قاد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش حربا لوضع اليد على المقدرات النفطية للعراق الذي يملك اكبر المخزونات النفطية في الشرق الأوسط، وخرجت فرنسا التي رفضت المشاركة في تلك الحرب بحجة عدم وجود غطاء أممي خالية الوفاض، وبعد 8 سنوات من تلك الحرب حصلت باريس على "حربها" بشكل يمكنها من وضع يدها على المقدرات النفطية لليبيا المقدرة ب 3.5 بالمائة من الاحتياطات النفطية العالمية أي ضعف ما تملكه الولاياتالمتحدة من احتياطات. ولم تنظر باريس انتهاء الحرب في ليبيا لتجسيد نواياها حيث تقرر إرسال وفد من كبريات الشركات النفطية الفرنسية وعلى رأسها شركة توتال إلى ليبيا لتقييم الموقف تحت غطاء إعادة بعث الصادرات النفطية الليبية. ويرى المؤرخ الفرنسي بيار فرمران المدرس في جامعة السوربون وفقاً لوكالة "فرانس برس": "أن الأمر في غاية الأهمية بالنسبة لفرنسا، فهي ثاني مستورد للنفط من ليبيا - 15 بالمائة من احتياجاتها – بعد إيطاليا المستورد الأساسي للنفط الليبي". ونشرت صحيفة ليبراسيون الفرنسية رسالة مكتوبة باللغة العربية و موجهة مبدئيا من المجلس الوطني الانتقالي الليبي إلى السلطات القطرية والإماراتية وعمرو موسى أمين عام الجامعة العربية السابق. وتقول الرسالة الموقعة بتاريخ الثالث من شهر أبريل الماضي إن المجلس قرر منح 35 بالمائة من سوق استغلال الحقول النفطية الليبية إلى فرنسا تقديرا لموقفها ودورها في التخلص من نظام معمر القذافي ومساندة المجلس، ، ووفق مصادر إعلامية فأن الجزائر حصلت على نسخة من الاتفاق من أعضاء في المجلس الانتقالي رفضوا الفكرة.الفرنسيون نفوا ذلك علنا، لكن لا دخان بدون نار،و تكرار سيناريو عراقي في ليبيا في طريق التجسيد ، حيث حازت الشركات الأمريكية على عقود إعادة بعث صناعة استخراج النفط و أعمار البلاد مقابل شروط مجزية بينما تم حرمان الدول الأخرى بما في ذلك الدول التي دعمت الحرب وشاركت فيها من عقود مهمة. ولا يعترض المجلس الانتقالي الليبي رغم تكذيبه للاتفاق على الفرنسيين على مبدأ منح الأفضلية للدول التي ساعدت المجلس على تولى السلطة في طرابلس وقال رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل قبل أيام إن الأسبقية في عقود النفط المستقبلية ستكون من نصيب الدول التي ساعدت الثوار في تحرير ليبيا من قبضة القذافي. ويرى خبراء، "أن السبق سيكون للدول المشكلة لحلف الناتو، وبالتالي فالشركات المنتمية إلى تلك الدول ستكون لها الأفضلية للاستثمار مستقبلا في النفط الليبي". و شكل مؤتمر باريس الذي عقد أول أمس الخميس أرضية لتقاسم الثورات الباطنية الليبية و توزيع مشاريع إعادة أعمار البلد، ورغم النفي العلني لباريس و لندن شريكتها الرئيسية في الحرب، بدأت منذ فترة تظهر للساحة أن القسمة تمت قبل الحرب. المؤتمر منح فرنسا وبريطانيا حق الوصاية على ليبيا و التي تضم تسيير المقدرات النفطية لليبيا و توزيع مشاريع إعادة أعمار البلد. وسارعت دول غربية أخرى كإيطاليا و هولندا إلى إظهار اهتمامها بالمشاركة في القسمة كما تنظر دول عربية وخصوصا تونس ومصر حصة مماثلة على الأقل توظيف عمالتها وتصريف مئات آلاف العمال إلى ليبيا لتقليص الطلب المحلي على العمل واسترجاع مكانتهم في السوق الليبية. و من شأن الاستئثار بعقود إعادة الاعمار وإعادة بناء الجيش الليبي أساسا بعث الشركات الفرنسية والبريطانية في مرحلة أزمة اقتصادية عميقة في ظل أزمة الديون السيادية التي زعزت الثقة في الاقتصاد الغربي، وبالنسبة للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي فان تشغيل الآلة الصناعية الفرنسية و تسويق المنتجات والخدمات تعتبر هدية من السماء له قبل الانتخابات الرئاسية والهروب من الفضائح السياسية والمالية التي تتبعه حيث يذهب في ظل توجه الناخبين الفرنسيين لسحب الثقة من اليمين ،كما بينوا ذلك في انتخابات المقاطعات التي تمت قبل أشهر. ج ع ع