبدعين، وما القاسم المشترك الذي وجدتيه في إبداعاتهم؟ * وجدت فيها القيمة الإنسانيّة••وجدت فيهم "أناي" التي تتّخذ سبيل الأغنية كما اتخذوا هم سبيل الكتابة، لنصل إلى طريق واحد يوصلنا إلى القيمة الإنسانيّة•• لم يختلف الزمن إذن•• إحباطات العرب واحدة وعثراتهم واحدة وإن تعدّدت الطرق الأدبية والموسيقية في وصف ذلك ؟ * الأعمال الإنسانيّة الوجدانيّة، لا تزول بزوال الانتصارات، عندما تغيب قيم الحقّ والعدالة، كما هو حاصل في زمننا هذا، يأتي الفن - خاصة الأغنية الملتزمة بقضايا الشعوب - ليحرّك مشاعر الغضب ويحفز المتلقّي على إعلاء كلمة الحق من جديد••• صحيح ، عندما ندخل معمعة الأحداث ويفتح الحزن علينا نوافذه من كل الاتّجاهات، نصاب بنوع من القنوط واللاأمل، ونتساءل عن جدوى المفردة الموسيقيّة في وقت لا يعترف سوى بالنار، نتساءل عن قدرة الصوت على المجنزرة الإسرائيليّة، نتساءل كيف للفن أن يلين قلوب العرب المتصلّة التي لم تلن حتى بمشاهد الأطفال القتلى والنساء المهانات وصور البطش المتداولة في الفضائيات•• نحن نشكّ في مقدرتنا على التغيير، لكننا نعود بصوتنا المجرّد الذي لا نملك غيره لنقول إننا معنيّون•• بالصوت المجرّد؟ بالمفردة الفنيّة التي ميّعتها مناسبات السقوط العربي؟ ما نفع الصوت في زمن الرصاص سيّدة جاهدة؟ * أحيانا أشكّ في أية مفردة فنيّة أقولها، لكننا محكومون بالأمل على طريقة سعد الله ونّوس، إذا طأطأنا رؤوسنا، يبقى -على الأقل - صوتنا مرفوعا•• لكن ألا تعتقدين أنه حتى تلك المفردة الموسيقية الصادقة، انقسمت على ذاتها، مخلّفة مفردات موسيقية ناشزة على الذوق العام ؟ * صحيح، نحن في زمن الصخب والقرقعة اللاموسيقيّة•• الفن ابن بيئته السياسية والاجتماعية أولا وأخيرا، وإذا كان المواطن العربي يعيش فترة من الصخب الحياتي والهوان السياسي، فكيف تطلب منه أن يستقر موسيقيا على الهدوء والرصانة•• المتتبّع لمسيرة حياة جاهدة الفنيّة يعثر على جوانب لا بأس بها من الثقافة والمعرفة الأدبية والفنية، هل يجب على الفنان أن يكون مثقفا بالضرورة ؟ * لا شكّ•• أعتقد أننا نحتاج إلى ثقافة مستدامة، ثقافة حماية ذاتية إذا ما توجّهنا إلى الآخر•• إذا ماتوجّه الإنسان إلى أخيه الإنسان، نحتاج إلى تحصين الأنا وتقبّل محاسن الآخر، وبما أن الفنان هو صوت بيئته، فهو أولى الناس بالتثقّف••• لا يجب على الفنان أن ينتظر المناسبة لكي يسجّل حضوره فقط• لا أحب المناسباتية، وأعتقد أن الفنان الحقيقي هو الذي يملك فنّا عابرا للمناسبات، هو الذي يملك حصانة من الخطب الجوفاء التي أصبحت تساير كل الإخفاقات السياسية والاجتماعيّة العربية•• كلما ذكرنا جاهد وهبي، نذكر الأغنية الصوفية•• كان للحلاّج وعمر الخيام نصيب في "ريبرتوارك" الفنّي، فماذا تعني لك الأغنية الصوفيّة، وهل استطاعت هذه الأغنية أن تؤسس البديل الملتزم، فنيا على الأقل ؟ * قد يكون لجوئي إلى الأغنية الصوفية هو هروب شخصي من واقع ملوّث إلى محيط روحي نظيف، أستطيع أن أتنفّس فيه بشكل أفضل، عندما أغني الأناشيد الصوفية أنأى عن التلوّث الفني والصخب الموسيقي الذي تتفنّن ظواهر هذا العصر بتجسيده•• عندما نلجأ إلى النشيد الصوفي فإننا نلجأ إلى إنسانيّتنا ونرقى إلى مستوى يقرّبنا من الآخر، إلى درجة أنك ترى الآخر نسخة مطابقة عنك، بالغناء الصوفي تجنح إلى خوض الأسئلة الوجوديّة، أسئلة الكينونة وسببيّة الخلق•• عذرا على تطفّل هذا السؤال•• لكن على ذكرك للتلوّث الفني، هل تنزعجين ممن يربطون صلة قرابة بينك وبين هيفاء وهبي؟ * /تضحك/ معاذ الله أن تكون قريبتي، أو على صلة فنيّة بي أنا أصلا أريد أن أنأى عن شبهة الغناء، وهم يلصقون بي تهمة "الهيفاويّة" !! ما لي ومال هيفاء، هي اختارت طريقها وأظن أنها ناجحة فيه، وأنا اخترت طريقي وأجزم أني مقتنعة به في كل زمن كان هناك الغناء الملتزم والجاد من جهة والأغاني الخفيفة والسطحية من جهة أخرى، لكن هذا الزمن كثرت فيه أغاني "الفاست فود" و"الهشتك بشتك" والبركة في شركات الإنتاج التجاريّة والفضائيات• سمعنا عن جديد يجمعك مع الأديبة الجزائريّة أحلام مستغانمي ؟ * أجل، هناك عمل جديد سيفرج عنه بعد شهرين على أكثر تقدير يجمعني مع الأديبة الجزائريّة أحلام مستغانمي، يتمّل في كتاب وسي دي، سيكون مفاجأة في الساحة الأدبية والفنية العربية هل لنا أن نعرف عنوان المفاجأة ؟ * لن أفصح عن العنوان، بطلب من الصديقة أحلام، لكن أعلمك أيضا أني أعدّ مع أحلام مفاجأة من الوزن الثقيل سيكشف عنها في وقتها•• كما أني بصدد تحضير سي دي، مع شعراء عرب من مختلف البلدان العربيّة بما فيهم شعراء من الجزائر ؟ * أتمنى ذلك، أنا لا أعرف - للأسف - شعراء من الجزائر، لكني أعرف روائيين جيّدين.