أثارت أنباء ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، مع بداية شهر جانفي المقبل، تخوفات كبيرة وسط العائلات الجزائرية، ما استدعى ببعض المواطنين لأن يدخلوا في سباق مع الزمن من أجل اقتناء بعض المنتوجات الغذائية واسعة الاستهلاك بإعادة تقليد العولة ، وهو ذات الشيء الذي سارعت إليه العديد من العائلات الجزائرية، خاصة بالمناطق النائية ذات المسالك الوعرة تحسبا لفصل الشتاء، وهو ما لاحظته السياسي خلال جولتها الاستطلاعية. العولة حل العائلات لتجنب الزيادات المرتقبة تشهد الأسواق بمختلف مناطق الوطن، خلال هذه الايام الاخيرة، اكتظاظا رهيبا، أين كثر الطلب مؤخرا على المواد والسلع الاستهلاكية وهو ما شد انتباهنا خلال جولتنا الاستطلاعية للبعض منها. ولمعرفة اسباب هذا الإقبال الكبير، تقربت السياسي من بعض المواطنين الذين اكدوا بدورهم ان السر يكمن في ارتفاع الاسعار بنسب كبيرة بعد دخول قانون المالية 2017 حيز التنفيذ مطلع السنة المقبلة وهو الامر الذي يستدعي، حسبهم، اتخاذ احتياطات قبلية لتحضيرها وبالأخص إعادة التواصل مع عادات وتقاليد العولة وتخزين المواد الغذائية والطاقوية تحسبا لأيام الشدة فيما يشبه النظام الاقتصادي الذي يحفظ استمرارية المعيشة وبقاء الجزائريين على مر العصور وتحديا لعوامل الطبيعة. ففي الوقت الذي تسابق فيه بعض العائلات الزمن لمواجهة ارتفاع الاسعار، تستعد العديد من العائلات مع حلول موسم البرد لتحضير العولة ، كتقليد ازلي في المجتمع وهو ما اعربت عنه جميلة من المدية، والتي اعربت عن مدى تخوفها من التقلبات الجوية التي ستشهدها مختلف ولايات الوطن خلال الايام القادمة وهو ما يمنعها من الخروج خاصة وان أبناءها صغارا وزوجها يعمل خارج الولاية مما يدفعها لشراء بعض المؤونة. ولم تكن نورة الوحيدة التي جاءت لهذا الغرض، فسفيان، أب ل5 أطفال، هو الآخر أصر على ذلك من أجل تفادي مرارة وبرودة الطقس خاصة وانه لا يملك سيارة خاصة، ليقول في هذا الصدد، انه وبمجرد ان يحل موسم البرد وهطول الأمطار بشدة، يتعذر عليه التجول بحرية وشراء ما يلزم بيته من أغراض ولتجنّب ذلك، فإنه يقوم بشراء مختلف المواد الغذائية خاصة البقوليات مثل العدس والكسكسي، حتى لا يقع في مشكلة ويريح نفسه من عناء البحث عن الخبز والخضر، واضاف ذات المتحدث ان العولة هي الحل البديل لنا لتجنب الزيادات المرتقبة . وفي ذات السياق، تسعى العائلات بسوق أهراس منذ القدم، إلى مسايرة الفترات المناخية سواء الباردة أو الحارة، وعلى وجه الخصوص الباردة، لأنها تتطلب الإدخار والتفكير في الإنفاق، لذا يعمد أهل المنطقة إلى تحضير أكلات غنية بالدهنيات؛ مثل العصيدة المدهونة بالزبدة والعسل أو الرفيس والغرايف والمحاجب، مما يعطي طاقة حرارية لجسم الإنسان تمكنه من القيام بنشاطه الفلاحي الصعب. كما يعتمد المجتمع السوقهراسي، منذ القدم، على نظرة استشرافية للطقس المجسد في مقولة: لا تأمن الجو إذا صحى وإذا صحى غير حطّب ، وهي إشارة واضحة إلى وجوب الاستعداد لفصل بارد وشاق، وتخصيص زاوية من السكن لحطب التدفئة، وهو ما اشار إليه جمال من ولاية سوق أهراس، مضيفا أن العولة تمثل العيش المتوازن للفرد، حيث يبدأ في تحضيرها في فترة الحصاد وبيع المنتوج، مشيرا إلى أنه نظرا لكون المجتمع السوقهراسي مزارع، فإن نسبة 80 بالمائة من مؤونته المدخرة أو عولته من مواد غذائية، مصدرها العجائن على غرار الكسكسي، الدقيق، المحمصة والروينة أو الطمينة، إلى جانب ثمار جافة مثل المشمش، عين البقرة، الزبيب والرمان. قارورات غاز البوتان تتصدر قائمة المواد المدخرة وأمام إدخار العديد من السكان للمواد الغذائية، ألح العديد من المواطنين، خاصة المتواجدين بالمناطق النائية، على ادخار قارورات البوتان باعتباره من أولى متطلباتهم، فتخوفهم من ندرة غاز البوتان وارتفاع أسعاره في الأيام المقبلة، دفع بالعديد منهم إلى الإسراع لملأ قارورات غاز البوتان احترازا من ان يجدوا صعوبات جمّة للحصول عليها والتي كثيرا ما تلتهب أسعارها في فصل الشتاء، خاصة وان استعمال هذه الطاقة يتزايد في ظل موجة البرد التي تعرفها العديد من المناطق، ليقول في هذا الصدد، حسن من إحدى المناطق النائية ببوسعادة: نحن مجبرون لا مخيرون في هذه الفترة على اخذ الحيطة ومواجهة موجة البرد والشتاء لهذه السنة بهذه التحضيرات خاصة بعد الانباء الاخيرة التي تؤكد ان هناك ارتفاعا مرتقبا لمختلف السلع خاصة وأنكم، كما ترون، نعاني من ظروف اجتماعية صعبة ومازاد من معاناتنا هو الطريق الرابط بين بيوتنا والطريق الرئيسي ، ولاعتبار مادة الغاز من الأمور الضرورية خاصة في موسم البرد يستعمل للطهي والتدفئة وانعدامه يشكّل مشكلة كبيرة خاصة بالنسبة لسكان المناطق النائية الأمر الذي اضطر الكثير منهم للخروج في رحلة شاقة للبحث عن قارورة غاز تقيهم برودة الطقس وقساوته، حيث يقول عمي الهاشمي، ان بيته لم يزود بعد بغاز المدينة وهو في كل مرة يقوم بشراء قارورات الغاز ويعاني من قلتها وأحيانا انعدامها في فصل الشتاء وهذه المرة عندما علم من ابنه انه سيكون فيه ارتفاع محسوس ببعض المواد، لجأ الى استعارة سيارة جاره من اجل تحميل عدد من القارورات من محطة الوقود لأنه تعب، حسب قوله، من جشع بعض التجار الذين يستبقون الزمن برفع الاسعار.