تُصنف الجزائر ضمن أكثر دول العالم استهلاكا للمشروبات الغازية، فقد أصبح يُقبِل عليها الصغير قبل الكبير، خاصة خلال شهر رمضان أين لا تخلو منها موائد الإفطار، و ذلك دون الاكتراث لأخطارها المدمرة على الصحة و حتى لنسب السكر المصنعة بها و التي لم يقم العديد من المنتجين بتحفيضها، خوفا من تراجع مبيعاتهم، فالمستهلك الجزائري، برأي المختصين، يُفضل المذاق الحلو. روبورتاج: بن ودان خيرة خلال جولة قادتنا لبعض فضاءات التسوق، تبين أن بعض المشروبات المعروضة تحمل كل المعطيات حول تركيبتها، بينما تجنبت ماركات أخرى تحديد هذه النسبة، فيما لاحظنا أن أغلب المستهلكين لا يهمهم سوى السعر و شراء العلامة أو الذوق الذي يفضلونه، وفي بعض الأحيان هناك من يطّلع على مدة الصلاحية، لكن نادرا ما نجد أحدا يقوم بقراءة الوسم الملصق بالقارورة وينتبه لنسبة السكر، و يكون من يفعلون ذلك في الغالب، إما مرضى سكري أو أحد أفراد عائلاتهم مصابين به. «قارورة القازوز تلازمني ليل نهار»! و أوضح شاب أن والده مصاب بالسكري، لذلك قرر شراء «قازوز لايت» أي خال من السكر، لكن عندما ذهب للبيت اكتشف وجود نسبة منه في المشروب، بينما ذكرت إحدى المتسوقات أنها توقفت عن شراء المشروبات الغازية وعوضتها بالمياه الغازية، رغم أن المختصين يحذرون من أن هذه المياه أيضا تحتوي على نسبة من الأملاح ولها نفس درجة خطورة السكر. أما كمال فرفض فكرة الامتناع عن هذه المشروبات لأنها مضرة، فقط لأنه لا يستطيع الإستغناء عنها، حيث قال «كل الأغذية اليوم مضرة بالصحة ولا يهمني سوى أن أتناول ما أشتهي»، وهو نفس ما ذهب إليه عبد الغني الذي قال إنه يحمل عبوة المشروبات الغازية أو المقوية أينما ذهب. و قد فاجأتنا إحدى السيدات بالقول إن هذه المنتجات تساعدها في التخلص من القلق والإضطراب اللذين لازماها بعد خروجها الى التقاعد، إلى درجة أنها تضع كل ليلة قارورة بسعة 1 لتر قرب الفراش لتشرب منها كأسا كلما استفاقت، فتشعر بالراحة على حد وصفها، لكن سيدة أخرى كانت برفقتها أكدت لنا أنها تفضل دائما شرب الماء ونادرا ما تستهلك المشروبات الغازية، إلا في المناسبات العائلية. المختص في التغذية والسمنة رقيق الهواري المشروبات الغازية تؤدي لسرطان الكبد والإدمان و يحذر المختص في التغذية الدكتور رقيق الهواري، من تناول المشروبات الغازية كونها تحتوي على سكريات بسيطة ومواد حافظة وملونات من شأنها أن تؤدي للإصابة بسرطان الكبد وأمراض أخرى، خاصة السمنة والسكري، مؤكدا للنصر بأن جسم الإنسان بحاجة لنسبة معينة من السكر والكمية الإضافية التي تأتيه من شرب «القازوز»، تخزن في الكبد وبالتالي إذا أكثر من تناول المشروبات الغازية فإن حجم السكريات المخزنة سيرتفع و ينجم عنه طبقة من الشحوم التي تؤدي للإصابة بسرطان الكبد من نوع «سيروز». وأضاف محدثنا أن السكريات التي تحتويها المشروبات الغازية بسيطة، لذلك فهي تنتشر بسرعة في أعضاء الجسم