من أخلاق المسلم العاقل الاتصال بالصالحين والتقرب إليهم، ذلك أن عِشرة الصالحين ترشح على معاشريهم بالخير والتقوى والسداد في القول والعمل، كما تزيدهم فقهاً في الدين وإقبالاً على الحق، كما يحدث في اللقاءات التي تتم معهم في المساجد، وكذلك في المجالس الأهلية التي تعقد في بيوت الصالحين، أذكر منهم ولا أزكي على الله أحداً المستشار السيد علي الهاشمي حفظه الله وأكرمه ونفع بعلمه. إن محبة الصالحين تنفع في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا تدعو إلى المحافظة على الأعمال الصالحة بالقدوة الحسنة والمعاونة على عمل البر والإخلاص في الطاعة، ومن صاحب إنساناً وأحبه عمل مثله واهتدى بهديه، فينمو ويترعرع على المحامد كلها فيرضى الله عنه ومن رضي الله عنه نال خيري الدنيا والآخرة. قال تعالى: »واتبع سبيل من أناب إليّ« (لقمان: 15). إن مصاحبة الصالحين تعين المسلم على شغل وقته بما يعود عليه بالنفع في الدنيا والآخرة، فهو دائماً يأخذ الإنسان إلى مواطن ذكر الله وتلاوة القرآن ومدارسة العلم. قال بعضهم: استكثر من الإخوان الصالحين، فإن لكل مؤمن شفاعة، فلعلك تدخل في شفاعة أخيك، روي في غريب التفسير في قوله تعالى: »ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله«، قال: يشفّعهم في إخوانهم فيدخلهم الجنة معهم ولله در القائل! روي عن سعيد بن المسيب رحمه الله قال: وضع عمر بن الخطاب رضي الله عنه للناس ثمانية عشر نصيحة لما أراد أن يصاحب إنساناً وكلها حكم، قال: ما كافأت من يعصي الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه، وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يقليك ولا تظن بكلمة خرجت من مسلم شراً وأنت تجد لها في الخير محملاً، ومن تعرض للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن، ومن كتم سره كانت الخيرَة في يديه، وعليك بإخوان الصدق فعش في أكنافهم فهم زينة في الرخاء وعدة في البلاء، وعليك بالصدق وإن قتلك الصدق، ولا تعرض لما لا يعنيك ولا تسأل عما لم يكن، فإن في ما كان شغلاً عما لم يكن، ولا تطلبن حاجتك إلى من لا يحب نجاحها ولا تصحبن الفاجر فتعلم فجوره، واعتزل عدوك واحذر صديقك إلا الأمين، ولا أمين إلا مَنْ خشي الله، وتَخَشَّع عند القول، وذلَّ عند الطاعة، واعتصم عند المعصية، واستشر في أمرك الذين يخشون الله، فإن الله تعالى يقول: »إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ«. المسلم العاقل هو الذي لا يؤاخي إلا ذا الفضل والحجى في الرأي والدين والعلم والأخلاق الحسنة، لأنه يعلم أن رأس المودة الاسترسال، وآفتها الملالة، ومن أضاع تعهد الود من إخوانه حرم ثمرة إخائهم. جاء رجل إلى أبي هريرة رضي الله عنه وقال: إني أريد أن أؤاخيك في الله، فقال أتدري ما حق الإخاء؟ قال: عرِّفني، قال: ألا تكون أحق بدينارك ودرهمك مني، قال: لم أبلغ هذه المنزلة بعد، قال: فاذهب عني. ودخل قوم على الحسن رضي الله عنه فقالوا يا أبا سعيد أصليت قال نعم، قالوا فإن أهل السوق لم يصلوا بعد. قال: ومن يأخذ دينه من أهل السوق؟ بلغني أن أحدهم يمنع أخاه الدرهم، قاله كالمتعجب منه.