سرق مناجير شباب قسنطينة طارق عرامة ورئيس شبيبة القبائل الشريف ملال، الأضواء في ختام الموسم الكروي، ليس بانجازات وتتويجات فريقيهما، رغم أن الشبيبة أنهت الموسم في المركز الثاني محققة مفاجأة كبيرة، ولكن بحرب التصريحات التي انطلقت من ملعب أول نوفمبر فجر الاثنين، عندما اتهم ملال نظيره القسنطيني ببيع ذمة فريقه وتسهيل فوز اتحاد الجزائر في آخر جولة، ما حرم الكناري من لقب كان يبدو قريبا في ظل - كما قال - رئيس الشبيبة، قوة السنافر على أرضهم وعدم تجرعهم للخسارة منذ عام 2016. حرب التصريحات بدأت مباشرة بعد نهاية مواجهات الجولة الأخيرة، والتي عرفت تفوق البطل اتحاد الجزائر على مضيفه شباب قسنطينة بثلاثية مقابل هدف وحيد، وهي النتيجة التي رسّمت فوز سوسطارة باللقب وأفسدت حفلة كانت مبرمجة بملعب أول نوفمبر بتيزي وزو، لتثور ثائرة رئيس الشبيبة، ويبادر بإطلاق تصريحات خطيرة اتهم فيها مناجير الشباب طارق عرامة، ببيع ذمته من خلال تسهيل فوز الاتحاد، وتحويل منحى لقب البطولة، قبل أن يذهب بعيدا في كلامه، عندما قال إن مسؤولي السنافر طلبوا منه مبلغا قدره ملياري سنتيم مقابل فرملة الاتحاد، وهي التصريحات، التي رد عليها عرامة بقوة نافيا حديثه إلى نظيره القبائلي، ومقدما صورة عن رسالة نصية، علق عليها بالقول إن مُتهمه ترجاه أكثر من مرة للرد على اتصالاته. المد والجزر في إطلالات الرجلين عبر مختلف وسائل الإعلام، لم يتوقف عند هذا الحد، بل تطور لما أكثر، عندما قام مسؤول الشبيبة القبائلية بتسريب محادثة هاتفية، جمعته بطارق عرامة، قال إنها دليل على «كذب» و»افتراء» المسؤول القسنطيني، غير أنها لم تحمل ما يدين إدارة السنافر، بقدر ما كانت مؤشرا على انحدار مستوى القائمين على النوادي الجزائرية، ومدى تغلغل الفساد في هذا الوسط، لأن الحديث عن ترتيب المقابلات وشراء الذمم وتقديم رشاوى، لم يعد منذ عقد من الزمن ذلك «الطابو»، الذي يخاف الجميع الخوض فيه، بل تكسرت تلك الصورة النمطية، والأكثر من ذلك صار الكثير من «الفاسدين» يتباهون بما قاموا به في الكواليس وتحت جنح الظلام، من عمليات غير شريفة، لا تمت بصلة لأخلاقيات المستديرة. الغريب فيما يحدث منذ فجر الاثنين الماضي، أن الطرفين في قضية الاتهامات، ونعني بهما طارق عرامة والشريف ملال، كانا أكثر رؤساء الأندية مناداة بضرورة إصلاح واقع كرة القدم، حتى أن الأول قال في تصريحات إذاعية إن كرة القدم الجزائرية، بحاجة إلى حراك رياضي يواكب «الحراك السياسي»، فيما لا يترك الثاني أي فرصة للتذكير بأن قدومه لعالم الكرة ورئاسة الشبيبة، كان من أجل إعادة وجه الفريق القبائلي الحقيقي ومحاربة الفاسدين، الذين عاثوا حسبه فسادا في النادي وقبله المنظومة الكروية الوطنية. عالم كرة القدم الجزائرية، تحول في ظرف سنوات إلى عنوان للفساد، بفعل الفضائح التي تتفجر بين الفينة والأخرى، ففي وقت تباهى رؤساء نوادي في تصريحاتهم بترتيب مقابلات، على غرار ما تفوه به رئيس اتحاد الشاوية عبد المجيد ياحي قبل أعوام، وأعاد التذكير به زعيم رئيس اتحاد عنابة قبل أسابيع، شُغل الرأي العام الرياضي بلاعبين ثبت تناولهم لمخدر الكوكايين، قبل أن يتكرر سيناريو نهاية كل موسم، عندما يسدل الستار، على وقع اتهامات بالكولسة وترتيب المباريات، وهو المشهد القاتم الواجب العمل على تغييره، بداية بتوفر بإرادة سياسية وتدخل عاجل لكل الجهات المسؤولة، من أجل تنظيف هذا القطاع الموبوء.