أجمع خبراء من مختلف التخصصات العلمية بجامعة وهران بأن التطور الذي تعيشه المدن الجزائرية على جميع الأصعدة، يتطلب التفكير في المضي نحو تأسيس المدن الرقمية أو الذكية التي ترتكز، حسبهم، على أهم الأسس وهي «حق المواطن في المعلومة»، وفق ما جاء في الدستور الجديد. تطرق أمس مجموعة من الأساتذة الباحثين بجامعة وهران خلال ندوة حول المدن الذكية، احتضنها مقر «كراسك» بوهران، على بعد أيام فقط من الاحتفال بالمدينة في الجزائر يوم 20 فيفري الجاري، إلى عدة جوانب تندرج ضمن مفهوم المدينة الذكية. الدكتور رشيد نورين مدير معهد الاتصالات السلكية واللاسلكية بوهران وعضو مخبر البحث الذي يقود دراسة حول المدن الذكية، قال في مداخلته بأن الجزائر تتوفر على عدة عوامل تساهم في إنجاز مدينة رقمية ذكية، لكن المشكل يكمن في العقليات المتحجرة التي تقف أمام تجسيد هذا المفهوم من خلال منع المواطن من حقه في المعلومة، و بدورهم الباحثون الجامعيون و المختصون لا يمكنهم الوصول لأبسط المعلومات الخاصة بالمدينة. الدكتور سيد أحمد سويح، من معهد الجغرافيا بجامعة وهران، قدم في مداخلته مثالا عن شح المعلومات، فلدى كل إحصاء للسكان يتم جمع معطيات تفصيلية عن حياة المواطنين، وهي المعطيات التي لا تستغل أبدا، حسبه، من قبل السلطات المحلية ولا توضع تحت تصرف الباحثين لمساعدتهم على بلورة أفكارهم النظرية. و أضاف من جهته أحد الأساتذة الباحثين، بأن الجزائر أصدرت قانون المدينة سنة 2006، من أجل تدارك نقائص التسيير الحديث للمدن وترقيتها، لكن التطبيق الميداني لهذا القانون يتم بوتيرة بطيئة جدا، مشددا على ضرورة التوصل لتجسيد مدينة، بالمعنى الحديث، ثم الانتقال لجعلها ذكية. بهذا الصدد طرح الدكتور رشيد نورين، خلاصة بحثه المتمثل في «قاعدة البيانات الجغرافية لتسيير المدن الجزائرية» و هي قاعدة تعتمد على ضرورة خلق شبكة مفتوحة، لتبادل المعلومات بين مختلف الهيئات والسلطات المحلية بالمدن وحتى المواطن لتسهيل التعامل و تلبية متطلبات السكان، و قال المتحدث بأن متطلبات هذه القاعدة التكنولوجية متوفرة في الجزائر، منها مركز الفضائيات بوهران الذي من شأنه توفير بيانات كثيرة و مهمة جدا لضبط كل المعطيات الخاصة بالمدينة، اجتماعيا و اقتصاديا وعمرانيا، مضيفا بأن إطلاق القمر الصناعي «ألسات 3» قريبا، سيحدث ثورة تكنولوجية كبيرة تساعد كثيرا على خلق مدن ذكية متطورة ومواكبة للعصرنة و للمدن العالمية. و أفاد الأستاذ يقاش ياسين، وهو أحد أعضاء وحدة البحث، بأنه و على مستوى معهد الإتصالات السلكية و اللاسلكية بوهران، يتم حاليا ابتكار أنظمة تكنولوجية جزائرية وتطوير أجهزة رقمية من طرف جزائريين، تحضيرا لإطلاق مشروع المنزل الذكي الذي، حسبه، لا يتطلب سوى تركيب أجهزة إلكترونية مرتبطة بوحدة مركزية توزع الأدوار على كل الأجهزة المنزلية للتحكم فيها عن بعد. و هنا ذكر الأستاذ بأن استخدام التكنولوجيا الحديثة، يوفر على الدولة وعلى المواطن أموالا ضخمة و يمكن من ربح الوقت، وهي الفكرة التي شرحها الأستاذ إلياس صديق، من خلال عرضه حول تسيير الحركة المرورية في المدن الذكية، وهي قواعد تكنولوجية تتطلب احترام تطبيقها و ضرورة تجسيدها، وفق طرق علمية مدروسة من أجل الوصول لضبط حركة المرور داخل المدن. و قد أجمع المتدخلون على أن تجسيد مفهوم المدن الذكية في الجزائر ليس غدا، بالنظر للهوة الموجودة بين الجامعة والمؤسسة والإدارة، خاصة بين الأبحاث العلمية و القرارات التي تصدرها السلطات المحلية.