إخترنا بعض العائلات التي تفترش العراء من بين العائلات التي زرناها خلال الفترات الماضية، لنرصد عن كثب جانبا من المعاناة التي تطبع اليوميات المتشابهة لعدة عائلات تحيا حياة بدائية وتفتفر إلى أدنى شروط العيش الكريم، في ظل قساوة الظروف التي يوفرها الشارع لقاطنيه من كلا الجنسين ومن مختلف الأعمار، لتكون عينات حية لواقع مزرٍ مرير تتحمل تبعاته فئة من المجتمع الجزائري، هذه الأخيرة تتطلع للحصول على سكن يأويها ويخلصها من شبح التشرد الذي بات مصيرها المجهول. عائلة عباسي.. برد.. خوف وأمراض لخصت عائلة عباسي التي تقطن تحت جسر أولاد يعيش، والتي كنا قد زرناها في وقت سابق معاناتها في ثلاثة مخاطر حصرتها في البرد، الخوف والأمراض، ولسان حال ربة البيت يقول »لقد ذقنا درعا من مرارة العيش في الشارع«، وأفصحت المتحدثة أنهم يعانون من ويلات البرد ليلا ونهارا، مضيفة أن مصدر تدفئتهم أثناء الأيام الممطرة والباردة هو إشعال النار لاستغلالها في التدفئة، غير أن الرياح تخمدها ليبقى الدخان يعبق المكان، وتطرقت إلى شبح الأمراض الذي أضحى يتربص بهم في أية لحظة، خصوصا وأن أطفالها صغار وكشفت أنها تقوم بتغيير ملابس أبنائها حتى الداخلية منها في الهواء الطلق وهو ما ساهم في إصابتهم بأمراض متكررة منها الأنفلونزا الموسمية والأمراض الصدرية، إذ أصبحت العائلة بأكملها زبونة دائمة لدى الأطباء. وفي الجانب ذاته، أبدت محدثتنا مخاوفها من تعقد الحالة النفسية لأطفالها أكثر فأكثر خصوصا وأنهم قد بدت عليهم علامات الإضطراب والقلق والإنفعال، فمثلا ابنها الذي يبلغ من العمر أربع سنوات أصبح يتبول لا إراديا نتيجة حالة الخوف والهلع التي يعيشها الكل يوميا، بالإضافة إلى هاجس اللاأمن الذي يتوعدهم مع حلول كل ليلة، وعن الأيام الماطرة، كشفت المتحدثة أن مياه الأمطار تغمر منزلها وبعض أثاثها المتبقي بما أن الجسر يتصبب عليهم دون الحديث عن تبلل جل ملابس أبنائها وكذا لوازمهم المدرسية وتحدثت عن عطلة أبنائها المدرسية التي أجبرتهم على المكوث داخل الخيمة طوال النهار، لتختم معاناتها بنوعية الأكل التي أجبروا عليها، والتي تقتصر على الأكل السريع قائلة في هذا الصدد "اشتقنا إلى حليب ساخن ووجبة ساخنة" عائلة بوضياف تبيت في العراء منذ أكتوبر الفارط تتواصل مأساة عائلة بوضياف التي زارتها »السياسي« مؤخرا وعادت لتستطلع معاناتها خلال الأيام الأخيرة الممطرة من شهر ديسمبر الحالي، العائلة تتكون من خمسة أفراد، أب عاطل عن العمل، وأم تعاني من مرض مزمن، وثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين 20 سنة وست سنوات، وهي العائلة التي تعيش في خيمة نصبتها في المزرعة الفلاحية رقم 12 بڤاريدي بالقبة، بعد أن نفذ في حقها قرار الطرد الذي نعته رب الأسرة ب»التعسفي الجائر واللاقانوني«، استنادا للوثائق التي تحصلت »السياسي« على نسخة منها. وقد عدّد لنا رب الأسرة التعقيدات التي تواجهها عائلته خلال الأيام الممطرة كالتي كانت مطلع الأسبوع الجاري، فبغض النظر عن برودة الطقس التي يتحملونها ليلا ونهارا، يتحملون أيضا مياه الأمطار، لأن الخيمة مما تسبّب في إصابتهم بأمراض متنوعة أقلها نزلات