تحاشى محمد روراوة تقديم ملف ترشحه لعضوية مجلس الاتحادية الدولية لكرة القدم، الذي يقترح منصبين إضافيين للقارة السمراء، منذ اتخاذ قرار تحويل المكتب التنفيذي للهيئة الكروية الدولية إلى مجلس موسع في إطار الإصلاحات التي باشرتها "الفيفا" منذ "سقوط" رئيسها السابق جوزيف سيب بلاتير واعتلاء جياني أنفانتينو كرسي الرئاسة. لم يرد اسم رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم ضمن قائمة المرشحين عن القارة السمراء، من أجل الفوز بعضوية ضمن مجلس "الفيفا"، ولم يتحدث روراوة شخصيا أو عن طريق "قنواته" من المقربين منه عن نيته في العودة إلى الهيئة الكروية الدولية التي غادرها مرغما قبل سنتين، بعد خلافه مع رئيس "الكاف" عيسى حياتو، وبرر روراوة وقتها عدم تجديد ترشحه لعضوية "الفيفا" التي فاز بها في 2011 بالسودان وانتهت في 2015، لكون العهدة الجديدة (في انتخابات 2015) لا تقترح أربع سنوات كمدة، إنما سنتين اثنتين فقط، وهو ما اعتبره روراوة غير محفز له لخوض "معترك" الحملة الانتخابية، ثم الصندوق من أجل نصف مدة عهدته الأولى. وسبق للكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم الإعلان عن انطلاق إيداع ملفات الترشيحات لعضوية مجلس "الفيفا" يوم أول جوان المنصرم لمدة شهر كامل، وانتهت المهلة بنهاية ذات الشهر، أي قبل ثلاثة أشهر عن موعد عقد الجمعية العامة للانتخابات الجزئية لعضوية "الفيفا" مثلما تنص عليه القوانين، وهو الموعد المقرر يوم 29 سبتمبر الجاري بالقاهرة، غير أن رئيس "الفاف" تحاشى لفت انتباه الإعلام الجزائري حتى لا يخوض في حيثيات الموضوع، كون ذلك يسبب له إحراجا، من باب أن عدم ترشحه، للمرة الثانية، يعتبر مؤشرا واضحا على أن روراوة خسر نفوذه على مستوى "الكاف"، وهو يدرك اليوم أن خلافه مع الرئيس عيسى حياتو يجعل كل أعضاء الجمعية العامة ل«الكاف" ضده لكسب ولاء الكامروني. اعتماد "الفيفا" لاختبار النزاهة يحرج روراوة واللافت للانتباه أن المقعدين الجديدين للأفارقة على مستوى مجلس "الفيفا" لا يضمنان عهدة بأربع سنوات، إنما يتعلق الأمر، مع بداية الصيغة الجديدة، بفترة انتقالية تقل مدتها عن العهدة التي رفض روراوة الترشح لها والمقدرة بسنتين فقط، حيث تم تحديد الفترة الانتقالية للعضوين الجديدين بستة أشهر فقط، حيث تنطلق يوم 30 سبتمبر 2016 وتنتهي يوم 16 مارس 2017، وهي مدة جعلت العديد من رؤساء الاتحادات الإفريقية يحجمون عن الترشح، على غرار رئيس اتحادية كوت ديفوار لكرة القدم، الذي قرر انتظار مارس 2014 للترشح لعهدة بأربع سنوات كاملة، ما يجعل من إمكانية "رفض" روراوة الترشح للمرة الثانية، ذات علاقة مباشرة بالمدة القصيرة المقدرة بستة أشهر. ويحمل عدم ترشح روراوة قراءة أخرى، بالنظر إلى الإجراءات الجديدة الصارمة ل«الفيفا" في طبعة أنفانتينو، حيث أقرت الهيئة الكروية الدولية إخضاع أي مترشح لعضوية مجلسها إلى "اختبار النزاهة" لقبول ملف ترشحه من عدمه، وهو الاختبار الذي قد يفضح عدة مترشحين في حال ثبوت تورطهم، بأي شكل من الأشكال، في قضايا تتعلق بالتمييز أو الإقصاء أو العنصرية، أو كانوا عرضة لعقوبات تصل مدتها الخمس سنوات من مختلف الهيئات الكروية. لم