يلتقي أطراف الثلاثية اليوم الأحد بقصر الدكتور سعدان، مقر الحكومة، في اجتماع تحضيري للثلاثية القادمة، حيث سيتدارس شركاء العقد الوطني الاقتصادي و الاجتماعي مختلف النقاط المدرجة في الموعد الهام الذي سيتحدد تاريخه بناء على الحوار و التشاور بين أطراف العقد. و على الرغم من أن جدول الأعمال يبقى مفتوحا بين الشركاء، الحكومة و أرباب العمل و الاتحاد العام للعمال الجزائريين، إلاّ أن الأزمة الاقتصادية و المالية التي تعيشها بلادنا منذ حوالي أربع سنوات و كذا انعكاساتها السلبية على المجتمع و الاقتصاد الوطني، ستلقي بظلالها لا محالة على لقاء اليوم بين الأطراف الثلاثة و على النقاط المدرجة في جدول الأعمال. و من دون شك، فإن الشركاء الذين كانوا طوال مسار الثلاثية الشهير بمثابة الحلفاء، سيواصلون السير على نفس النهج المسؤول، أي نهج الحوار و التشاور و التفاهم الذي سمح بتجاوز فترات صعبة من التوتر الاجتماعي باتخاذ قرارات شجاعة لصالح الفئات العمالية من جهة و من جهة أخرى الاستجابة لمطالب المستثمرين و تحسين مناخ المال و الأعمال. و سيكون هذا الموعد الذي سينعقد في ظروف اقتصادية و اجتماعية أكثر تعقيدا و صعوبة من ذي قبل، مناسبة سانحة للشركاء الذين هم في الحقيقة حلفاء بحكم المسيرة الحافلة و الثرية للثلاثية و نتائجها، للتعبير عن مدى استعداد كل طرف لتحمل مسؤولياته التاريخية ، كما تحمّلوها من قبل. و هذه المرّة العبء سيكون ثقيلا على كل طرف، للمساهمة الفعالة في الخروج من عنق الزجاجة و تصور حلول عملية و ناجعة مبنية على تنازلات، في ظل تراجع عائدات النفط و تزايد الحاجات الاجتماعية و الاقتصادية. و لذلك فإن هامش المناورة الاقتصادية سيكون ضيقا و محفوفا بالمخاطر، ممّا يحتم على جميع الأطراف المشكلة للثلاثية العمل في إطار مشترك و بمزيد من التضامن و التشاور، ذلك أن هدف بناء اقتصاد وطني متنوع و تنافسي خارج المحروقات، يتطلّب تضاعف المجهودات المشتركة لأطراف الثلاثية و حتى توسيع إطار التشاور و التفاهم إلى كل القوى الاجتماعية و الاقتصادية التي بإمكانها المساهمة في بلوغ هذا المسعى النبيل الذي يشكل الخلاص الفعلي من مرحلة اقتصادية أبدت محدوديتها رغم ما حققته من مكاسب اجتماعية، و الدخول في مرحلة اقتصادية جديدة تأخذ بعين الاعتبار التحكم في التوازنات المالية و الاقتصادية الكبرى للبلاد و التي تقيها شرّ الوقوع بين مخالب المفترسين و المؤسسات المالية الدولية. و يأتي اللقاء التحضيري للثلاثية كمؤشر آخر على عزم حكومة الوزير الأول عبد المجيد تبون في اعتماد الحوار و التشاور كوسيلة مثلى لمعالجة الإشكالات الاقتصادية و الاجتماعية المطروحة و التي تتطلب إدخال المزيد من التحويرات و التصحيحات على مسيرة الاقتصاد الوطني. حكومة عبد المجيد تبون التي دخلت في سباق مع الزمن منذ تعيينها لمواصلة تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية بوتيرة أكثر عملية و واقعية، تنوي إطلاق استشارة وطنيّة موّسعة إلى مختلف الفئات الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و كذا إلى الخبراء و إلى كافة الإرادات الحسنة التي بإمكانها المساهمة في بلوغ إجماع وطني و صياغة خارطة طريق وطنية تسمح للجزائريين بعبور الأزمة الخانقة بأخف الأضرار الاجتماعية و قبول تقاسم أعبائها. و لذلك نجد الحكومة اليوم الأحرص من بين باقي الشركاء - الحلفاء على ترقية الحوار و التشاور كفضيلة حضارية، ليس فقط لإيجاد الحلول للأزمات و لكن أيضا ليتحمّل كل طرف مسؤولياته أثناء الأزمات.