يتفوق التقني المحلي منذ ولوج عهد الاحتراف، من حيث النتائج والإنجازات المحققة على نظيره الأجنبي، حيث نال النصيب الأكبر من التتويجات، ليؤكد بأنه كان ولا يزال الخيار الأفضل والأنسب بالنسبة لفرقنا المحلية، رغم تحبيذ الكثير من الرؤساء والمسيرين التعاقد مع مدربين من خارج الجزائر، ظنا منهم بأنهم أكثر كفاءة، وقادرين على قيادتهم نحو الألقاب، غير أن آمال الغالبية القصوى تبخرت في آخر المطاف، كون النتائج لم تصب في صالح هؤلاء التقنيين ممن يوصفون بالتميز، باستثناء بعض الأسماء التي نجحت بفضل الخبرة في البصم على بعض الإنجازات الباهرة، في صورة التقني الفرنسي إيبارت فيلود، المتوّج مع كل من وفاق سطيف واتحاد العاصمة، فضلا عن السويسري آلان غيغر، الذي يعد التقني الأجنبي الوحيد الحاصل على ثنائية البطولة والكأس، وكان ذلك مع وفاق سطيف، غداة نجاحه في إيصال شبيبة القبائل لنصف نهائي رابطة الأبطال الإفريقية. ولا تزال المقارنات بين المدربين المحليين والأجانب، تصنع الحدث في الجزائر، رغم مرور السنوات، وتغير المعطيات وطبيعة المنافسات، إذ ينادي البعض بضرورة الاستعانة بالإطارات الخارجية، كونها أكثر كفاءة وخبرة وتمرسا في الميدان، ويرونها قادرة على قيادة نواديها نحو النتائج المرجوة، غير مُبالين بالعواقب التي قد تنجر من مثل هذه الصفقات، سيما في حال فسخ العقود من جانب واحد، وما يترتب عنها من إيداع شكوى على مستوى «الفيفا»، والأمثلة في هذا الصدد كثيرة ومتعددة، في شاكلة ما حدث مع فريقي وفاق سطيف وشباب قسنطينة، عندما تخليا عن التقني الفرنسي برنار سيموندي، إذ اضطرا لدفع مبالغ مالية ضخمة للنجاة من العقوبات المحتملة، والتي تصل في بعض الأحيان إلى حد خصم النقاط. وأكدت المواسم الماضية، أن خيار المحلي لا يزال مُجديا، رغم كل ما يقال في حقه، والتشكيك في مؤهلاته وكفاءاته، مقارنة بما هو قادم من وراء البحار وخاصة من فرنسا، التي لا يزال مدربوها الأكثر رواجا في السوق الجزائرية. ونجح التقني المحلي، رغم الحملات المتواصلة ضده، في حصد عديد الإنجازات مع فرقنا، سواء على المستوى المحلي أو حتى الخارجي، والدليل أن 26 لقبا ما بين بطولة وكأس جمهورية وكأس السوبر، كان من نصيب مدربينا، وفي مقدمتهم الثنائي عمراني ومضوي، أين نالا النصيب الأكبر، ليعيدا بذلك الاعتبار للمنتوج الجزائري، إذ بات الأخير يحظى بطلب أكبر لدى مسؤولينا، مقارنة بمواسم مضت شهدت تواجد كم هائل من الأجانب، وصل عددهم لأزيد من 9 مدربين من أصل 16 فريق (الصيغة القديمة للرابطة المحترفة كانت تصم 16 ناديا)، ولئن كانت الظاهرة قد امتدت إلى الأقسام الدنيا مؤخرا، ونعني الرابطة الثانية وقسم الهواة، ما اضطر «الفاف» للتدخل للحد من تناميها، غير أن هذه الخطوة باءت بالفشل، في ظل الإصرار المتواصل على التقني الأجنبي. الفرنسيون يتصدرون قائمة التقنيين الأجانب كان التقني الأجنبي يحظى بمكانة خاصة لدى مسيري فرقنا، ولا يزال كذلك، رغم نتائجه المخيبة، ونفقاته الكبيرة ومشاكله الكثيرة، فمنذ ولوج عالم الاحتراف سنة 2010، تعاقدت الأندية الجزائرية بقسميها الأول والثاني وحتى قسم الهواة مع كم هائل من التقنيين الأجانب، وفي مقدمتهم المدربين الفرنسيين، على غرار فيلود وسيموندي ودوما وبراتشي وكفالي وكازوني ولافان وفروجي، وامتدت الظاهرة حتى لعرب شمال إفريقيا، على غرار الاستنجاد بالمدرستين التونسية والمغربية ( بادو الزاكي والطاوسي والحيدوسي والزلفاني والكوكي)، غير أن غالبيتهم فشلوا فشلا ذريعا، إذا ما استثنينا مدربا أو إثنين، فمثلا برنار كازوني الذي قاد مولودية الجزائر على مرحلتين، كلف خزينة سوناطراك أموالا باهظة، دون أن يمنح هذا الفريق العريق أي لقب، فضلا عن كفالي الذي لقب بالرحالة لكثرة