"المنطق الإسلامي بين التبعية و التجاوز ".. دعوة لرحلة تأمل و استكشاف عالم الفلسفة حاول مؤلفو كتاب "المنطق الإسلامي بين التبعية و التجاوز"، الصادر عن منشورات مخبر فلسفة العلوم الإنسانية لجامعة عبد الحميد مهري –قسنطينة- عبر ما لا يقل عن 232 صفحة في شكل أربعة بحوث تضم عشرة فصول، الإجابة عن إشكالية لا تزال تشغل بال عديد المفكرين و هي موقف المسلمين من المنطق اليوناني على اختلاف مشاربهم الإيديولوجية و تباين مرجعياتهم الفكرية و وجهات نظرهم. موقعو الكتاب أربعة باحثين جامعيين و هم الدكتور علي بوقليع و الدكتور محمد وادفل و الدكتور رابح مرجي و الأستاذ نور الدين هالي لم يغفلوا عن حقيقة أن تأثير الفلسفة لم يشمل العالمين القديم و الوسيط فقط بل يشمل أيضا العالمين الحديث و المعاصر كما ورد في مدخل المؤلف حيث تطرق البحث الأول لصاحبه الدكتور رابح مراجي، بعنوان المسلمون و المنطق الأرسطي، و الذي يضم فصلين لمواقف المسلمين من العلوم العقلية و تصديهم لها و كيف برروا مواقفهم منها علما أن الدولة العباسية إهتمت بترجمة المنطق الأرسطي و الفلسفة اليونانية عموما كما ساهمت الحضارة الإسلامية في الرقي بالتفكير الإنساني. الباحث عرض و بالتدقيق كيفية انتقال العلوم اليونانية إلى المسلمين من خلال عديد الروايات منها روايات لإبن النديم أبو الفرج. و للإجابة عن ما يمكن أن يضيف المنطق للشريعة الإسلامية و هل يضر بها طرح الدكتور مراجي رأي الرافضين للمنطق الأرسطي و رأي المدافعين عنه أين أبرز نظرة إبن حزم. هذا و شمل البحث الثاني من إعداد الدكتور محمد وادفل و المسوم بأثر المنطق الرواقي في المنطق الإسلامي «ابن سينا نموذجا « ثلاثة فصول كشف من خلالها أصالة المنطق الإسلامي، في ظل المنطق اليوناني القديم و المنطق الإسلامي «السينوي « بين التأثير المنطقي الأرسطي و التأثير المنطقي الرواقي و مسألة التأثير الأرسطي أو الرواقي في المتكلمين أو المناطقة المسلمين حيث عرض أعمال ابن سينا المنطقية، مؤكدا أن إبن سينا لم يكن مجرد شارح لمنطق أرسطو بقوله» لم يكن كبقية المشائيين بل قدم أعمالا منطقية رائدة تميزت بدرجة عالية من التجريد و الصورية». و عمل صاحب البحث الثالث الدكتور على بوقليع، تحت عنوان موقف السهروردي من المنطق الأرسطي، على إيجاد جواب للإشكالية في فصلين، بتسليط الضوء على مفهوم «حكمة الإشراق» بمقارنتها بالفلسفات التي تأثرت بها كالحكمة اليونانية و الحكمة المشرقية، بعرض حكمة الإشراف لدى السهروردي و دوره في نقد المنطق الأرسطي ليتجاوزه إلى درجة الإبداع و جاء هذا في الفصل الأول أما الفصل الثاني فخصص لموقف السهروردي من المنطق المشائي و تناول فيه الباحث ما قدمه أرسطو إلى جانب الإصلاحات التي أدخلها السهروردي. أما البحث الرابع فكان بقلم الأستاذ نور الدين هالي الذي تطرق لأثر الجدل الأفلاطوني في الفكر الشيعي «الإمامية و الإسماعيلية « حيث بدأ رحلة بحثه بإطلاع الفرس على فلسفة أفلاطون و كيف أن كل من الشيعة الإمامية و الإسماعلية استطاعوا أن يجدوا في المنطق اليوناني و الجدل الأفلاطوني ما يبررون به آرائهم العقدية و نتج عن هذا التمازج التأسيس لفلسفة إسلامية قائمة بذاتها، و أن الإسماعليين كانوا أكثر جرأة من الإمامية في تبنيهم لفهم فلسفي خالص للدين سواء منهجا أو مضمونا خصوصا ما تعلق بمسألة الشريعة الظاهرة و الحقيقة الباطنة، كما يقول الأستاذ هالي في خاتمة بحثه. العلوم الفارسية و اليونانية، المنطق و الفلسفة، الإشراق، الإمامية و الإسماعلية، أرسطو، الشافعي، الباقلاني، الكندي، الفارابي إبن سينا، السهروردي، هي مصطلحات و أسماء لأربع رحلات استكشافية على متن كتاب للقراءة و التأمل...