استعدت حوالي مليوني أسرة جزائرية، تضم بين أفرادها مريضا بالسكري أو بغيره، للصيام. فمن المعروف علميا أنّ مريض السكري، غالبا، يمنع من الصيام حتى لا يتعرض لمخاطر كثيرة، خاصة أن الشهر المعظم حلّ هذه السنة في عز موسم الصيف، حيث ترتفع درجات الحرارة، وتكون عدد ساعات الصيام طويلة، مما يتعذّر على المرضى الصيام. إلا أن خبراء الصحة يؤكدون أنه بإمكان المريض المزمن الصيام ولكن تحت إشراف الطبيب المعالج شهرا قبل استقبال شهر رمضان. تكثر تساؤلات مرضى السكري عن إمكانية صيام شهر رمضان المبارك بدون أي آثار صحية وجسمانية، فالبعض منهم يصرّ على الصيام وبعض الأطباء يعانون معهم قبل وأثناء شهر رمضان لحملهم على عدم الصوم، ولكن الإحساس بالانتقاص أمام المسلمين غالبا ما يكون حجة هؤلاء المرضى لأداء الركن الثالث من أركان الإسلام. وعن صيام مريض السكري وكيفية مراعاة صحته في فترة الصيام، عُقد مؤخرا منتدى علمي بجريدة «المجاهد» حول السكري ورمضان، شارك فيه مختصون في أمراض السكري والفدرالية الوطنية لمرضى السكري، ليضع أمام هؤلاء مجموعة من الحقائق العلمية والنصائح المهمة المتعلقة بالصيام، لتكون بمثابة خطوط واضحة لكل أسرة تضم مريضا بالسكري. ومن أهم ما خلص إليه المؤتمر هو ضرورة استعداد مريض السكري للصيام قبل رمضان بوقت كاف لا يقل عن شهر، من خلال التوجه إلى الطبيب المعالج ليحدد له إمكانية صومه من عدمه، مع تحديد العلاج المناسب للسكري أثناء الصيام، جرعات العلاج، النظام الغذائي والبدني الذي يلتزم به في حالة إمكانية صيامه، حتى لا يعرض نفسه لمجموعة كبيرة من المخاطر. ويجهد العديد من مرضى السكري أنفسهم لأداء فريضة صيام رمضان، بالرغم من أن الصيام هو عيادة نفسية وصحية، وعليه لا بد للمصاب بالسكري استشارة الطبيب المعالج للصيام من عدمه، يقول السيد بوستة نور الدين في حديث خاص مع «المساء»؛ إن الحملة التحسيسية التي انطلقت قبيل رمضان لتوعية مرضى السكري بأساسيات الصيام من عدمه، لا تمس المريض نفسه فحسب، وإنما تشمل المحيط والمجتمع ككل، والقصد من ذلك توعية المجتمع بإبداء بعضا من التفهم والتعاون مع المرضى ممن لا يطيقون أداء فريضة الصوم، وذلك حفظا للصحة العامة؛ «فيه مرضى يتحرجون من أكل حبة حلوى، مثلا، في المواصلات خوفا من نظرة استهجانية من قبل العامة، وبذلك هم يعرّضون أنفسهم للخطر، ويتم تسجيل عشرات حالات الإغماء وحتى الحالات الاستعجالية لذات السبب وسط مرضى السكري ممن يصومون»، يقول المتحدث. من جهته، يوضح السيد رابح مرابطين مستشار بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف ل«المساء»، أنه ما على مرضى السكري غير القادرين على الصوم إلا الإفطار والفدية بالإطعام أو إخراج مبلغ مالي بتقدير وجبة يومية، مع الإشارة إلى أن أقل مبلغ قد يصل إلى 25 دينارا. يقول؛ «ديننا دين يسر ولا حرج في إفطار المريض، ولكن ثقافة المجتمع الجزائري وحبه لدينه الإسلام تجعل المريض يتعب نفسه في الصوم، مع أنه غير قادر، وكان الإفطار بالنسبة للمريض كبيرة من الكبائر وهذا غير صحيح، وفي هذه الحالة، هو في معصية وليس في طاعة. كما ينبغي على المريض أن يدرك أن رمضان ليس للصيام فقط، وإنما فيه طاعات كثيرة مثل؛ القيام، تلاوة القرآن، صلاة التراويح، عيادة المرضى، صلة الرحم، الصدقات وغيرها، وكل هذه الأعمال من أفضال الصيام، ولذلك يقول الرسول الكريم؛ «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه»، إذن ندعو جميع المرضى المزمنين لاستشارة الطبيب المعالج، وأن يأخذوا بالنصيحة، وليعلموا أنه ما من حرج عليهم».وترى البروفسور ميموني من مصلحة أمراض السكري بمستشفى مصطفى، أن مخاطر الصيام لمريض السكري لا تقتصر على انخفاض السكر في الدم، ولكنها قد تحدث نتيجة ارتفاع السكر فيه، لذلك، ينصح مريض السكري بالتوجه إلى طبيبه لتحديد مدى إمكانية صومه من عدمه، وتضيف؛ في الغالب نجد أن مريض السكري من النوع الأول والذي يعالج بجرعات الأنسولين بطريقة مكثفة، لا ينصح له بالصيام، أما مريض السكري من النوع الثاني، والذي يكون السكر لديه منضبطا ويعتمد على الأقراص في العلاج، ولا توجد لديه أمراض أخرى مصاحبة لمرض السكري، فإن بمقدوره الصوم، وقد يستفيد من الصيام في إنقاص أي وزن زائد لديه إذا ما ابتعد عن المشروبات والأطعمة السكرية التي يشتهر بها هذا الشهر الكريم.