أخاف على الموسيقى الجزائرية من الاندثار في غياب التدوين العلمي أبدى مدير الأوركسترا الوطنية الجزائرية وعازف الكمان عبد القادر بوعزارة تخوّفه الكبير من اندثار الموروث الموسيقي الجزائري في ظل غياب تدوين علمي أكاديمي له، أين ثمّن عمل الأوركسترا الوطنية الجزائرية في إعادة عزف أهم الأغاني الجزائرية وتدوينها على شكل نوطات في السلم الموسيقي المعترف به عالميا وهو ما سيسمح لأشهر الأغاني الجزائرية بزيارة عواصم عالمية على غرار طوكيو وبكين نظرا لخضوعها لقواعد موسيقية عالمية. عبد القادر الذي رافق عازفي الأوركسترا الوطنية في حفلاتها التي قدمتها في قسنطينة على غرار سيمفونية الجسور و سيمفونية المالوف و سيمفونية الوئام اعتبر بأن عزف الموسيقى الجزائرية على شكل سيمفونيات كفيل بالترويج لها في العالم وهو ترويج للثقافة الجزائرية بالدرجة الأولى. - النصر: واجهت الأروكسترا الوطنية تحديات كبيرة وقت انطلاقها لكنها اليوم تحرز تقدما ملحوظا وشعبية جماهيرية كبيرة لما يرجع ذلك ؟ - عبد القادر بوعزارة : نحن نعيش في الألفية الثالثة فالعالم أصبح قرية صغيرة فأي عمل سمفوني هو عمل كبير إذ يشترط في العازف ضمن السيمفونية الوطنية أن يكون حاصلا على شهادة ماستر أو ليسانس أو دكتوراه في الموسيقى، وهذا كان التحدي الكبير في بداية تأسيس السيمفونية الوطنية بعد سنوات من الاستقلال لكن اليوم الجيل الحالي أصبح متعلم وصاحب شهادات عالية وهو ما جعل السيمفونية الوطنية متتبعين وشغوفين بها نظرا للمستوى العالمي الذي وصلت إليه. يمكنني القول كإضافة صغيرة بأننا اليوم نعيش العصر الذهبي للسمفونية الوطنية الجزائرية والتي أعتبرها مفخرة لكل الجزائريين حيث الحفلات التي تؤدى في تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية والتي يقودها المايسترو الجزائري الكبير أمين قويدر و استقطابها للجمهور العريض يعبّر على جانب من هذا النجاح. -لاحظنا أن السيمفونية الوطنية في أعمالها الأخيرة أصبحت تعيد الأغاني الجزائرية على شكل سيمفونيات هل تعمدتم هذا التوجه لحفظ الموسيقى الجزائرية ؟ نحن نحاول أن نكرم في كل عرض سيمفوني فنانين جزائريين ساهموا في تطوير الأغنية والموسيقى الجزائرية مثل رابح درياسة شريف خدام صادق جمعاوي وحكيم صالحي رشيد خالي وغيرهم. فنحن من خلال إعادة هذه الأغاني سيمفونيا نبرز صورة الجزائر الحقيقة التي تحترم الفن والموسيقى و حاولنا إبراز البعد العالمي للموسيقى الجزائرية وثرائها الكبير والمتنوّع، فبمجرّد تأديتها سمفونيا تلاحظ علامات الإعجاب من قبل الكثير من المستمعين الذين لم يكونوا يتوقعوا أن يسمعوا أغان يحبونها تتم تأديتها من قبل أوركسترا سمفونية. -ما الذي يجب فعله لجعل الموسيقى الجزائرية مؤهلة للعالمية ؟ - علينا أن ندوّن الموسيقى الجزائرية فخطر زوال الموروث السماعي الجزائري واندثاره ما زال قائما، لذا علينا كتابة موسيقانا بطريقة علمية أكاديمية وهذا كفيل بحفظها، أما قضية العالمية فهي تحصيل حاصل لأننا نملك موسيقى لديها القدرة على الإبهار والإمتاع وهذا ما لاحظته في الحفل الأخير الذي أحيته السيمفونية الوطنية الجزائرية في الصين كما أن دولة إسبانيا قدمت لنا قاعة لاكازا دو ميترانيو من أجل أن يستمع الجمهور هناك للسيمفونية الوطنية الجزائرية باستمرار. -لاحظنا أن العروض السيمفونية المقدمة مؤخرا في إطار تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية كانت بشكل احترافي، ما هو السبب الحقيقي لقوة السيمفونية الوطنية الجزائرية ؟ - إنه المستوى التعليمي، فالسيمفونية تشترط مستوى فنيا عاليا، لا يقل على شهادة الليسانس و الماستر و الدكتوراه في الموسيقى فنحن استطعنا أن نعود إلى إسبانيا من خلال العلم وتعطى لنا قاعات كبرى هناك لأننا استطعنا أن نبرهن على قوة الموسيقى الجزائرية وننافس بها باقي الثقافات. - رغم جمال المقطوعات الموسيقية المؤداة من قبل السيمفونية الجزائرية فإن المستمع لا يجد أسطوانات وأقراص مسجلة لعمل السيمفونية في السوق لما يرجع ذلك؟ - حقيقة هناك قحط، فكل سفارتنا في العالم تريد أن توزع عمل السيمفونية الجزائرية على الراغبين في التعرّف على ثقافتنا وحتى من يرغب في الاستماع لا يجد هذه المواد السمعية في محلات بيع أقراص الأغاني والموسيقى. و أنا أعي دور الموسيقى المتمثل بأنها إحدى الوسائل التي يتم إصلاح الناس بها، فالعالم بلا موسيقى هو عالم باهت وبارد وبلا روح. -رغم بصيص الأمل الذي فتحته الأوركسترا السيمفونية الوطنية للعازفين الجزائريين، إلا أن وضع العازف في الجزائر ليس هو ذلك الوضع الجيّد الذي يطمح إليه ، لماذا في رأيك يعيش حالة يمكن أن نقول عنها بأنها محبطة؟ - الأمر لا يتّوقف عند الجزائر فهذه ظاهرة عالمية في ظل العولمة والانفتاح الكبير، فأنا وقفت على وضعية الموسيقيين في أوروبا، إنها لا تختلف كثيرا عن وضع أي موسيقي في الجزائر، فهناك متغيّرات كثيرة غيّرت النظرة للموسيقى والعمل الفني الجاد، فضغطة واحدة على زر تحصل على ملايين المقطوعات الموسيقية مجانا وهذا الأمر بخس لحد كبير مجهودات الموسيقيين وجعلتهم يعيشون في حالة يمكن أن نقول عنها محبطة.