يستبعد مصدرنا أن يلجأ ممثلو "الفيفا" الذين يخضعون المترشحين لاختبار النزاهة إلى مواجهة أي مترشح بجملة من الاتهامات التي طالته حتى إعلاميا، وهو موقف قد يحرج محمد روراوة كثيرا، كون رئيس "الفاف" وجد نفسه عرضة لانتقادات الأفارقة بسبب ما وصفوه بالعنصرية حين أقر إلغاء انتداب الأجانب للبطولة الجزائرية، كما أن روراوة الذي اقترح على الجمعية العامة ل«الكاف" قبل ثلاث سنوات اعتماد قانون جديد بشأن الترشح لرئاسة الهيئة الكروية القارية، يحمل في طياته بوادر التمييز كونه يمنع على أي مترشح فاقد لعضوية "حالية أو سابقة" كمنتخب للمكتب التنفيذي ل«الكاف" من الترشح. "الكاف" تلغي قوانين "التمييز والإقصاء" لرئيس "الفاف" على صعيد آخر، فإن موعد القاهرة نهاية سبتمبر الجاري سيشهد عقد المكتب التنفيذي ل"الكاف" اجتماعه يوم 27 من الشهر ذاته، قبل يومين عن موعد إجراء الانتخابات الجزئية لعضوية "الفيفا" وعلى موعد اعتماد التعديلات للقوانين الجديدة للاتحادية الدولية لكرة القدم والتكيف معها. ومن المقرر، حسب مصدر عليم، أن يتم عرض قوانين جديدة على أعضاء الجمعية العامة، تلغي قوانين سابقة تم اعتمادها من طرف الهيئة القارية بناء على مقترحات من رئيس الاتحادية الجزائرية نفسه، كون تعديلات "الفيفا" ترتكز أساسا على نبذ العنصرية والتمييز والإقصاء، وهو ما تتضمنه قوانين "الكاف" منذ بضع سنوات ووجب اليوم "التخلص" منها من أجل التأكيد على الشفافية والديمقراطية. ومن بين القوانين المقترحة للتعديل والإلغاء، ما تعلق بجعل أحقية الترشح لرئاسة "الكاف" للأعضاء الحاليين أو السابقين المنتخبين ضمن المكتب التنفيذي ل«الكاف"، وهو قرار تنظر إليه "الفيفا"، اليوم، منذ سقوط بلاتير وما تبعه من فضائح، بأنه تمييز بين الأعضاء. ويهدف الرئيس الجديد ل«الفيفا"، في إطار الإصلاحات الشاملة، لتغيير أي قرار يرمي في طياته إلى التمييز والإقصاء، ما يفسر اليوم حرص حياتو على التكيف مع تعديلات "الفيفا"، من خلال إلغاء القرار المتخذ سنة 2013 في مؤتمر السيشل من طرف أعضاء الجمعية العامة، على ضوء مقترح من رئيس "الفاف"، الذي أراد وقتها "خدمة" حياتو من خلال غلق الباب أمام منافسه العنيد، الإيفواري جاك برنار أنوما، وتحييده بمشروع قانون يغذي التمييز ويضمن به بقاء الكامروني ملك إفريقيا. وتعتزم "الكاف" أيضا "إسقاط" قانون صادقت عليه في مؤتمرها بساو باولو بالبرازيل سنة 2014، وينص على اعتماد سياسة "الكوطات" بشأن تمثيل إفريقيا في المكتب التنفيذي ل«الفيفا"، وهو الاقتراح الذي تم "إلصاقه" بروراوة بصفته رئيس اللجنة القانونية ل«الكاف"، من باب أن روراوة هو الذي تولى قراءة المقترح والدفاع عنه أمام أعضاء الجمعية العامة، وهو قانون مبني على التمييز كونه يدعو إلى توزيع مناصب العضوية بين الأفارقة على مستوى "الفيفا" على أساس اللغة. وبما أن إصلاحات "الفيفا" تجعل من "قانون روراوة" منافيا لمبدأ الشفافية والديمقراطية، فإن "الكاف" تحرص على "التبرؤ" منه ومن صاحبه، من خلال إلغائه رسميا بداية من 29 سبتمبر الجاري، حتى يتم السماح لأي عضو من إفريقيا بالترشح لمجلس "الفيفا" دون أي قيد أو شرط مبني على أساس التمييز والإقصاء.