منظفة بيوت تعيل خمسة أبناء عاطلين عن العمل تعاني عائلة من ستة أفراد تقيم بحي سركينة القصديري بمدينة قسنطينة من الفقر المدقع ، بعد أن توفي منذ أربع سنوات رب الأسرة الذي كان معيلها الوحيد إثر سكتة قلبية باغثته في طريقه لورشة بناء كان يعمل بها كعامل بسيط ، في حادث مأساوي حول حياة أفرادها إلى جحيم و أدى إلى تدهور حالتهم المادية أكثر فأكثر مما اضطر الأم إلى الخروج من البيت بحثا عن عمل في التنظيف من أجل إعالة أبنائها العاطلين عن العمل ، وأكبرهم لا يتجاوز 21 سنة بعد مغادرتهم المدرسة في سن مبكرة. وفي كوخ قصديري يفتقد لأدنى شروط الحياة ، تحاصره الأمطار من فتحات صفائح الترنيت التي فشلت في منحهم سقف بيت يمنع عنهم تقلبات الجو ، تشكل فيه أسلاك الكهرباء التي تمدهم ببعض الإنارة الخافتة يحصلون عليها من جيرانهم بطريقة فوضوية خطرا حقيقيا يهدد حياة عائلة حميا التي تعاني في صمت ، حيث يصبح فيها الحديث عن توفير التدفئة في هذا الجو البارد من الحاجيات الصعب تحقيقها وهم يستعينون ب" الطابونة" للطهي ويقتصدون في استعمالها إلى أقصى حد بسبب قلة اليد ، إضافة إلى الرطوبة الخانقة التي تجثم على أنفاسهم . فوزي شاب متطوع من " مجموعة ناس الخير قسنطينة" ساعدنا في الوصول إلى كوخ هذه العائلة المقيمة بحي سركينة القصديري ، حيث استقبلتنا البنت الكبرى في غياب والدتها التي كانت تحضر جنازة أحد أقاربها. وبكثير من الأسى تحدثت لبنى التي تتكفل بشؤون البيت منذ أن أصبحت والدتها تمارس أعمال التنظيف في المنازل لإعالتهم ، عن وضعيتهم الاجتماعية البائسة ، قالت أنها ماكثة بالبيت منذ سنوات بعد أن أوقفت دراستها في السنة التاسعة متوسط ، و تعتبر نفسها بمثابة ربة البيت منذ وفاة والدها وغياب أمها أثناء أوقات العمل، حيث تقع على عاتقها مسؤولية رعاية أختها المنغولية مريم، البالغة من العمر23 سنة و التي تلازم الكوخ طيلة الوقت و تقضي نهارها نائمة لا تستفيق إلا لتأكل قليلا ثم تعود لسباتها، مما يبقيها مرتبطة بها على الدوام و لا تستطيع أن تخطو خطوة واحدة خارج البيت في غياب أمها. ولبنى حاصلة على شهادة في الخياطة من التكوين المهني إلا أنها لا تستطيع الاستفادة منها مما جعل أكبر أحلامها هو الحصول على ماكينة خياطة تستطيع أن تكسب بها بعض المال من أجل مساعدة أمها في مصاريف البيت ،خاصة أن العائلة لا تملك أي دخل ماعدا الدنانير القليلة التي تجنيها أمها من حين لآخر لقاء تنظيفها لبعض المحلات و داخل العمارات المجاورة في حي الزيادية وغيرها من الأشغال ، خاصة أن أخويها الكبيرين عاطلين عن العمل ولا يجدان باب رزق يقبل بتشغيلهما دون مؤهلات علمية أو مهنية. غلام 21 سنة يحاول مساعدتهم بالعمل أحيانا في ورشات البناء، غير أن بنيته الجسدية الضعيفة لا تسمح له بالاستمرار أكثر من ثلاث أو أربعة أيام لأنه كما تؤكد شقيقته هزيل جدا ولا يستطيع القيام بالأعمال التي تتطلب جهدا عضليا كبيرا و حمل الأشياء الثقيلة و غيرها، مما يجعله بلا عمل كشقيقه محي الدين ( 19 سنة )، فيما مازال الأخ الأصغر ( 10 سنوات) يتردد على مقاعد الدراسة في الابتدائي. وحسب توضيحات البنت الكبرى فإن والدتها البالغة من العمر حوالي 40 سنة، قدمت ملفا لطلب العمل في مديرية التشغيل بالدقسي من أجل الحصول على شغل كعاملة نظافة لدى إحدى المؤسسات بدخل ثابت يعيل أسرتها ويخفف عنها هذا الحمل الثقيل دون أن تتلقى أي رد عنه. لكن الظروف الإجتماعية البائسة لهذه العائلة حركت مشاعر بعض المحسنين من ذوي القلوب الرحيمة و المرهفة ، الذين يقومون بمساعدتهم خاصة في المناسبات الدينية ، من خلال جمعيات خيرية على اطلاع بحالتهم المزرية ، وكل أملهم اليوم ومن خلال هذا النداء عبر جريدة النصر الحصول على مصدر رزق ثابت يزيح عنهم كابوس الفقر و الحاجة .