مصلحة الاستعجالات ب6 أسرة مقابل 30 حالة مرضية يوميا القطط تتقاسم المحروقين غرفهم! مدير المستشفى يعترف بالوضع الكارثي ويلقي بالمسؤولية على الاكتظاظ! تعيش مصلحة المحروقين بمستشفى الدويرة، وضعا كارثيا نظرا للأوضاع المزرية التي تتخبط فيه تلك المصلحة وحالة الإهمال التي تسودها، وهذا ما كشفه العديد من المرضى ل السياسي خلال الزيارة التي قادتها إلى ذات المصلحة، ففي الوقت الذي تعمل فيه وزارة الصحة جاهدة على تنظيم عدة هياكل استشفائية على مستوى كامل قطر الوطن لتقديم خدمات نوعية للمريض، يبدو أن بعض العاملين في القطاع والمسؤولين عنه يعملون على إفشال مخططات الوزارة الوصية من خلال تسيبهم وعدم تأدية مهامهم على أكمل وجه، وهو ما لاحظناه خلال تحقيقنا بالمستشفى الجامعي جلالي بونعامة بالدويرة وبالتحديد بمصلحة المحروقين. مصلحة المحروقين بالدويرة عنوان للتسيب والإهمال رغم المساعي التي تبذلها وزارة الصحة لتحسين خدمات قطاعها من خلال تسخيرها لإمكانيات مادية وبشرية هائلة بغية خدمة المريض وتوفير كل ما يحتاجه من رعاية صحية وعلاج، ورغم الزيارات الفجائية التي يقوم بها وزير الصحة في كل مرة عبر مستشفيات القطر الوطني، إلا أن الإهمال لا يزال السمة الطاغية التي تميّز المستشفيات سواءا بالعاصمة أو بالولايات الأخرى، وهو ما يعيشه العديد من المرضى بمصلحة المحروقين بمستشفى الدويرة التي باتت وكأنها عبارة عن مكان للموت المحقق، الأمر الذي لاحظته السياسي خلال زيارتها المتعددة للمصلحة. كانت الساعة تشير إلى العاشرة ليلا لما دخلنا إلى مصلحة المحروقين وكان الهدوء يسودها وكأننا في بيت مهجور تنبعث منه روائح كريهة، فبمجرد أن تطأ أقدامك تلك المصلحة تصادفك روائح نتئة تنبعث من المراحيض والأوساخ ملقاة على الأرض وكأنك في مفرغة عمومية، وهو ما اشتكى منه العديد من المرضى الذين الْتقتهم السياسي خلال زيارتها المتكررة و المفاجئة للمصلحة. ومن جهة أخرى، أعرب البعض الآخر عن مدى استيائهم من الإهمال وسوء المعاملة من طرف القائمين على الملحة، وهو ما كشف عنه رياض الذي يمكث منذ 03 سنوات في تلك المصلحة فاتحا قلبه ل السياسي ليسرد لنا تفاصيل معاناته مع بعض الممرضين الذي لم يفهم لحد الآن لماذا تغيّرت طباعهم اتجاهه، خاصة وأنها في وقت سابق كانت الأمور تمشي على أحسن ما يرام وفجأة تغيّر كل شيء تاركا الأيام تكشف المستور خاصة بعد أن كان في بداية دخوله المستشفى أخوه من يقوم بالاعتناء به لمدة قاربت العام، ليسترسل محدثتنا كلامه (ولكن أخي لم يستطع تحمّل ذلك جراء إصابته بداء السكري الذي حمله من هذه المصلحة نتيجة العفن السائد فيها). وبقلب متحسر على ما يعيشه هؤلاء المرضى، يتطرق محدثنا إلى سوء معاملة العديد من الممريضين واصفا إياهم بالوحوش، قائلا (لايعرفون سوى الأكل والشرب والتجول في القاعات وكأنهم في قاعة الحفلات). وبعد خروجنا من غرفة رياض الْتقينا في نفس الرواق بمجموعة من الشباب جاؤوا لزيارة أبيهم، فتقربنا منهم لمعرفة كيفية تعامل القائمين على المصلحة مع المرضى لنتفاجأ بجوابهم بأنه يعاني الإهمال وهو في عمر الستين، موضحين بأنهم يقطعون الكيلومترات للوصول إلى هنا والعمل على تهيئة ظروف حسنة لوالدهم، فيقومون بتنظيف القاعة التي يقطن فيها -حسبما أكده لنا ابنه علي صاحب 17 سنة- وعيناه لم تتوقفا من البكاء لأن جرح أمه لم يندمل بعد، ليسرد لنا تفاصيل مع حدث لأبيه مع أحد الممرضين بعدما طلب منه تبديل الضمادات له، وهو ما جعل الممرض يثور في وجهه ويرمي الغطاء على وجهه ولكن علي لم يحرك ساكنا وبقي ينظر فقط خوفا من عدم الاعتناء بأبيه إن هو تدخل، لتضيف لنا ابنته البكر ربيعة أن أباها يعاني الإهمال في تلك المصلحة قائلة (إذا خرجت عمروا... واحد ما يفيقلوا) نظرا لعدم قدرته على الصراخ، خاصة وأن لا أحد منا يستطيع النوم معه. وجراء هذا الإهمال الذي هم فيه، أرادت الذهاب بنا لتسرد لنا جلّ اللحظات التي عاشها منذ أن وطأت أقدامه تلك المصلحة،لتخبرنا بأنهم عاشوا الويل هناك. ولإشارة، فإنها فقدت