هذه هي أسباب عدم حضوري لمعرض الكتاب س1: من هو مولود بن زادي؟ - مولود بن زادي، هو كاتب جزائري مهجري مقيم بالمملكة المتحدة وعضو في اتحاد الكتاب الجزائريين والعرب. تخرج من معهد الترجمة في الجزائر في شهر جوان من عام 1991. ومن مقولاته: في الصداقة: (صَدِيقُكَ وَفِيٌّ إنْ عَاشَرْتَ، لَطِيفٌ إن حَاوَرْتَ، حَلِيمٌ إنْ نَاظَرْتَ، نَصِيحٌ إنْ شَاوَرْتَ، أسْيَانٌ إنْ هَاجَرْت). في الحب والفراق (مقتبسة من الرواية الجديدة رياحُ القدر ): (قَدْ تَعْصِفُ بِنَا صُرُوفُ الزَّمَان، فَتُفَرِّقُنَا وَتَحْرِمُنَا مِنْ لَذّةِ الرَّاحَةِ والأمَان، وَتُغْرِقُنَا فِي غَياهِبِ الآلاَمِ والأحْزَان، لِكِنَّ رُوحِي سَتَظَلُّ تَنْشُدُكِ فِي كُلِّ مَكَان، وَسَيَرْسُمُ خَيَالِي صُورَتَكِ دَوْماً بِأحْلَى الأشْكَالِ والألْوَان. وإنّي لَنْ أنْسَاكِ مَهْمَا كَان، سأظلّ أحبّك وإن فات الأوان). س2: متى ظهرت فيك ملامح الأدب ورسم الحرف؟ - والله كنت مولعا بالمطالعة وأنا صغير في سنوات التعليم الابتدائي، وكنت أحصل على أعلى النتائج في مادة الإنشاء، وشيئا فشيئاً أنشأت أكتب مقالات وقصصا قصيرة نشر بعضها في صحيفة المساء الجزائرية. وقبل رحيلي من الجزائر في سنة 1991 كتبت قصة أطفال بعنوان الغزالة المغرورة ، لكن الحظ لم يحالفني، فقد رفضت إحدى دور النشر عملي فخيّبت أملي. لكن بعد وصولي إلى بريطانيا تمكنت من نشر تلك القصة ونشرت معها قاموس الأفعال المركبة الإنجليزية. وبعد ذلك شرعت في كتابة أوّل رواية. س3: ماذا صدر لك من أعمال.. كيف تقيهّمها وإلى ماذا تطمح؟ - نشرت أوّل ما نشرت كتاب (الأفعال المركبة الإنجليزية باللغة العربية) وهو قاموس (إنجليزي - عربي) يختص في هذا النوع من الأفعال التي تسبب مشاكل جمة للطلاب والمدرسين، وهو أكبر عمل في هذا المجال باللغة العربية إلى حدّ الساعة. وفي شهر أفريل سنة 2011، أصدرت روايتي الأولى بعنوان (عَبَرَاتٌ وعِبَرٌ) وهي رواية اجتماعية درامية مقتبسة من قصّة واقعية تقع في 277 صفحة. وفي شهر أكتوبر 2013 نشرت معجم الزّاد للمترادفات والمتجانسات العربية وفيه أكثر من 600 صفحة، وهو الأول من نوعه في الجزائر وفي المغرب العربي. والآن أصدرت روايتي الثانية وهي عبارة عن رواية عاطفية اجتماعية درامية مقتبسة هي الأخرى من قصة واقعية، وشاركت في الصالون الدولي للكتاب هذه السنة. وأغتنم هذه الفرصة لأدعو القراء للاطلاع على هذه الرواية لأنها ستكون مختلفة عن بقية الروايات، فهي تدخل في إطار أدب المهجر، ولهذا الأدب أسلوب مختلف وسمات تميزه من أدب الزملاء المحليين، والرواية واقعية بشخصيات حقيقية والرواية الواقعية أصبحت نادرة هذا العصر لا أثر لها في المكتبات وفي معارض الكتب. س4: ماذا تعالج في كتاباتك من مواضيع، ولماذا؟ - والله كتبت في مجالات مختلفة: صنفتُ القاموس الإنجليزي العربي وتمثّل ذلك في كتاب الأفعال المركبة الإنجليزية باللغة العربية. وكتبت المعجم العربي وتمثّل ذلك في معجم الزاد للمترادفات والمتجانسات العربية، مستفيداً من معرفتي وخبرتي في حقل اللغات والترجمة. وكتبت المقالة فعالجت من خلالها مواضيع متنوعة مثل العزوف عن القراءة في الوطن العربي، الذاتية العربية والواقعية الغربية. أنا عشت في بئتين مختلفتين وهي ميزة عظيمة تسمح لي بإجراء مقارنة بين هذه المجتمعات ونقل الملاحظات والاستنتاجات إلى القارئ العربي. وكتبت قصة الأطفال وتمثّل ذلك في قصة الغزالة المغرورة يستقي منها الطفل دروسا وعبرا. وكتبت الرواية واخترت الرواية الواقعية. س5: ولماذا الرواية الواقعية بالذات؟ - لماذا أكتب قصصا خيالية بشخصيات وهمية والواقع مليء بالقصص الحقيقية المثيرة والمؤثرة! إنّي أحاول أن أنقل إلى القراء من خلال هذا اللون الأدبي تجارب ومشاهد واقعية صادقة مفعمة بالدروس والعبر لعلّنا ننتفع منها. وإني لصارم في اختيار أبطال روايتي. فأنا لا أوظّف شخصيات افتراضية خيالية، وإنما شخصيات حقيقية مثلنا تحيا بيننا، تصارع الحياة وتتعب وتشقى مثلنا جميعا. س6: كيف أثّرت الغربة اللندنية في شخصيتك اليومية والأدبية؟ - تختلف الحياة في بريطانيا اختلافا جذريا عن الحياة في الجزائر والبلاد العربية. ثمة اختلافات لغوية، عقائدية، فكرية وغيرها معتبرة تؤثّر فينا وتصقل شخصياتنا وترسم مسار فكرنا وحياتنا. رحلتي إلى بريطانيا والغرب سارت بي في طريق غير طريق أهلي وأحبائي وأصدقائي في الشرق. ألتقي في شوارع لندن بكل أجناس الدنيا فأتأثّر بما أشاهده وأسمعه وينعكس ذلك حتماً على ما أكتبه. لشدّة ما شعرت بالغربة في المهجر في بداية الأمر. واليوم صرت أحياناً أشعر بالغربة وأنا في بلادي بين أهلي وأصحابي لأني لم أعد أفكّر كما يفكّرون، ولست أنظر إلى الأمور كما ينظرون إليها! من الأشياء الهامة التي اكتشفتها وتعلمتها في غربتي النزعة الإنسانية وتقدير قيمة الأوطان والحنين إليها وهو ما ينعكس على ما أكتبه. س7: كيف ترى واقع الرواية والأدب الجزائري عموما؟ - أرى الكثير من الكتاب المحليين يصفون الواقع الأدبي عندنا بالممتاز، وأنا لا أوافق ذلك مع كامل احترامي لآرائهم. لقد كنت أول كاتب يقول إنّ الأدب العربي يعيش عصر انحطاط ولست أغالي في ذلك، فمظاهر الإنحطاط كثيرة أذكر منها: - كثرة الأدباء وقلة المستوى ورداءة الأعمال الأدبية. - قلة المنافسة بين الكتاب. لشدّة ما يفتقد الأدب العربي كتابا مثل العقاد والمازني وعبد الرحمان شكري وأحمد شوقي. نذكر جيدا تلك المنافسة، بل تلك الحرب الضروس بين عمالقة الأدب العربي في ذلك العصر المجيد وما يحمله كتاب (الديوان في الأدب والنقد) للعقاد والمازني من نقد لخصومهما أحمد شوقي والمنفلوطي وعبد الرحمن شكري إلا عينة عن ذلك. واليوم صار نقد بعض الأدباء شيئا محرما، وصار الأدباء والأساتذة الجامعيون يعارضون النقد اللغوي وكشف الأخطاء التي ما برح يقع فيها الكتاب، مع أنَّ المدرسة كما نعلم تعلمنا تجنّب الأخطاء وتصحيحها.الأدب شأنه شأن الاقتصاد، إن قلّت المنافسة فيه ركد. - كثرة الأخطاء اللغوية والإسراف في استعمال الألفاظ والعبارات العامية والأعجمية في الرواية العربية أكثر من أي وقت مضى في تاريخ الأدب العربي. - آفة المحاكاة التي انتشرت في الأدب حتى أصبحنا لا نفرز أسلوب هذا من ذاك، ولا نميّز بين رواية وأخرى دون معرفة صاحبها. س8: كيف ترى طرق انتشار الأديب، وما دور الوسائط الحديثة؟ - لوسائل الإعلام دور كبير في التعريف بالأديب. ومثال على ذلك: بعد ظهوري على إحدى القنوات الجزائرية مباشرة إنْهالت عليّ طلبات الصداقة ب الفيسبوك ، وازداد الإعجاب بصفحتي، ووصلتني رسائل كثيرة تعبر عن إعجابها بإنجازاتي، وقال لي بعضهم إنه اكتشفني لأول مرة من خلال الحصة وإنه لو سمع بي من قبل لتابعني وقرأ لي. وهذا مجرد مثال. وليس من شك في أنّ وسائل الإعلام تستطيع أن تخلق نجوما حتى وإن لم يكن هؤلاء في مستوى النجومية. إضافة إلى ذلك، ثمّة وسائل التواصل الاجتماعي مثل الفايسبوك الذي مكننا من التواصل مع الأدباء والإعلاميين وغيرهم وإيصال ما نكتبه إلى آلاف القراء في كامل أنحاء العالم. س 9: ما علاقاتك بأدباء الداخل ورأيك في الصراعات الحاصلة بينهم؟ - حاولت التقرّب من الكتاب المحلّيين غير مرة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وأثناء زياراتي القليلة إلى وطننا الحبيب الجزائر، غير أنّي لم ألق التجاوب الذي كنت أصبو إليه. نراسلهم من خلال الفايسبوك فيقرؤون خطاباتنا ولا يردّون، وكما نعلم تقنيات الفايسبوك تتيح لنا معرفة من قرأ الرسائل ومن لم يقرأها. أما الذين إلْتحقوا بنا في الفايسبوك فلا يتواصلون إلا مع زملائهم وزميلاتهم ضمن حلقة ضيقة مغلقة في وجوهنا. يرون منشوراتنا بما في ذلك أعمال أكاديمية هامة مثل معجم الزاد للمترادفات والمتجانسات العربية الذي يحتاجونه جميعا في الكتابة وما في ذلك أدنى شكّ ولا يسجلون إعجابهم بها. ودعوناهم من قبل لتسجيل الإعجاب بصفحتنا تقديرا لجهودنا وتشجيعا لنا وإذا بهم يعرضون. يعرضون عنا ونحن منهم وهم منا، فيأتي بدلا منهم مثقفون عرب وأجانب ويغرقوننا إعجابا وتشجيعاً. يقفون بجانبنا بدلا من زملائنا الكتاب الجزائريين. سجّلتْ امرأة مثقفة برازيلية إعجابها بمعجم الزاد للمترادفات والمتجانسات العربية الذي ألفته، فسألتها من باب الفضول عن سبب ذلك إن كان المعجم باللغة العربية التي لا تفهمها، فقالت: سجلتُ إعجابي به بعدما علمت أنك ألّفت معجما يقع في أكثر من 600 صفحة فلا شك أنّ مثل هذا العمل يتطلّب جهدا ووقتا وأنا لست بحاجة لمعرفة اللغة للشعور بقيمة هذا العمل وما بذل من جهد في سبيله!. وبينما يعرضون عنّا لأننا غرباء عنهم نراهم يسجلون الإعجاب لأصدقائهم وزملائهم لإرضائهم لأي شيء ينشرونه حتى لو كان صورة فوتوغرافية عادية أو أي شيء كان، يحزنني أن أقول إنّ الأديب الجزائري يبدو أنانيا، مغرورا، منغلقا على نفسه، متخوّفا من غيره،خائفا على مكانه، لا يرحّب بالكُتّاب الجدد ولا يرغب في التعاون معهم، بل لا يعترف بهم أساسا، كأنّ الأدب ملك له ولأصحابه لا يشاركه فيه غيره، كهذا الكاتب، الذي أفضل عدم ذكر اسمه، الذي حكم على الكتاب الجزائريين بعدم منح الأم مكانها في الروايات الجزائرية في كامل العصور، مع أني كتبت رواية سنة 2011 متوفرة في المكتبات الجزائرية تصف الأم وصراعها اليومي من أجل إعالة أولادها والبقاء على قيد الحياة وصفا دقيقا صادقا. الصراعات القائمة بين هؤلاء الكتاب تعبيرٌ واضح عن غرور الكاتب الجزائري ونقص ثقته بنفسه وتخوّفه من غيره. ما نحتاجه ليس صراعات وإنما منافسة فكرية موضوعية تبعث الإثارة في الأدب الجزائري وتبعثه إلى الحياة، منافسة فكرية يدعوها أحد أصدقائي من باب الفكاهة (الدبزة الفكرية). س10: أنت أيضا مترجم وصاحب قواميس قيّمة، ماذا عنها؟ - نشرت كتاب الأفعال المركبة الإنجليزية باللغة العربية وهو أكبر عمل في هذا المجال إلى حد الآن ويساعد الدارس والمدرس على فهم الأفعال المركبة الإنجليزية باللغة العربية. ونشرت معجم الزاد للمترادفات والمتجانسات العربية وهو الأول من نوعه في الجزائر وبلاد المغرب العربي. ومن فوائد الترادف تزويد الباحث بثروة من الكلمات المتقاربة المعنى تمكّنه من تنويع المفردات وانتقاء الكلمات التي تناسب المقام. س11: ماذا عن روايتك المرتقبة رياح القدر ؟ - إنَّها رواية عاطفية مقتبسة من قصة واقعية تروي قصة حب بين شاب من المدينة وفتاة من إحدى قرى شرق الجزائر وهي من أصل ألماني. وتشارك في هذه الرواية شخصيات من جمهورية بورندي في إفريقيا. سيجد فيها القارئ خواطر وأشعار ورسائل حقيقية تبادلها بطلا الرواية. وإن شاء الله ستعجب القارئ فكرة وأسلوبا. س12: كيف ترى الواقع الثقافي الجزائري والثقافة العربية عموما؟ - الوضع الثقافي في الوطن العربي غير إيجابي ولا يبشّر بالخير للأسف، والأدلة على ذلك كثيرة. ثمة عزوف تام عن القراءة، فحسب الإحصائيات فإنّ العربي لا ينفق سوى 10 دقائق في مطالعة الكتب بينما يصرف الأوربي 12000 دقيقة في القراءة. يضاف إلى ذلك قلة النشر، فالوطن العربي لا ينشر إلا نسبة قليلة من العناوين الجديدة المنشورة في العالم رغم سعته وتعدّد أقطاره. وحتى الصحف فإنّها لا تهتم بالأدب بقدر ما تهتم بالرياضة والحفلات واللهو. نحتاج صحفا تفتح صفحاتها للأدب وتتيح لكل الكتاب فرصة المساهمة بما يكتبون. صحف مثل تلك الصحيفة التي كان المازني وعبد الرحمن شكري يتبادلان فيها النقد بكل حرية، فلا هي مع هذا ولا ذاك وإنما هي مجال مفتوح للجميع. س 13: لهذا السبب لم تحضر معرض الكتاب؟ - لن أجيب على سؤالكم هذا إجابة دبلوماسية، سأكون صادقا معكم. لم أحضر لإقْتناعي بعدم اهتمام المجتمع بالكتاب، فكل التقارير الغربية التي أشاهدها تؤكد عزوف الفرد في مجتمعنا عن القراءة واهتمامه بأمور أخرى مثل الدردشة وحتى السياسة. فقررت أن أقاطعه، وإن شاء الله سأكون حاضرا مع رواية فتاة من النمسا إن تغيرت ثقافة المجتمع وتأكد إقبال الأفراد على القراءة مثلما هو الحال في بريطانيا. كلمة أخيرة.. - صحيح أنّي قضيت سنوات طويلة في بريطانيا، لكنّ ضباب لندن لم يحجب عني أبداً شمس الجزائر، فبقيت دوما أرحل إليها وأحطّ بين أهلها. وما أكتبه مليء بالأنين والحنين إلى هذه الأرض الزكية التي شاء القدر أن أصرف عمري بعيدا عنها. أودّ التقرب أكثر من القارئ الجزائري. أنا في الفايسبوك، فإني أدعوه لمتابعتي والاطلاع على أعمالي لا سيما معجم الزاد للمترادفات والمتجانسات والرواية العاطفية الواقعية المرتقبة في معرض الكتاب الدولي بالجزائر وعنوانها رياح القدر ، وأنا واثق أن هذه الأعمال ستروقه وتفيده وتساهم في إثراء مكتبة بلادنا الحبيبة.