إفلاس على كافة المستويات ونتائج تعيد زمن النكسات تلقت سهرة أول أمس الكرة الجزائرية صفعة موجعة من خلال تكبد ممثليها في المنافسة الإفريقية مولودية الجزائر وشبيبة القبائل خسارتين مذلتين ، الأول في "ستاد ناصر" بالقاهرة أمام الأهلي المصري، والثاني على أرضه أمام موتيما بيمبي الكونغولي. خسارة مرة جاءت بنفس التسعيرة (2/0)، فأعادت إلى الأذهان شعار "المهم المشاركة" الذي شكل ورقة التوت في سنوات خلت، وعرت واقع فريقين كبيرين وعريقين في منعرج هام وحساس ، فقد تزامنت "النكسة" ونهاية أول موسم احترافي، وبمرور سنة واحدة عن إعادة الخضر بقيادة الشيخ سعدان الثقة والاعتبار للفاعلين والأنصار، من خلال التأهل إلى المربع الذهبي في الكان وتمثيل القارة في المونديال. خروج عبر البوابة الخلفية ولئن كانت الخسارة واردة في عرف الكرة ويتحتم على الجميع تقبلها وحسن استيعاب دروسها، فإن حال المولودية والشبيبة يحتاج إلى وقفة مطولة وتشريح ، على اعتبار أنهما أساءا إلى كرتنا من حيث لا يدريان وجسدا حالة إفلاس أنديتنا ، فالفريقان دخلا أرقى وأمجد المسابقات الكروية الإفريقية من الباب الكبير في ثوب بطل الجزائر ووصيفه ، قبل أن يغادرا ساحة كبار القارة من الباب الخلفي، نتيجة فشل الكناري في إثبات علو كعبه في رابطة الأبطال فأتجه رأسا نحو كأس الكاف التي تربطه بها علاقة مميزة من خلال تربعه على "عرشها " لثلاث سنوات متتالية في مطلع الألفية الجديدة، قبل أن تنقلب الأمور هذه الصائفة وتتحول التتويجات إلى نكسات، بتكبد تشكيلة موسى صايب لثلاث هزائم متتالية اثنتان منها في عقر الدار! والأغرب أن تذيل ممثلينا سلم الترتيب في المنافستين حول مبارياتهما المتبقية إلى مجرد إجراء شكلي، كما أن فقدانهما الحظوظ في التأهل ومعها القوة و الهيبة داخل و خارج الدار، فتح شهية المنافسين ودفع مدرب الأهلي خوزي مانويل إلى التصريح عقب لقاء أول أمس أن الهدف القادم ينحصر في هزم المولودية في ملعبها، ولم يشد كينزو مدرب موتيما بيمبي الكونغولي"أضعف منافس في المجموعة"عن القاعدة فصرح بدوره "حظوظنا تبقى قائمة، بعد هذا الانتصار سنحاول الفوز على الشبيبة عندما نستقبلها في الجولة المقبلة". هواة في دوري المحترفين إخفاق لم يكن وليد الصدفة لفريقين أثبتا عجزهما على جميع المستويات ويشتركان في عديد القواسم المشتركة، فالمولودية تلقت على مدار ثلاث مباريات سبعة أهداف واكتفت قاطرتها الأمامية بتوقيع هدف وحيد ، والشبيبة لم تكن أحسن حال حيث سجلت هدفا يتيما واهتزت شباكها في خمس مناسبات، إفلاس يعكس الوضعية المزرية لناديين كبيرين فشلا في تسيير مرحلة ما قبل المنافسة، فدخلا رابطة الأبطال وكأس الكاف بتعداد مبتور ولاعبين غير جاهزين، فالتشكيلة العاصمية لم تدون منذ شهور طويلة على ورقة المنافسة الإفريقية 18 اسما، ولعبت جل مبارياتها بحارس مرمى وحيد وبديلين إلى ثلاثة على دكة البدلاء، والشبيبة سلكت نفس النهج من خلال لعبها جل المقابلات بتشكيلة عرجاء ودخلت لقاء أول أمس بلاعبين بديلين فقط! وهي وضعية يتحمل مسؤوليتها الجهاز الإداري للفريقين نتيجة فشله في سياسة الانتدابات على مدار الأسابيع الفارطة، فالفريقان ورغم عراقتهما وشعبيتهما وكبر إمكانياتهما يسيران بعقلية الهواة، في غياب منهجية واضحة المعالم ولجان مختصة على رأسها لجنة الاستقدامات التي عادة ما تشكل من لاعبين قدامى وفنيين يتكفلون بمعاينة الوافدين الجدد وتحديد حاجيات التشكيلة، وهنا أيضا يشترك الفريقان في الفشل من حيث ضعف التعاقدات، فالمولودية تاهت في الميركاتو الصيفي فعجزت عن الاحتفاظ بنواة تشكيلة الموسم المنصرم ، ولم تتمكن من تدعيم تعدادها بلاعبين قادرين على إعطاء الإضافة المرجوة، وعلى نفس الحال يتواجد الكناري الذي فاجأ محبيه والمتتبعين بمعاينة المدافع المغترب أصامي في مباراة رسمية وبعد توقيعه العقد! قصر نظر والموسم القادم في خطر والأجمل في كل هذا أن حناشي وغريب ضربا بالأعراف عرض الحائط فلجأ كلاهما إلى التضحية بالمدرب عشية دخول المنافسة القارية وبعد توفيق نورالدين زكري ورشيد بلحوت في تجسيد الهدف المسطر، الأول بضمان بقاء المولودية في الرابطة المحترفة الأولى ودخول نظام المجموعات في رابطة الأبطال الإفريقية، والثاني من خلال ضمانه البقاء وإثرائه خزانة الشبيبة بلقب كأس الجزائر، وفيما أكد غريب قصر نظره يوم أعلن عن ترسيم مقلاتي مدربا رئيسا مكافأة له على انتزاع التعادل من الترجي في ملعب 05 جويلية، ليعود بعد رباعية الدارالبيضاء للبحث عن مدرب يقود التشكيلة، لم يستفد حناشي من خبرته وحنكته فخسر رهان خلافة موسى صايب لرشيد بلحوت، بدليل اتخاذ الرجل الأول في البيت القبائلي عقب خسارة سهرة الجمعة قرارا يقضي بعقد اجتماع طارئ مع اللاعبين والطاقم الفني، لوضع النقاط على الحروف عقب نكسة الخروج المبكر من كأس الكاف وعجز الفريق عن حفظ ماء الوجه. مبررات واهية ورغم أن مقلاتي سارع إلى رمي الكرة إلى معسكر إدارة المولودية ، من خلال تأكيده على أنه يحمل حقيبته في يده في إشارة إلى استعداده لمغادرة منصبه، وتصريح صايب بأن إدارة الكناري فشلت في سياسة تعاقداتها وأنه لا يتحمل تبعات الفشل، مع حرصه على جعل ما تبقى من مباريات قارية تحضيرية للموسم الكروي الجديد، فإن كل المؤشرات توحي باستمرار معاناة الناديين وعدم تخلصهما من رواسب موسم كارثي جانبا في نهايته السقوط في لقاء جمعهما في آخر جولة من أول موسم احترافي. وأخيرا فإن تحجج مسيري ومدربي الفريقين بالإرهاق وصعوبة لعب منافسة قارية بعد أيام من نهاية الموسم المنقضي، مبررات غير مقنعة على اعتبار أن الأهلي والترجي الرياضي مرا بنفس الظروف بعد توقف المنافسة في مصر وتونس مطلع العام الجاري وتأخر إسدال الستار على فعاليات الدوري بالبلدين.