أمها في هذه المصلحة وأبوها لا يعلم لحد الآن بأن زوجته قد توفيت نظرا للحالة التي هو عليها، كما أوضحت لنا بأن المنظفات لا يقمن بتنظيف غرفة أبيها وهو ما جعلها تذهب للإستفسار عن ذلك، لتجد فور خروجها من الغرفة أحد الممرضين واقفا والسيجارة في فمه صارخا في وجهي قائلا (يا مولات الخمار الأخضر... أنت واش راكي حاطة روحك)، لتضيف قائلة بأنهم يقومون بغسل الأواني التي يحضرونا فيها الطعام في المراحيض، وبعدها عادت بنا لتسرد لنا اللحظات التي قضتها والدتها في مصلحة الإنعاش فهي التي لم تعش سوى 24 ساعة بعد الحادثة، فمنذ دخولها إلى الغرفة لم تلق العناية فيها فلم تكن هناك سوى ممرضة واحدة جالسة فوق الكرسي كالعروس التي تتزين، فهي لم تفعل شيئا وأمي تحتضر، وهو الشيء الذي أجبر أختي الصغرى بالصراخ في وجهها قائلة لها افعلي شيئا فأنا لا أملك سوها) لنتفاجأ بردة فعلها وبرودة أعصابها (ماجوش تورولي واش هي الخدمة نتاعي). ممرضون يزاحمون وجبات المرضى! ومن جهة أخرى، ووسط المعاناة التي يتكبدها العديد من المحروقين، أعرب جميع المرضى في المصلحة بأنهم أصبحوا يخافون من وضع المأكولات في ثلاجاتهم التي أحضرها لهم الأقارب من البيوت لأن الممرضين يأخذونها عندما يجدون فرصة سانحة لفعل ذلك، وهو ما كشفته الساعات الأولى من الصباح عندما ينتهي هؤلاء من عملهم تجدهم يحملون في أيدهم أكياسا مملؤة بما لذ وطاب، وهو ما كشفه أحد الأشخاص لنا قائلا: (في الليل وأنا نائم مع والدي حضر أحد الممرضين ودخل إلى الغرفة دون أن يحدث أي صوت فهو الذي لم يكن يعلم بوجودي إذ به يفتح الثلاجة منقضا على الفواكه الموجودة فيها)، ليفاجأ بوجودي عندما أخبرته بأنه لا يستطيع أخد ما في الثلاجة... لكن يستطيع أخذ ما فوقها، وهو الأمرالذي أربكه وجعله يخرج مسرعا وعلامات القلق بادية على وجهه. القطط تتقاسم المحروقين غرفهم ونحن نواصل مسار تحقيقنا بمصلحة المحروقين ولمدة أسبوع تقريبا، تفاجأنا أن هذه الأخيرة أصبحت ملجأ للقطط وهو ما لاحظناه عند دخولنا إلى غرفة أحد المرضى فإذا بالمريض نائم في سرير والقط الأسود في سرير آخر، أما في الخارج وجدنا قطط أخرى تموء منتظرة من يطعمها وهذا دون الحديث عن تلك المتواجد برواق المصلحة وهي تقتات من الفضلات، وهو ما يجعل المرضى في خطر في ظل انعدام الرقابة وحالة الإهمال السائدة في تلك المصلحة، خاصة وأن هؤلاء يجب أن يعيشوا في مكان نظيف لأن مناعتهم ضعيفة، وهو ما أثار استياء العديد من المرضى الذين الْتقتهم السياسي خلال جولتها الاستطلاعية. مصلحة الإنعاش... تحتضر وعلى غرار ذلك لم تسلم مصلحة الإنعاش من بطش هؤلاء، فهذه الأخيرة يدخلها من هبّ ودب في كل الأوقات، فنحن عندما دخلناه كانت الساعة تشير إلى العاشرة ليلا ولم يكن هناك سوى ممرض واحد وفي يده قطعة خبز ونحن نمشي أمامه ودخلنا إلى غرفة أحد المرضى وكان ذلك المريض في حالة خطيرة، ضف إلى ذلك ففي مصلحة الإنعاش يوجد أزيد من 05 أشخاص تتفاوت درجة حرقوهم ويقوم ممرض واحد فقط بالعناية بهم، وهو ما كشفت عنه فوزية التي كانت تجلس مع أمها التي كانت في حالة خطيرة والممرضة تتكلم في الهاتف رامية كل شيء ورائها متجردة من إنسانيتها. عندما يعترف مدير المستشفى بالكارثة! الوضعية الكارثية التي عشناها بمصلحة المحروقين بالدويرة تركت عندنا الكثير من التساؤلات، لذلك حاولنا البحث عن تفسيرات لتلك الوضعية فقامت السياسي بربط اتصال هاتفي ب كمال خفيف المدير العام لمستشفى الدويرة، الذي تجاهل كليا تساؤلاتنا المطروحة حول حالة التسيب والإهمال التي تشهدها مصلحة المحروقين، معترفا بأن مصلحة الحروق بالمستشفى تواجه مشكل الاكتظاظ والاستيعاب وكثافة النشاط، إذ تستقبل يوميا عشرات الحالات حيث تحتوي مصلحة الاستعجالات بقسم الحروق 6 أسِرة مقابل حالات تصل إلى 30 حالة في اليوم الواحد في بعض الأحيان. وعن الإهمال وانعدام النظافة، أوضح المتحدث بأن الإدارة تشرف عن هذا الجانب بالذات وتعطي أهمية واسعة لمصلحة المحروقين بالتحديد وتركز عليها أكثر من المصلحات الأخرى.