تجاربه في الجزائر، والتي كانت جميعها مخيبة للآمال، دون أن ننسى تصرفات البعض الآخر، في صورة ما أقدم عليه مدرب اتحاد العاصمة في بداية الموسم الحالي سيكوليني، إذ قلل من احترام الهيئات الرسمية، بعد أن رفض الصعود لتسلم ميداليته، عقب خسارة نهائي كأس «السوبر» أمام شباب بلوزداد في افتتاح الموسم الكروي الجديد، ما استدعى تنحيته السريعة من منصبه من طرف عنتر يحيى. الألقاب ظلت صُنعا محليا لئن كانت التعاقدات كثيرة مع التقنيين الأجانب، على مدار 10 سنوات الماضية، إلا أن الألقاب ظلت حكرا على مدربينا، حيث سيطروا على جُل المنافسات بداية بلقب البطولة، الذي فاز به المحليون في 6 مرات، فيما خسروه لصالح التقني الأجنبي في 4 مناسبات، وبخصوص كأس الجمهورية التي تحظى بمكانة خاصة لدى الأنصار، ظلت مستعصية على القادمين من خارج الجزائر، بدليل أنها لم تبتسم لهم سوى في أربع مناسبات فقط، ثلاث منها في عهد الاحتراف، وكانت من نصيب السويسري آلان غيغر مع وفاق سطيف ورولان كوربيس مع مولودية الجزائر، فضلا عن المغربي بادو الزاكي مع شباب بلوزداد، ونفس الشيء حصل مع بطولة كأس السوبر التي أعيد بعثها سنة 2013 فقط، أين سيطر على ألقابها التقني المحلي، من خلال ظفره بخمس تتويجات، مقابل لقبين فقط للمدربين الأجانب، كانا من نصيب الفرنسي فرانك دوما مع شباب بلوزداد وإيبارت فيلود مع اتحاد العاصمة موسم 2013، وهنا نصب الأخير نفسه الأفضل، بعد فوزه بثنائية البطولة وكأس السوبر، ليثأر من ناديه السابق الوفاق الذي تخلى عنه. مضوي سطع محليا وقاريا وعمراني أسعد 3 فرق خطف التقني المحلي الأضواء في عهد الاحتراف، رغم محاولات التقليل من قيمته وكفاءته المهنية من عدة أطراف، حيث كان وراء 17 لقبا محليا، دون احتساب تألقه خارجيا، كما حدث مع الشاب خير الدين مضوي الذي قاد الوفاق السطايفي، لإنجاز غير مسبوق بالنسبة للكرة الجزائرية في 2014، بعد فوزه بثنائية رابطة الأبطال وكأس السوبر الإفريقية، على حساب عمالقة القارة السمراء فيتا كلوب الكونغولي والأهلي المصري. وتوّج التقني المحلي بألقاب بالجملة، متفوقا بالطول والعرض على نظيره الأجنبي، الذي أوكلت له المهام لتولي عديد الأندية، خاصة فرق النخبة، على غرار المولودية وسوسطارة وبلوزداد والحمراوة وشباب قسنطينة، التي تُفضل في غالبية الأحيان مدربين من خارج الجزائر، غير مبالية بالعواقب الوخيمة من هذا الأمر. وظفر الثنائي خير الدين مضوي وعبد القادر عمراني ، بالنصيب الأكبر من الألقاب منذ ولوج عالم الاحتراف، بفوز التقني التلمساني بلقب بطولة مع شباب قسنطينة موسم 2017/2018، فضلا عن حصده لقب كأس الجمهورية في مناسبتين مع مولودية بجاية موسم 2014/2015 وشباب بلوزداد موسم 2018/2019، فيما حصد ابن عين الفوارة ثنائية البطولة وكأس السوبر موسم 2014/2015 مع النسر السطايفي، وأعاد الكرة بثنائية أخرى بطولة وكأس السوبر موسم 2016/2017. بالمقابل، حالف الحظ مدربين معروفين على الساحة المحلية، في صورة المرحوم رشيد بلحوت المتوج بآخر كأس جمهورية لشبيبة القبائل وفريد بوعلي صاحب أول كأس جمهورية لمولودية الجزائر في عهد الإحتراف، فضلا عن مدربين شباب صنعوا الاستثناء في شاكلة ميلود حمدي مع اتحاد العاصمة ولمين كبير مع نفس الفريق، دون نسيان عمروش الذي قاد المولودية للفوز بكأس الجمهورية موسم 2016، وكذا المدرب إيغيل مزيان صاحب شرف نيل أول بطولة محترفة، وكان ذلك مع جميعة الشلف صيف 2011. علما، وأن الفرق الغائبة عن منصات التتويج لفترة زمن نجحت في الظفر بالألقاب مجددا، بفضل مدربين محليين، كما حدث مع السنافر مع المدرب عمراني والموب برفقة نفس المدرب، دون نسيان إنجاز الشريف الوزاني الاستثنائي مع اتحاد بلعباس، أين حصد ثنائية الكأس وكأس