تعهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ب"إقامة آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات"، وأن يتضمنها تعديل الدستور الذي قال إنه "سيتم الإعلان عنه عما قريب". وانتقد بشدة "تخويف الشعب والتشكيك في قدراته وهز ثقته في قيادته وأطره"، يقصد ضمنيا المعارضة التي تتوقع مستقبلا أسود بسبب الأزمة المالية التي خلفها شح الموارد. قال بوتفليقة، في رسالة نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية، أمس، بمناسبة مرور 61 سنة على ثورة نوفمبر، إن "تنشيط المؤسسات الدستورية المنوطة بالمراقبة وإقامة آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات، سيكون من بين ما يجسد الرغبة في تأكيد الشفافية وضمانها، في كل ما يتعلق بكبريات الرهانات الاقتصادية والقانونية والسياسية في الحياة الوطنية". جاء ذلك في جزء من الرسالة، التي تناولت مراجعة الدستور الجاري الحديث عنها منذ سنوات. وذكر بوتفليقة، بخصوص هذا المسعى، أن مشروعه "يتطلع إلى تعزيز الوحدة الوطنية حول تاريخنا، وحول هويتنا، وحول قيمنا الروحية الحضارية". ويقدم الرئيس، في الرسالة، أفكارا حول تعديل الدستور متداولة منذ الإعلان عن مشروع التعديلات في ماي 2014، إذ يقول: "سيأتي مشروع التعديل هذا، بضمانات جديدة، من أجل تعزيز احترام حقوق المواطنين وحرياتهم وكذا استقلالية العدالة. ونفس المقاربة هذه، تحذو تعميق الفصل بين السلطات وتكاملها، وفي الوقت نفسه إمداد المعارضة البرلمانية بالوسائل التي تمكنها من أداء دور أكثر فاعلية، بما في ذلك إخطار المجلس الدستوري". وأضافت الرسالة: "قصارى القول، سيكون تنشيط المؤسسات الدستورية المنوطة بالمراقبة وإقامة آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات، من بين ما يجسد الرغبة في تأكيد الشفافية وضمانها، في كل ما يتعلق بكبريات الرهانات الاقتصادية والقانونية والسياسية في الحياة الوطنية". ولأول مرة يتحدث الرئيس عن استحداث آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات، وبذلك فهو ينزل، نظريا، عند رغبة المعارضة (أو جزء منها)، التي طالبت بسحب تنظيم الانتخابات من وزارة الداخلية كضمانة لنزاهتها، على أن تعهد العملية لهيئة من الشخصيات الوطنية المشهود لها بالاستقامة والنظافة. ولقي المطلب رفضا قاطعا من طرف الحكومة وأحزاب "الموالاة". غير أن الرئيس لم يوضح، وهو يقدم هذا التعهد، إن كان سيلغي دور الداخلية في تنظيم الانتخابات. وعبرت الرسالة عن "أمل الرئيس في أن تسهم مراجعة الدستور في تعزيز دعائم ديمقراطية هادئة في سائر المجالات، وفي مزيد من تفتح طاقات الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين في البلاد، في خدمة مصالح الشعب". وباستثناء تعديل المادة 74 (من جديد)، المعلن عنها في مشروع التعديلات، عن طريق تحديد الترشح للرئاسة بفترتين، لا تتضمن التعديلات آليات أخرى لممارسة الديمقراطية. وهاجم بوتفليقة، ضمنيا، المعارضة أو ربما قطاعا من الإعلام، وكل الذين يرون أن حكومته عاجزة عن مواجهة أزمة سعر النفط، إذ قال: "أهيب بالجزائريين والجزائريات، أن يدركوا ويعوا رهانات المرحلة وعدم الارتباك أمام التحديات، التي كثيرا ما يجري تهويلها، لتخويف الشعب". وأكد على "عزم الحكومة مواصلة مجهود التنمية، بالرغم من أزمة المحروقات العالمية التي كلفتنا نصف إيراداتنا الخارجية، وهي الأزمة التي قد تدوم مدة من الزمن بسبب جملة من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية". وذكرت الرسالة أن الرئيس "متيقن بأن الشعب الجزائري، المتمرس على مقارعة الخطوب ومواجهة التحديات، سيتجاوز المرحلة الحالية الحبلى بالأزمات، مرتكزا في ذلك على ما جبل عليه من صبر وثبات، ومن حبه للوطن، والدفاع عن مقدساته ومقدراته، والذود عن حرية وسيادة قراره، مهما اشتد الظرف وعظم الخطب". وهي دعوة للجزائريين لمساندة الرئيس وحكومته في مواجهة شح ريوع النفط والاضطرابات في بعض بلدان الجوار، التي تشكل خطرا على أمن الجزائر. وقدم الرئيس ما يشبه حصيلة جزئية عن سنوات حكمه، فقال إن "أزمة السكن تراجعت بملايين الوحدات السكنية، واستلمت المنظومة التربوية أكثر من 3000 إكمالية وثانوية، بينما أخذت الجامعات تستقبل ما يفوق المليون ونصف المليون طالب وطالبة. كما انحسرت البطالة، وتضاعف الاستثمار الاقتصادي، وإن لم يبلغ المستوى المأمول. تلكم هي بعض الأمثلة مما أنجزته الجزائر منذ 1999".