الحسرة تهيمن على حياة الأولياء والنسيان أمر صعب . طائرة ورقية تفقده عينه ورضيعة تطهى في قدر خاص بالولائم تعتبر الحيطة والمتابعة والتفقد من بين أهم العوامل التي ينبغي على الوالدين توليها، والتحضير لها، خلال اتخاذهما قرار تكوين أسرة، هذه الأخيرة التي تتطلب الكثير من الاهتمام، خاصة إذا تعلق الامر برعاية الأبناء والحرص عليهم في مختلف شؤون حياتهم، إلا أنه وللأسف الشديد، كثيرا ما نسمع عن حوادث تثير الدهشة تعرض لها بعض الأطفال، والتي تختلف تأثيراتها باختلاف الحالات، حيث يتعرض الكثير من الأطفال لحوادث شتى بشكل يومي تقريبا، في غفلة الأهل حينا وأحيانا كثيرة في يقظتهم، حيث تعتبر هذه الحوادث ضريبة إهمال، أو حب اكتشاف الأطفال اللا محدود، وما يؤسف له هو فقدان الكثير لأطفالهم جراء تلك الحوادث، فأطفال يموتون أو يعاقون بسبب حوادث تجري أحداثها في المنازل أو الطرقات والأماكن العامة، لتتراوح خطورة هذه الحوادث ما بين بسيطة وجد خطيرة إلى قاتلة إعداد الزهراء ريف مريم شرايطية اقتربت السياسي من بعض الأسر للدردشة حول هذه الظاهرة، التي يتجاهل الكثير خطورتها، فحوادث الأطفال خطر يتربص بالطفل منذ ولادته إلى مراحل طفولته، التي تنتعش بأنواع من الحوادث سواء تعلق الأمر بالسقوط إلى ابتلاع واستنشاق أشياء غريبة، إلى الاقتراب من أشياء خطيرة، فقد روى لنا الكثير عن تجاربهم الشخصية مع حوادث الأطفال التي جعلتنا نستغرب ونندهش، لتفاصيل ومجريات هذه الحوادث، ومن كثرتها ارتأينا نقل أهمها لتكون عبرة لقرائنا، إذ تراوحت مجريات الأحداث التي رواها لنا الأهل والأقارب بين الإهمال، الإغفال، ورمي الثقل على قضاء الله وقدره إستنشق المادة اللاصقة فأفقدته الحياة نبيل ش البالغ من العمر 12 ربيعا، والذي يقطن ببلدية العونة، المتواجدة بولاية جيجل، فقده والداه نتيجة إهمال، ربما لم تدم قصته طويلا، إذ وفي غفلة عائلته بينما كان يلعب خارج المنزل، لم ينتبه والداه لاختفائه طوال النهار، ومع حلول الظلام اتضح تغيب الطفل عن المنزل أكثر، فبعد محاولات الأهل والأقارب في البحث عنه لعدة ساعات، لم يتبين لهم أثره إلى غاية اليوم الموالي، حيث عثر عليه ميتا في إحدى المناطق المنعزلة، والتي لا تبعد كثيرا عن منزله إذ اصطحبته شلة من المنحرفين تكبره سنا، فرافق الطفل هؤلاء الفتية في غفلة أهله وأقاربه، وبعد الوصول إلى ذاك المكان المشبوه، بدأ المنحرفون في استنشاق المادة اللاصقة عبر الكيس البلاستيكي، كما منحوا الطفل البالغ من العمر 12 ربيعا جرعة مضاعفة من الغراء، كانت كافية بجعله يفارق الحياة، وقد وجدته عائلته ملقى تحت الكورنيش، مما حطم قلب والداه من الحسرة على غفلتهم أثناء الحادثة، التي أفقدتهما ابن في ريعان طفولته، وفي غفلة ربما استغل البعض براءته التي دفع من خلالها ثمن حياته أرجوحة تخنقها ووالديها في خبر كان؟ هي حادثة اقشعرت لها الأبدان، دارت تفاصيلها بحي كوريفة الرشيد بالحراش، حيث أقدمت طفلة ذات 12 سنة من الحي، وبعد عودتها من المدرسة، خرجت إلى فناء المنزل للّعب بالأرجوحة مع أخيها صاحب الأربع سنوات، وبعد مدة وهي على الأرجوحة، دخل الطفل مسرعا على والديها ليخبرهما ان أخته عالقة في الأرجوحة، إلا أن والديه ولانشغالهما، أخبراه أنه تستطيع تحرير نفسها كالمعتاد، وأنها كبيرة وتستطيع تدبر أمرها، ثم علقت الوالدة نتوما إذا رحت للقبر تتبعوني، تعبيرا عن تعبها من رعاية الولدين، وبعد مضي أكثر من نصف ساعة على تبليغ الابن، وفراغ الوالدين من انشغالهما، خرجا ليتفقدا الابنة التي لم يظهر لها أي تصرف ملفت عقب كلام الابن، ليقعوا على مشهد مروع، جعل الحسرة في قلبيهما قائمة على الدوام، حيث شاهدا ابنتهما معلقة في حبل الأرجوحة، والحبل ملفوف حول رقبتها، وهي جثة هامدة زرقاء اللون، ذات عينين جاحظتين، وقد فارقت الحياة وهي تنتظر هروع والديها لنجدتها دون فائدة، ليبقى عدم قيام الوالدين لاستطلاع خبر ابنهما حسرة لن ترافقهما وجمرة في قلبيهما، لن تطفئها جبال المحيط المتجمد الجليدية طائرة ورقية تحرمه من نعمة البصر بإحدى عينيه أما عبد الرؤوفش البالغ من العمر أربع سنوات، فقد أصيب بالعمى على مستوى عينه اليمنى، نتيجة تهور أخيه الذي يكبره بست سنوات، حينما كان يصنع طائرة ورقية ليلعب بها، لكنه لم يكتفي بالورق للعب فحسب، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حينما أقدم على وضع دبوز تستعمله أمه في شد خمارها، على مقدمة الطائرة، فصنع الولد الطائرة الورقية ووضع لها دبوز في المقدمة وأخذ يوجه بطائرته على الأسوار والهواء والجدران وفي كل الأمكنة عموما، وعن طريق الصدفة اكتشفت الأم تصرف الابن، فنزعت له ما كان بيده ولكن الولد أعاد صنع الطائرة مجددا، خاصة وأنه وجد خارجا دبوزا مرميا على الارض، فعاد للعب به، لكن وقع ما لم يكن في الحسبان هذه المرة حينما أقدم الولد على توجيه الطائرة صوب الجدران فإذا بالدبوز يتجه مباشرة إلى عين أخيه الذي يصغره بست سنوات، فيما لم تكتشف الأم إصابة الولد إلا في اليوم التالي، بعد أن أخذت عين الصبي تشتد بياضا، وعند نقله إلى المستشفى أكد الأطباء بولاية جيجل أن حالته خطيرة وتستدعي نقله إلى العاصمة، وبعد أن أرهقتهم التنقلات بين المستشفيات، والأقسام أكد لهم المختصون أنه قد فات الأوان وأن عبد الرؤوف قد فقد عينه كلية انشغلت أمها في عرس فسقطت لتطهى في قدر روت لنا إحدى المواطنات تجربة حدثت لأحد أقربائها، فعندما كان الكل متواجد في حفل الزفاف، وبينما كان الكل يتأهب لقدوم العروس، وضعت أم رضيعتها التي تبلغ عامين من عمرها في المطبخ، وبالتحديد في مكان تحضير الأكل وغسل الأواني، بالقرب من الموقد وأخذت تطعم الرضيعة، وبينما هي كذلك سمعت الزغاريد تتعالى، والكل يردد قدمت العروس، فتركت الأم رضيعتها وذهبت لبرهة، وفور عودتها إلى المكان الذي تركت فيه ابنتها تفاجأت حينما لم تجد الرضيعة، فظنت أنها متواجدة بأحد الأمكنة هنا أو هناك، فأخذ الكل يبحث عن الرضيعة الضائعة في جل الأمكنة والتي لم يتبين لها أثر رغم محاولات الكل في البحث عنها والتي باءت بالفشل، وقد كانت طريقة العثور على الرضيعة من أغرب وأبشع ما يكون، فمن باب الصدفة حينما أقدمت الطباخة على تحريك قدر كبير من الحساء كان بصدد الغليان، وإذا بحذاء الرضيعة يطفوا على السطح، فكانت الفاجعة عندما علم الكل أن الرضيعة سقطت بداخل القدر، وبدأت في النضوج إلى جانب قطع اللحم الأخرى، إلى درجة أن جسدها تعرض لحروق بليغة، فارقت على إثرها الحياة شرارة كهربائية تشل يدها اليسرى البراءة، هي الضحية الوحيدة خلف هذه الحوادث التي يصر بعض الآباء على نسبها إلى القضاء والقدر، متجاهلين مسؤوليتهم التامة، في حماية أبنائهم، وتعليمهم كيفية التعامل مع المحيط الخارجي، وقد كانت قصة سهام، من بين كثير من القصص المؤثرة، حيث فقدت هذه الأخيرة يدها اليسرى، وعمرها لا يتجاوز الثلاث سنوات، حيث كانت تلعب بالمنزل في غرفة الجلوس التي تعرضت كابلاتها الكهربائية إلى الاهتراء، وباتت دون غطاء، ودون أن يهتم الوالدان بتغطيتها بمادة عازلة إلى حين إصلاحها، وفي ذات الوقت نامت الأم في فترة القيلولة، لتترك ابنتها تجول داخل الغرفة معتقدة أنه لا وجود لأي خطر عليها، لتستفيق وابنتها مغمى عليها بجوار توصيلات الكهرباء، نتيجة الصدمة الكهربائية العنيفة التي تعرضت لها، حيث نقلت على جناح السرعة إلى المستشفى، إلا أن الطبيب وبعد محاولاته الحثيثة، أخبر العائلة ان طول المدة التي تعرضت فيها للكهرباء أدّى إلى التسبب في شل يدها اليسرى بالكامل، داعيا إياهم إلى حمد الله على عدم وفاة الفتاة التي قاومت بشجاعة حتى وصولها إلى المشفى، لتحصل سهام مؤخرا وهي ذات 10سنوات، على يد اصطناعية، تنوب عن يدها الحقيقية في أداء مهامها المعلمين أيضا يتحملون جانبا من المسؤولية تعتبر حادثة الطفل حسين التي تعرض لها بإحدى مدارس العاصمة، في سنوات الثمانينات من القرن الماضي، من الذكريات التي لا تفارقه، ذلك أن حسين قد تعرض إلى اعتداء من طرف معلمته، سامحها والده عليه، فيما لم يستطع حسين مسامحتها إلى اليوم، حيث تعرض هذا الأخير إلى تشوه في أنفه، بسبب إقدام معلمته خلال خروجه إلى دورة المياه على ضربه فوق رأسه بشدة، ظنا منها أنه يلعب بالماء، مما أسفر عن دخول أنفه وجزء من فمه في ماسورة المياه، وتسبب له بشق كبير في وجهه نقل على أثره إلى المستشفى، حيث تم إجراء ثلاث عمليات جراحية له، حتى شفاءه، لتبقى الندبة في وجهه شاهدة على تهور إحدى المعلمات وإجحافها في حق تلميذها، إلا ان والده وبعد خروجه سالما من المستشفى قرر مسامحة المعلمة، التي وعدت بعدم إعادة الكرّة مع أي تلميذ في المؤسسة وتبقى حوادث الأطفال أكبر عدو يهدّد براءة الأطفال، ويلوث لعبهم خاصة وأن اللعب وحب الاكتشاف والمغامرة، هو أهم ما يميز فترة الطفولة، لكن ما يجعلنا نقف عند هذه الظاهرة هو درجة الإحساس بالمسؤولية، التي تختلف باختلاف الأولياء ذاتهم