وتسري في الدم وتخزن مباشرة في الكبد، وكلما تناول الشخص كأسا منها فإنه يضاعف هذا الإنتشار ويعرض صحته للخطر، مؤكدا أن استهلاك هذه المواد تحوّل عند الأغلبية إلى إدمان، لأن خلايا استشعار السكريات في المخ تتحول لخلايا منبهة لضرورة شرب «القازوز»، كي يشعر الشخص بالراحة خاصة أثناء تناول الطعام. ويتضاعف الخطر، بحسب الدكتور، عندما يبدأ تناول المشروبات الغازية منذ سن مبكرة، حيث تعوّد العديد من الأطفال على شربها مع بداية نموهم ومنهم من ترافقه إلى المدرسة مع اللمجة، بل أن الأمر يبدأ عند الرضيع، لأن العديد من العائلات لا تزال تضع السكر في المصاصة لطفلها كي يتوقف عن البكاء وينام، مبرزا أن الجزائريين هم من أكثر شعوب العالم تناولا للمشروبات الغازية ودون ضوابط. رئيس الفيدرالية الجزائرية لحماية المستهلك حريز زكي بعض المنتجين سارعوا لتطبيق قانون خفض نسبة السكر أوضح الدكتور حريز زكي رئيس الفيدرالية الجزائرية لحماية المستهلك، أن الدولة واعية بمخاطر السكر و الملونات والمواد الحافظة التي تستعمل في تصنيع المشروبات الغازية، وقد أصدرت مؤخرا مرسوما جديدا يلزم المنتجين بخفض نسبة السكر وتحديد كل المعطيات عن المكونات في جدول القيمة الغذائية الذي يرفق بملصقة القارورة، حتى يتمكن المستهلك من التعرف على كل المعلومات قبل شراء المنتج. و أبرز السيد حريز أن السلطات منحت المنتجين مدة عام كامل للإنضباط مع بنود المرسوم، مُثمنا إسراع البعض منهم في تنفيذ القانون مباشرة بعد صدوره، في انتظار التحاق البقية، وأوضح المتحدث أن فدراليته قامت بدراسة أظهرت أن الجزائريين يستهلكون 9 ملايين لتر من المشروبات الغازية في شهر رمضان فقط. وكشف الدكتور أن المعايير الدولية الصحية تشير لضرورة وجود أقل من 85 غراما من السكر في 1 لتر من المشروبات الغازية، بينما في الجزائر نجد أن هذه النسبة ترتفع لتصل أحيانا ل 140 غراما في اللتر، بما يشكل خطورة كبيرة على صحة المستهلك، مضيفا أن الأدهى من هذا هو أن الجزائري لا يهمه عموما سوى المذاق الحلو المميز، ما شكل تخوفا لدى منتجي المشروبات الغازية من نفور المشترين في حال إنقاصهم لنسبة السكر. و قد منحت الدولة للمنتجين مهلة سنة للتأقلم مع المعطيات الجديدة، التي تبقى في صالحهم من منظور تجاري، بحسب محدثنا، لأن تقليص نسبة السكر سيسمح لهم بتوفير كتلة مالية هامة. وفي ظل غياب ثقافة الإستهلاك، قال الدكتور إن المستهلك للمشروبات دون سكر خاصة مرضى السكري، يتجاهلون الإطلاع على ملصقة المكونات ويكتفون بكلمة «لايت»، معتقدين أن المشروب خال تماما من السكر، مضيفا أن هناك منتجين يضيفون نسبة قليلة منه في المشروبات «لايت» من أجل تحلية المذاق ويشيرون لذلك بكتابة «مُحلاة جزئيا»، كما يوجد منها ما هو محلى بأنواع السكريات الصحية مثل «لاسبارتام»، داعيا لأن يبادر المستهلك بنفسه للإقلاع عن المشروبات الغازية أو التقليص من نسبة استهلاكها.