أضيف الشعر إلى مسبّبات الموت في بلاد العرب والمسلمين. والموت لم يعد واحدا مع بقاء أسبابه متعدّدة، وسواء أذهب أشرف فياض إلى المشنقة أو تأخّر عنها فإن الحكم بإعدامه يعدّ قتلا رمزيا لكل شعراء العربية. نعم، أصبح الخيال جريمة في هذا الوقت المتأخر من عمر البشر والأثر بأمر ممن تخيّلوا أنفسهم حرسا للإله وحماة له، هؤلاء الذين يفرّخون الايديولوجيات القاتلة التي حوّلت شبانا في عمر الزهور إلى قنابل أو قتلة شرهين للدم والنار، وحوّلت الإسلام إلى دين قتل في عيون بقية الأجناس بل وحتى في عيون معتنقيه. الصمت على هذه الايديولوجيات والخوف منها هو ما أوصل الأمور إلى ما هي عليه. الصمت هو الذي جعل شبانا عربا ومسلمين يعودون إلى تاريخ سحيق بحثا عن مجد فشلوا في تحصيله في عصرهم. الصمت هو الذي جعلهم يهجرون الحياة نحو الموت بأمر ممن يتخيّلون أنهم يمتلكون مفاتيح الجنة ومفاتيح الجحيم. التكفير هو المنجم الأول للإرهاب ، وليس أمام المسلمين سوى القيام بمراجعات على دينهم المقرصن وليس أمام العالم الحر سوى محاربة التشريعات التي تجيز قتل الإنسان لأتفه الأسباب، لأن الحق في الحياة هو الحق الأول الذي يتقاسمه الإنسان مع بقية الكائنات الحية قبل الحديث عن الحقوق التالية . لقد دفع المثقفون العرب قبل غيرهم ثمن التكفير الذي يتمتّع جنوده بالحماية والرعاية والتمويل والترويج الذي يمكنهم من تهييج الجماهير على أشخاص معزولين لا يملكون سوى عقول يرفضون بيعها أو تأجيرها، في الوقت الذي يبرّرون فيه للحاكم أفعاله. و هكذا تم إجهاض مشاريع التنوير التي نهض بها مثقفون أرادوا إخراج العالم العربي من عصور الظلمات وتقاطعت في ذلك رغبات أنظمة مع مصالح حلفاء في الغرب الذي يريد احتكار الأنوار. سكاكين و رصاصات و تفقير و تجويع ونفي وتهجير و إلغاء، أسلحة استهدفت المثقف العقلاني للإبقاء على المجتمعات غير العاقلة القابلة للاستخدام من طرف الاستعمار وورثته، وفي كل مرّة تساق المبررات الدينية في الردع. الآن وقد وقعت الفؤوس جميعا في الرأس، ونجح الناجحون في تدمير البلدان العربية ذات العمق الحضاري ولازالوا يتطلّعون للمزيد. يجب على النخب أن تشير على الأقل إلى ضرورة الوقوف في وجه الايديولوجيا القاتلة التي يستخدمها الجميع في أهدافهم المتعددة.