لا يتبقى سوى شهر واحد أمام العشرات من الأحزاب المعتمدة التي أعلنت مشاركتها في التشريعيات لضبط قوائمها كما ونوعا إذا ارادت كسب مقاعد هامة في مبنى زيغوت يوسف، وإن كانت الأحزاب التقليدية تشتكي من المشاكل المتعلقة برؤوس القوائم وسط تخوفات تبديها القواعد من هيمنة أصحاب الشكارة على المشهد، فإن بعض التشكيلات السياسية ممن يصفها مراقبون بالمجهرية تواجه صعوبات حتى في ملئ قوائمها وتلجأ عادة إلى ترشيح أشخاص لا علاقة لهم بالنضال السياسي لملئ واجهاتها دون مراعاة أدنى شروط العمل السياسي. وفي نظرة إلى الاحزاب التقليدية ذات القواعد النضالية المعتبرة في صورة جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، تشهد المرحلة الحالية تنامي السوسبانس بخصوص رؤساء القوائم وسط اتهامات ومخاوف نابعة من المحافظات واللجان الولائية من هيمنة أصحاب الشكارة و الحرس القديم على الطرق المؤدية إلى قبة البرلمان. وفي السياق يشن الأمين العام للأفلان جمال ولد عباس حربا ضروسا على التعيينات الفوقية من خلال إقرار تعليمات قيادية لترجيح كفة النضال والكفاءة على حساب المال والنفوذ في قوائمه الحزبية، كما طمأن في جل خرجاته بأن القسمات والمحافظات هي المخولة الوحيدة لتزكية المترشحين. بدوره ألقى الأمين العام للأرندي أحمد أويحيى مهمة تنقيح قوائم التشريعيات على عاتق اللجان الولائية التي تعمل لإعادة الإعتبار للمناضلين الحقيقيين في التجمع بعيدا عن الوافدين الجدد من رجال الأعمال الذين يتهمهم البعض باستعمال المال الفاسد لشراء التزكية من القواعد، وهو الأمر الذي يسيء لسمعة الأرندي الذي يعتبر القوة السياسية الثانية في البلاد. واهتدت بعض الأحزاب التي ولدت كبيرة كما يصفها البعض إلى الإستعانة بإطارات وكفاءات من خارج قواعدها النضالية لضمان تمثيل في المستوى، على غرار حزب تجمع أمل الجزائر لزعيمه عمار غول الذي يؤكد أن حزبه وطني جامع ومفتوح أمام الجميع مع مراعاة شروط وضعها للترشح في قوائمه وهي النزاهة والالتزام والقاعدة الشعبية. أما عشرات الأحزاب التي توصف ب المجهرية والتي ظهرت بعضها تباعا منذ 2012، بعد فتح الاعتماد في قانون الأحزاب الجديد إلى جانب أخرى قديمة لكنها بدون حضور في الساحة السياسية، فقد جاء قانون الانتخابات الجديد الصادر صيف 2016، بشروط جديدة لمشاركة أي حزب في الانتخابات حيث يشترط حصول أي حزب على نسبة 4 % من الأصوات في آخر استحقاق لكي يدخل السباق القادم، وإلا فهو مطالب بجمع التوقيعات لقوائمه. هذا الشرط وضع هذه التشكيلات السياسية في ورطة حقيقية، حيث ساهم في نفور المناضلين من قوائمها خوفا من الإقصاء المحتمل، ما جعل قياداتها تلجأ إلى ترشيح أشخاص لا علاقة لهم بالنضال السياسي لملء واجهاتها دون مراعاة أدنى شروط العمل السياسي، الأمر الذي يؤدي حسب مراقبين إلى تمييع الساحة وإغراقها في الرداءة. وصرح لخضر عمارة، مدير الحريات بوزارة الداخلية، منذ أيام أن هذه الأحزاب يمكنها تشكيل تحالفات للحصول على التوكيلات المطلوبة لدخول السباق الانتخابي وتجاوز شرط 4 %. وسيؤدي هذا الاقتراح من وزارة الداخلية وفق مراقبين إلى ظهور تحالفات بين أحزاب، توصف بالصغيرة وحديثة النشأة، خلال الأيام القادمة من أجل تجنب الإقصاء الجماعي من السباق.