البرد التي أصبحت قدرا حتميا لهم، بالإضافة إلى إصابة زوجته بداء الصرع الذي تعاني منه منذ قرابة الأربع سنوات والذي استفحل في الفترات الأخيرة من شدة البرودة التي كثفت من عدد نوبات الصرع التي باتت تلازم ربة البيت بين كل لحظة وأخرى، مما يستدعي نقلها إلى المستشفى، لدرجة أن حالتها النفسية هي الأخرى تعقدت وأصبحت كتومة لا تتحدث إلى أحد. وفي ذات الجانب. تطرق رب الأسرة إلى الحالة النفسية التي يعيشها أطفاله فابنه الذي كان يزاول دراسته بالطور الابتدائي انقطع عن مزاولة دراسته منذ أن أعلن قرار الطرد في حقهم، أما الابنة الجامعية فقد امتنعت هي الأخرى عن الإلتحاق بالجامعة، وأكدت العائلة على أن الأمطار الغزيرة الي تساقطت مؤخرا عملت على إفساد كل الأثاث، الأجهزة والملابس. وفي الأخير، ناشدت العائلة السلطات المعنية بإعادة النظر في قضيتها، خصوصا وأن كل محاولات الاتصال بالسلطات المعنية للوقوف على أوضاعهم المزرية كانت دون جدوى، ولم تأت بجديد إلى حد الساعة. عائلة آيت تواتي: "نطالب بحقنا في السكن لا غير" ناشدت عائلة آيت تواتي مرة أخرى جريدة »السياسي« بعد الزيارة الخاطفة التي قادتنا إلى هناك لرصد أوضاعهم، بعد هطول كميات الأمطار الأخيرة التي شهدها مؤخرا شهر ديسمبر الحالي.. هي العائلة التي أصيبت بهستيريا بعد ظروف قاهرة أجبرت على مغادرة منزلهم لفترة محدودة، أين سافر رب الأسرة للعمل خارج الولاية وأخذت زوجته أبناءها وانتقلت لفترة إلى بيت عائلتها في بولوغين حينما اشتد مرض أمها الذي أجبرها على خدمتها وعند تحسن الأوضاع أجبرت على العودة إلى منزلها ثانية لتجد هذه العائلة شريكها في السكن مرحل وبيتهم مهدم، ومنذ ذلك الحين وعلى مدى قرابة التسعة أشهر والعائلة تبيت في العراء بمحاذاة ثانوية »طارق بن زياد« بحي ديار البركة ببراقي بضواحي العاصمة، مما أجبر أربعة أطفال وأوليائهم على مواجهة مخاطر الشارع التي تتربص بهم في أي لحظة. ويطالب المواطن آيت تواتي محمد الطاهر من السلطات المعنية ببراقي بوضع حد لمعاناته التي يتقاسمها هو وزوجته وأطفاله الأربعة في خيمة تفتقر لأدنى متطلبات العيش الكريم، خصوصا في ظل الأيام الممطرة وقساوة برودة فصل الشتاء التي عقّدت يومياتهم أكثر فأكثر، فعن الأيام القليلة الماضية التي شهدت تهاطل كميات معتبرة من الأمطار وقفت »السياسي« على بعض آثارها الموجودة لحد الساعة، إذ رغم التعديلات التي أطلقها رب الأسرة على الخيمة التي تحولت إلى شبه بيت والتي كانت في وقت قريب مشيدة بالبلاستك غمرتها مياه الأمطار وتسببت في تبليل كل الأثاث والملابس، إضافة إلى الغسيل الذي توسط الباحة نتيجة هطول الأمطار، إضافة إلى الأمراض الموسمية على غرار الأنفلونزا بسبب سوء الأحوال الجوية التي عاشتها الجزائر مؤخرا. وأوضح رب الأسرة أن معاناته هذه ناتجة عن خطأ كلفه افتراش الشارع ،إذ وأثناء غيابه عن المنزل بسبب ظروف قاهرة لمدة معينة وجد ابن عمته الذي كان يتقاسم معه نفس المنزل رغم ضيقه والذي يضم أسرتين كاملتين تحصل على سكن، حينما تقربت المصالح المعنية في غيابه من منزله وتسجيل ساكنيه بعد القرار القاضي بهدم حي ديار البركة وإعادة إسكان قاطنيه.