مهرجان دولي لإخراج الكسكسي من خانة التراث إلى الطبق العالمي احتفى نهاية الأسبوع أشهر الطباخين بالمغرب العربي ومصر وسورياوتركيا بطبق الكسكسي الشهير والواسع الإستهلاك في شمال إفريقيا في مهرجان دولي بقصر الرياس بالعاصمة كان مناسبة للتعرف على آخر التعديلات التي أدخلت على الطبق وفوائده الصحية وأبعاده الثقافية والتاريخية. انطلق يوم الخميس بقصر الرياس بالجزائر العاصمة، المهرجان الدولي للكسكسي، بمشاركة أشهر الطباخين من عدة دول منها الجزائر، تونس، المغرب، مصر، سوريا، و تركيا و يتضمن المهرجان تنظيم مسابقتين الأولى وطنية، والثانية دولية حول إعداد أفضل طبق كسسكي الذي يعتبر من الأكلات التقليدية الرئيسية الحاضرة في موائد العائلات بدول المغرب العربي، وخاصة الجزائر. حسب لعزيز بن مهل، ممثل عن المهرجان ، فإن اليوم الأول تميز بتنظيم مسابقة وطنية بمشاركة 12 ولاية من الوطن، حيث قدم كل مشارك من الطباخين طبقه من الكسكسي . أما اليوم الثاني من المهرجان فشهد تنظيم المسابقة الدولية للكسكسي بالمدرسة العليا للفندقة و المطاعم، و تعرف هذه المسابقة الدولية مشاركة 14 طباخا، منهم اثنين من تونس، واثنين آخرين من المغرب، إلى جانب طباخ من مصر، والباقين من الجزائر، و تضم لجنة التحكيم رؤساء طباخين من الجزائر، تونس، المغرب، و تركيا، كما شمل اليوم الثاني عرض مختلف أنواع أطباق الكسكسي الجزائري. أما اليوم الثالث و الأخير، فتنقل فيه كل المشاركين إلى البريد المركزي بالعاصمة، لعرض أطباقهم أمام الجمهور، كما تم عرض مختلف الأواني الخاصة بتحضير هذا الطبق، ومنها البرمة أو المقفول، الكسكاس، اللطام أو القفيلة، كما تم تخصيص جناح لعرض التراث التقليدي الجزائري، منها الألبسة و الأواني، ووسائل تقليدية كان يستعملها الإنسان في القديم، بغرض التعريف بهذا الإرث الثقافي الجزائري. وحسب بن مهل، فإن الهدف من تنظيم هذا المهرجان هو إخراج الكسكسي من الطابع التقليدي ، وإعطائه طابعا عالميا، مضيفا بأن الجزائر تشهد عدة تظاهرات خاصة بإحياء التراث التقليدي في مجالات مختلفة، في حين مثل هذه التظاهرات الخاصة بالكسكسي، باعتباره من التراث الجزائري الأصيل، غير موجودة، وبهذا يسعى المنظمون من خلال هذه التظاهرة، إلى إحياء هذا الموروث الثقافي، وإبراز مواصفاته في القديم و الحاضر. تاريخه يمتد إلى 148 قبل الميلاد يعتبر الكسكسي من الأكلات التقليدية المشتركة التي تجمع دول المغرب العربي منذ القدم، إلى جانب بعض الدول الأوروبية، و منها فرنسا التي يعد فيها الكسكسي ثاني أكلة مفضلة ، وهناك بعض المناطق بشمال إفريقيا تطبخه بصفة يومية، كما يعد من الأكلات المفضلة في المناسبات والأفراح، ومن الأطباق المفضلة التي تقدم للضيوف. يرجع تاريخ الكسكسي وفق المعلومات المتوفرة بالمهرجان الدولي للكسكسي، إلى الفترة بين 148-202 قبل الميلاد، إذ تم العثور على أوان للطبخ تشبه تلك المستخدمة في تحضير الكسكسي، في مقابر تعود إلى فترة الملك ماسينيسا (238-148 ق م)، كما سمحت عمليات الحفريات والتنقيب التي تمت بولاية تيارت، بالعثور على بعض الأواني، منها القدر المستعمل في تحضير الكسكسي، ويعود تاريخها إلى القرن التاسع، حسب خبراء. غني بالمغذيات ومضادات الأكسدة تشير وصفة تم نشرها على مستوى المهرجان الدولي، بأن الكسكسي يتوفر على العديد من الفوائد الصحية، حيث يحتوي على العديد من المغذيات ومضادات الأكسدة الحامية لخلايا الجسم و المجددة لها، كما يحتوي الكسكسي على البوتاسيوم الذي ينظم ضغط الدم، ويسهل حركة العظام والمفاصل، بالإضافة إلى ذلك فإن البوتاسيوم ينظم عمل القلب