بحت الأصوات، وجفت الأقلام، وطويت الصحف، وأقفلت لوحات المفاتيح، وصُفدت الأجهزة.. لم تعد الأحداث تتحمل أي كلام، أو تحليل أو نقاش كل شيء واضح.. لم يكتف "المخلفون" هذه المرة بالجبن والخنوع والتواطئ بالصمت، بل انتقلوا إلى تأييد إسرائيل علانية وتبرير جرائمها واعتداءاتها، ومعاداة إخواننا وتحميلهم مسؤولية الجرائم الصهيونية المقترفة في حقهم، والنشوة بتدمير مساكنهم وبناياتهم.. كنا نعيب على العالم صمته وسكوته عن الحق، وتأييده للظلم بالقول والفعل وبالصمت في أحسن الأحوال، رغم أن العيب كان فينا.. فكيف لنا اليوم نلوم غيرنا وقد أصبح العيب منا وغدى "المُعذِّرون" منا أظلم الظالمين. في أكبر دولة عربية نكثت غزلها، لا يتحرج السياسيون والمثقفون والاعلاميون ورجال الدين في تجريم إخوانهم والتعبير عن سعادتهم بالعدوان الصهيوني على غزة، والتلذذ بمقتل "إخوانهم" هناك.. وفي أكبر دولة ترفع لواء الإسلام وتدعي الوفاء لنبي الأمة والتأسي به وبصحابته من بعده من السلف الصالح ! تنطلق رسائل رسمية تعبر عن حلم قادتها بمعانقة الصهاينة مغتصبي الأرض ومنتهكي العرض، والعيش معهم في سلام ووئام.. وسط صمت "مغرض ومعيب" يعكس الغبطة والسعادة بما تلحق إسرائيل من تقتيل وتنكيل وأذى بمسلمين من المفروض أنهم إخوة لهم، مرابطين ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس.. أليس المخلفون والمعذرون والمتعاونون اليوم - وهم يتفرجون على مجزرة إخواننا في غزة – أحق بأمره عز وجل لليهود "فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم.."؟. فلم يبق لهم من شرف ولا كرامة بين الأمم، وأمام التاريخ، والأجيال القادمة إلا أن يرحموا أنفسهم بقتل أنفسهم أو يتمنوا الموت للتكفير ولو عن جزء بسيط من ذنوبهم في حق أنفسهم وحق أمتنا وخيانتهم لقضيتها، وعجزهم وتأخرهم عن نصرة إخواننا.. فقد يقال تخلفوا واستكانوا وخانوا وتواطؤوا لكنهم قتلوا أنفسهم فكان خيرا لهم..