كشف مدير المتحف الوطني للمجاهد الدكتور مصطفى بيطام، أن المتحف تمكن من تسجيل ما لا يقل عن 6 آلاف شهادة حية أدلى بها المجاهدون الذين عايشوا مختلف أحداث ووقائع الثورة التحريرية، منذ بدء العملية سنة 2000، وقال أن هذه العملية لا تزال مستمرة لتسجيل أكبر قدر من هذه الشهادات التاريخية للحفاظ على الذاكرة الوطنية وكتابة تاريخ الثورة من أفواه صانعيه، ودعا بالمناسبة كافة المجاهدين للإدلاء بشاهداتهم ومنح الوثائق التاريخية لمتحف المجاهد. حاوره عبد الحكيم أسابع وفي لقاء خص به النصر، أوضح الدكتور بيطام، وهو أستاذ لمادة التاريخ بجامعة الجزائر، أن الشهادات التي تحصل عليها المتحف، عبارة عن مادة خام تحضر وتدقق وتدرس من طرف لجنة علمية متخصصة على أن يتم تسليمها فيما بعد للباحثين والمؤرخين والمهتمين بتاريخ الجزائر وثورة نوفمبر 1954، مشيرا إلى أن المتحف قد أصدر في إطار نشر الذاكرة الوطنية في أوساط الشباب والأطفال، إلى اليوم 93 قصة خاصة بالرموز بالشهداء، بمعدل 100 ألف نسخة وقام بتوزيعها على 24 ألف مؤسسة تربوية في 48 ولاية. نستغل مواقع التواصل الاجتماعي لنشر الثقافة التاريخية بين الشباب النصر: أين وصلت عملية تسجيل وتجميع الشهادات الحية للمجاهدين ؟ بيطام: أصبح في حوزتنا إلى الآن أكثر من 6 آلاف شهادة حية منذ أن شرعنا في العملية، وقد تمكنا خلال السنوات الأخيرة توظيف واستغلال ما أتاحته التكنولوجيات الحديثة، في التسجيل وحفظ هذه الشهادات لكي نضمن لها فترة عمر افتراضي أطول، حتى تتمكن مختلف الأجيال المتعاقبة من الباحثين والدارسين والمؤرخين من توظيف هذه الشهادات وتوثيقها، علما أن العملية كانت تتم بين سنوات 2000 و 2006 بطريقة تقليدية. النصر: ما هي الدواعي التي دفعت بكم لاختيار طريقة تسجيل الشهادات الجماعية، مع أن طريقة التسجيل الفردي تبدو أنجع؟ بيطام: لا أخفي عليكم بأنني أصبحت أخشى أن يمضي قطار العمر بسرعة بالنسبة للمجاهدين الذين مازالوا على قيد الحياة، ففي تصوري أنه بعد مرور 15 سنة بعد اليوم قد لا نجد مجاهدا واحدا على قيد الحياة، لذلك استحدثنا منذ شهر أكتوبر 2015 طريقة جديدة للتعجيل بتسجيل أكبر عدد من الشهادات الحية، فعلاوة على اللقاءات الفردية التي تتم في استديو المتحف أين نستقبل كل يوم مجاهد، لتسجيل شهادته الحية في حلقة أو حلقتين، ابتكرنا ما يسمى باللقاءات الجماعية التي تتم مرتين في الأسبوع ( كل يوم اثنين وكل يوم خميس)، وقد صلنا في سنة إلى تنظيم 91 لقاء جماعي. النصر: هل وظيفة تسجيل الشهادات الحية، حكر على المتحف الوطني للمجاهد أم أن العملية تمتد إلى المتاحف الجهوية؟ بيطام: كما تعلمون، فإن لوزارة المجاهدين أكثر من 40 متحفا ولائيا للمجاهد ، وخاصية المتحف الوطني للمجاهد أنه يستقطب المجاهدين من مختلف ولايات الوطن. وبحسب تصريح سابق لوزير القطاع فان بحوزة وزارة المجاهدين ما لا يقل عن 13 ألف ساعة من التسجيلات الخاصة بالشهادات الحية التي تم تسجيلها على مستوى متحفنا والمتاحف الأخرى المنتشرة عبر الوطن فضلا عن تلك الخاصة بالمركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر، علما أن تم تنسيق بين هذا الأخير والمتحف الوطني للمجاهد وكلاهما يكمل وظيفة الآخر، غير المركز المذكور له طابعا أكاديميا علميا إذ يتوفر على وحدات بحث. النصر: في حال وجود تضارب أو تناقض في تصريحات بعض المجاهدين حيال وقائع تاريخية معينة كيف يتم التصرف؟ بيطام: هذه المسألة لا تثير مخاوفنا فنحن ندرك تماما أنه مثل ما يوجد مجاهدون يتمتعون بقوة الذاكرة، فإن ثمة مجاهدين آخرين قد يتعرضون لآفة النسيان، وقد تطغى ذاتية البعض خلال سرد الوقائع كما قد يتأثر البعض الآخر بظروفه الصحية، لكن المحققين والباحثين والدارسين ومن خلال استنطاق ما هو مكتوب وما هو مسجل، يمكنهم التوصل إلى ضبط المعومات بشكل تقريبي، وألفت الانتباه هنا إلى أننا قد شكلنا لجنة على مستوى المتحف تتكون من باحثين ودارسين، من أجل إعادة قراءة الشهادات الحية التي سجلناها أو نسجلها. النصر: هل بإمكان الباحثين والمؤرخين الخارجيين ( من خارج لجنة المتحف )، استغلال التسجيلات المحفوظة في المتحف؟ بيطام: بإمكان أي مواطن جزائري، باحث أو دارس، كما بإمكان الإعلاميين المهتمين بالبحث في التاريخ تصفح الشهادات المسموح بها، وبالإمكان الاطلاع في مكتبتنا الصوتية على أي شهادة وتوظيفها في بحوثهم ودراساتهم. وزعنا 9 ملايين و300 ألف نسخة من قصص رموز المقاومة على 24 ألف مؤسسة تربوية النصر: كيف توصلون الشهادات والوقائع التاريخية إلى فئة الشباب؟ هل تستغلون الشبكات الاجتماعية لأجل ذلك؟ بيطام: نحن نستغل كل ما أتاحته التكنولوجية من مواقع إلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي لنشر الثقافة التاريخية، وأشير هنا إلى أن نفس المهمة يقوم بها فاعلون آخرون عبر مدونات ومواقع على شبكة الانترنيت تهتم بالتاريخ الوطني وبنشره، وبعد مرور أكثر من نصف قرن على الاستقلال نعتقد أن ثمة صحوة كبيرة واهتماما بالتاريخ من قبل الأجيال الجديدة تترجمها الزيارات الكبيرة للمواطنين، وخاصة الفئة الشبانية والمتمدرسين على المتحف الذي بلغ عدد زواره السنة الماضية 500 ألف زائر، كما تمكنا من الحصول على وثائق وأشياء تاريخية ثمينة من مختلف الأسر الجزائرية ونناشد وسائل الإعلام أن تساعدنا في عملية تحسيس المواطنين والأسر والمؤسسات من أجل تقديم كل ما بإمكانهم مما يحتفظون به للمتحف سواء ما يتعلق بالمقاومة الوطنية والحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر. النصر: ما هي أهم المهام التي يضطلع بها المتحف الوطني للمجاهد؟ بيطام: المتحف الوطني للمجاهد، مؤسسة عمومية ذات طابع إداري مستقلة ماليا وتعمل تحت وصاية وزارة المجاهدين تأسس سنة 1972، وكان مقره في بداية الأمر في القبة قبل أن يحول إلى مقر مركز الدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر، وبعد بناء مقام الشهيد حولت وصايته إلى وزارة الثقافة لعدة سنوات ومتحف المجاهد يعتبر جزء من مقام الشهيد الذي دشّن سنة 1982 ويرمز للمقاومة والحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر. من مهام المتحف استرجاع