ويحميه من الأمراض، و يمنح الكسكسي الفرد الكثير من البروتينات، فكوب واحد منه يوميا، يعطي الشخص 12 من المغذيات التي يحتاجها. كما يحضر الكسكسي في الجزائر بمواد طبيعية خالصة، مما يساعد في الحفاظ على صحة الجسم، و تشير في هذا الإطار، رئيسة جمعية أحلام للتبادل الثقافي بالشلف، التي شاركت في هذا المهرجان بعدة أنواع من الكسكسي، بأن تحضيره يتم بمواد طبيعية خالصة، و ذكرت عدة أنواع منه، على غرار كسكسي البلوط، الزعتر، الحموم، كما تستعمل زيت الزيتون في عملية طهيه، مما يجعله أكلة صحية كاملة، و قالت المتحدثة بأن جمعية أحلام للتبادل الثقافي، تسعى من خلال نشاطاتها وتنظيم ورشات ميدانية إلى تعليم الأجيال الصاعدة طرق تحضير الكسكسي، إلى جانب تعريفهم بالأنواع الموجودة، وأوضحت بأن الكسكسي يعد من الأطباق الأساسية بضواحي ولاية الشلف في فصل الربيع ، حيث يقدم بالفواكه المختلفة، إلى جانب اللبن و الرايب. طبق الجمعة للجزائريين والأحد للتونسيين ذكر رئيس جمعية عمالقة الطهي الدولية التونسي ساسي عويني، وعضو لجنة التحكيم في المهرجان الدولي بأن الكسكسي يعد من الأطباق الأساسية على الموائد التونسية في الأفراح و المناسبات، كما يقدم للضيوف، ويعد أيضا الأكلة المفضلة عند التونسيين في سحور رمضان، و إذا كان الجزائريون يتناولون الكسكسي كل جمعة، فإن التونسيين على خلاف ذلك، يعدونه كل أحد . و أضاف المتحدث بأن الهدف من مثل هذه المهرجانات الدولية للكسكسي، هو إخراج هذه الأكلة الأساسية لدى سكان المغرب العربي من صبغتها التقليدية، وإعطائها الصبغة العالمية، وذلك بالحفاظ على مكوناتها الأساسية. وأضاف بأن تونس تشارك في المهرجان الدولي للكسسكي بأربعة أنواع، الأول «كسسكي عصبان الكباش»، و الثاني «كسسكي بربوشة»( بالأوراق الخضراء و البسباس)، والثالث «كسسكي البركان» (لحم البقر، الفاكهة، التمر)، والرابع «كسكسي أحمر» بالقرنبيط. و أشار إلى أن تونس شاركت بطباخين اثنين في هذا المهرجان، ويعملان على تحضير الكسكسي، وفق المنطقتين اللتين ينتميان إليها في تونس. وفي السياق ذاته يقول الشيف المغربي نور اليقين عبد التواب، عضو لجنة التحكيم في المهرجان الدولي، بأن أطباق الكسكسي المغربية كثيرة ومتنوعة، وتختلف باختلاف المنطقة، ومنها كسكسي صحراوي، كسكسي أمازيغي، كسسكي شمالي، كسكسي الداخل، مضيفا بأن الاختلافات الموجودة بين أنواع الكسكسي المذكورة تكون في اللحوم والخضر. تركيبة بالفواكه تدخل الأكلة باب العالمية تقول الشيف ليلى عنان،بأن الكسكسي دخل العالمية من خلال النوع الجديد وهو الكسكسي بالفواكه، وتقول بأن هذا النوع حاضر اليوم في أرقى الفنادق الأوروبية، كما أن الكسكسي لم يبق طبقا رئيسيا أو طبقا ساخنا، بل أصبح يقدم ضمن طبق الفواكه، كما يقدم كمقبلات، و للتحليات، وتؤكد بأن الكسكسي أخذ مساره نحو العالمية بهذا النوع الجديد، الذي تضاف له كل أنواع الفاكهة، منها العنب المجفف، و العنب العادي، إلى جانب الرمان و العسل، كما يضاف له مرق الشكولاطة في نوع معين، و أضافت نفس المتحدثة بأن الكسكسي ليس طبقا تقليديا، بل هو قابل للتطور من خلال إضافة عدة مكونات أخرى له، ويبقى دائما القاسم المشترك بين دول المغرب العربي، في حين لكل منطقة خصوصياتها في تحضيره. وتضيف عنان المنحدرة من البليدة، بأنها تشارك في المسابقة الوطنية بالمهرجان الدولي للكسكسي بالنوع البليدي للكسكسي الذي يحضر بماء الزهر، حيث يضفي هذا الماء ذوق العطور في الكسكسي، إلى جانب المشاركة بطبق كسكسي الحمامة الذي تستعمل فيه 100عشبة طبيعية، و تشتهر به مناطق سلسلة الأطلس البليدي. نورالدين-ع