السوبر، رغم ما عاناه الفريق آنذاك من مشاكل مادية. الأجانب جلبوا 9 ألقاب وفيلود «الأقوى» بصم التقنيون الأجانب على نجاحات مع أنديتنا، بداية بالسويسري آلان غيغر الذي صنع الحدث موسم 2011/2012، بعد أن قاد النسر السطايفي لثنائية البطولة وكأس الجمهورية، فيما كان للمدرب الفرنسي المشهور رولان كوربس نصيب من الإنجازات، بعد ظفره بكأس الجمهورية مع اتحاد العاصمة موسم 2013، على حساب الغريم التقليدي مولودية الجزائر، ولئن كان الفرنسي إيبارت فيلود صاحب الإنجاز الأكبر بثلاث ألقاب، بداية بالبطولة مع الوفاق السطايفي موسم 2013، وهو اللقب الذي حافظ عليه في 2014، ولكن مع فريق جديد، وهو اتحاد العاصمة، مع الظفر بكأس السوبر مع سوسطارة في ذات الموسم على حساب فريقه الأسبق النسر السطايفي، الذي ثأر منه بعد تنحيته، وحصد الأجانب خلال العشر سنوات الماضية، 9 ألقاب في المجموع من أصل 26 ممكنة -البطولة وكأس الجمهورية وكأس السوبر-، بأقل من 17 لقبا عن نظرائهم المحليين. المسؤولون أوفياء لعادة «الأجنبي» رغم العواقب ! رغم الإحصائيات التي تصب في خانة المحليين، إلا أن أنديتنا محافظة على سياستها القديمة، المتمثلة في الاستنجاد الدائم بالتقنيين الأجانب، بدليل أن بطولة هذا الموسم، شهدت صفقات بالجملة مع مدربين غير جزائريين، والبداية بفريق اتحاد العاصمة الذي أوكل مهمة قيادة دفته للفرنسي فرانسوا سيكوليني، قبل أن يعوض بمواطنه تيري فروجي، كما جددت فرق وفاق سطيف وشباب بلوزداد الثقة في مدربيهما الأجانب، ويتعلق الأمر بالتونسي نبيل الكوكي والفرنسي فرانك دوما، خاصة وأنهما يبصمان رغم كل شيء على عمل جميل، سيما دوما الذي ورغم مرور وقت قصير على توليه زمام العارضة الفنية، إلا أنه قاد بلوزداد للفوز بثنائية البطولة وكأس السوبر، ولئن كان عمراني قد ساهم بقسط أكبر في لقب البطولة، بعد أن ابتعد بفارق عديد النقاط عن ملاحقيه، ليجد دوما الطريق مفروشة أمامه. وأشرف عديد الأجانب على فرقنا هذا الموسم، في شاكلة التونسي معز بوعكاز، الذي أقيل من تدريب اتحاد بسكرة، والفرنسي برنار كازوني الذي تمت تنحيته قبل عدة أسابيع أيضا من مولودية وهران، شأنه في ذلك شأن التونسي الزلفاني مع شبيبة القبائل، والذي عوض فيما بعد بالفرنسي دينيس لافان. علما، وأن صفقات المدربين الأجانب لا تزال تحظى باهتمام البعض، ولئن قلت مقارنة بالسنوات الماضية، خاصة في غياب السيولة المالية لدى غالبية الفرق، التي باتت تخشى العواقب الوخيمة من إمكانية الدخول في مشاكل مع هؤلاء المدربين، الذين يلجؤون دوما للفيفا للحصول على ما يسمونه بمستحقاتهم العالقة. ألقاب الخضر رسمتها عقول جزائرية ورغم أن المقارنات التي تحدثت عنها النصر، في هذا الملف الاستقصائي تخص البطولة المحلية، ومدى تأثير التقنيين الأجانب مقارنة بنظرائهم المحليين، إلا هذا لم يمنعنا من تسليط الضوء على هذه الظاهرة المتنامية، ولكن بالنسبة للمنتخب الوطني، الذي تألق هو الآخر بمنتوج محلي، ويكفي أن لقبي كأس إفريقيا 1990 و2019 كان تحت إشراف مدربين جزائريين، ويتعلق الأمر بالمرحوم عبد الحميد كرمالي وجمال بلماضي، فضلا عن قيادة رابح سعدان الخضر للعودة إلى نهائيات المونديال بعد طول انتظار، وهو الذي قادهم في المحفل العالمي سنة 1986، شأنه شأن مخلوفي مدرب المنتخب رفقة خالف في مونديال اسبانيا، لكن قبل هذا صنع الفرحة بذهبية ألعاب البحر الأبيض المتوسط سنة 1975. علما وأن جل الأجانب الذين تعاقدت معهم الفاف، خيبوا الآمال وهناك من تسبب لنا بمشاكل مع الفيفا، ولئن كان البوسني وحيد حليلوزيتش قد صنع الاستثناء، كونه صاحب الإنجاز الوحيد بتخطي دوري المجموعات في المونديال، ولو أن اليوغسلافي ماكري وبعدها رايكوف قدما خدمات جليلة لمنتخبنا الوطني.