الوثائق والأشياء المتحفية وتسجيل الشهادات الحيّة التي لها علاقة بالمقاومة والحركة الوطنية والثورة التحريرية، وترميمها وحفظها وعرضها واستغلالها، إنجاز برامج البحث في مجالات علم المتاحف والمشاركة في أعمال الباحثين والهيئات الوطنية والأجنبية، جمع المراجع وتبادل المعلومات العلمية والتقنية مع الهيئات المتخصصة الوطنية منها والأجنبية، وطبع النشريات التي لها علاقة بنشاط المتحف في مجال علم المتاحف والتاريخ وتوظيف وسائل الإسناد السمعية البصرية فيما يخدم نشاط المتحف، فضلا عن المساهمة في التجمعات الوطنية والدولية ذات العلاقة بالمهمة المسندة للمتحف والمساهمة أيضا في إحياء الأعياد والأيام الوطنية ومختلف المناسبات والذكريات التاريخية، وتنظيم ندوات وملتقيات وأيام دراسية وإقامة معارض دائمة ومتنقلة عبر الوطن وخارجة، ومتحفنا هو الوحيد في العالم العربي الذي أصدر سلسلة وصل عددها الآن إلى 500 قصة بعنوان ‹› من أمجاد الجزائر ‹›وهي سلسلة تاريخية وثقافية تبدأ من عام 1830 إلى 1962 وتتم بأسلوب بسيط سلس موجهة للناشئة في الأطوار الثلاثة وتصدر من طرف المتحف وقد تم إلى حد الآن طبع 93 قصة بمعدل 100 ألف نسخة من كل قصة بمجموع 9 ملايين و300 ألف قصة وزعت على 24 ألف مؤسسة تربوية في 48 ولاية، ويتراوح عدد صفحاتها بين 20 إلى 25 صفحة وكلها خاصة بالرموز بالشهداء قادة الولايات قادة المناطق وقادة النواحي قادة القسمات والعملية ستستمر والآن الوزارة بادرت إلى تحميل هذه السلسلة على أقراص ونحن كمتحف تم صب هذه المادة موجودة في موقع المتحف وبإمكان أي معلم أو أستاذ أو أي مؤسسة أو أي مدرسة أن تسحب هذه القصص والعملية متواصلة المجاهدين الموجودين في الجالية. أبواب المتحف مفتوحة إلى غاية العاشرة ليلا و 500 ألف شخص زاروه في سنة النصر: ما هو الهدف من جعل مدة زيارة المتحف تمتد إلى العاشرة؟ بيطام: قررنا تمديد فترة فتح أبواب المتحف إلى العاشرة ليلا بتعليمات من وزير المجاهدين وقد تفاجأنا بمدى الإقبال الكبير من طرف الزوار في الفترة المسائية سيما العمال والموظفون وأصحاب المهن الحرة التي لا تسمح لهم ارتباطاتهم العملية من زيارة المتحف خلال ساعات النهار، كما أن من بين زوار المتحف صيفا نجد أعدادا كبيرة من أفراد الجالية الوطنية في الخارج، ومنذ سنوات تقوم شخصيات دولية و رؤساء دول بزيارة المتحف خلال تواجدهم بالجزائر. النصر: ما هي الرمزية التي يدل عليها المكان الذي شيّد فيه مقام الشهيد الذي أقيم أسفله متحف المجاهد؟ بيطام: لقد بني مقام الشهيد الذي يوجد أسفله متحف المجاهد، في هذا المكان بالذات باعتبار أن هذه الربوة التي شيّد فوقها كانت في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، معقلا للمقاومين الجزائريين الذين كانوا يصدون هجمات الإسبان والبرتغاليين على السواحل الجزائرية، ومما يؤكد أيضا أن اختيار هذا المكان، كان عن دراية ودراسة، أن المنزل الذي احتضن اجتماع مجموعة ال 22 لا يبعد سوى ب 800 متر عن مقام الشهيد، كما يوجد على مقربة من مقام الشهيد أكبر مركز للتعذيب