مهدي موقري، فنان مصوّر من أب أندونيسي وأم جزائرية وهو موظف في السفارة الاندونيسية بالجزائر، شارك مؤخرا في المعرض الذي نظّم بقصر ''رياس البحر'' بمناسبة احتفال اندونيسيا بعيدها الخامس والستين، ورّكز في صوره على التعريف بالحرف التقليدية كما تطرّق إلى بعض الفنون المعتمدة بأندونيسيا، علاوة على تصويره للأقنعة والأزياء الاندونيسية الجميلة... "المساء'' التقت بمهدي على هامش مشاركته في هذا المعرض وسألته عن التصوير كمهنة وكهواية، وكذا عن مشروعه في تقديم معرض عن المدن الجزائرية.. فكان هذا الحوار... -- كيف بدأت قصة حب مهدي مع الصورة؟ * بدأت حكايتي مع الصورة في سنوات التسعينيات حيث كنت استعمل حينها آلة التصوير العادية لأنتقل بعدها إلى العالم الرقمي بسبب تكلفته الأقل وانتشاره الأوسع مقارنة بنظيره الكلاسيكي، وقمت سنة 2002 بتنظيم عدة معارض، اثنين في الجزائر وواحد في الخارج، لأتحوّل من مصوّر هاو إلى مصوّر يسترزق من مهنة ''التصوير''، وفي هذا السياق قمت بالتقاط صور وثائقية لبعض المجلات وكذا صور أخرى تقنية وثالثة خاصة بمجال الإشهار. أما الفترة الممتدة من 2005 و,2010 فقد شهدت تحوّلا في حياتي كمصوّر إذ أصبحت التقط الصور لمتعتي الشخصية، فأصوّر كلّ ما يحلو لي من بورتريهات ومناظر وطبيعية وأخرى متعلّقة بالمنشآت المعمارية وغيرها. -- ما سبب تحوّلك من مصوّر محترف إلى هاو مجددا؟ * ربما للظفر بمتعة شخصية وأنانية نوعا ما، بحيث أصبحت ألتقط الكثير من الصور وأشاهدها وحدي أو أعرض بعضها على الأصدقاء، وبعضها الآخر تكون أكبرّ حجما أضعها على جدران منزلي، ونادرا ما أعرض صوري في المعارض مثلما عليه الأمر في المعرض الذي شاركت فيه في قصر ''رياس البحر'' والمنظّم في إطار احتفال اندونيسيا بعيدها الخامس والستين. -- وهل أثرّت ثقافتك المزدوجة الجزائرية - الأندونيسية على إبداعك التصويري؟ * صحيح أنّ ثقافتي المزدوجة أثرّت في فن التصوير الذي أتعاطاه، فأنا التقط الصور بأعين اندونيسية - أي بأعين أجنبي - ورغم ذلك فإنّ الجزائريين يشعرون بالراحة معي لأنّني أتّحدث لهجتهم وولدت ونشأت في بلدهم، لهذا فالارتياح يكون من الجانبين. -- هل تعتقد أنّ هناك فرقا شاسعا بين المصوّر الهاوي ونظيره المحترف؟ * أعتقد أنّ كلّ المحترفين هواة ولكن ليس كلّ هاو محترفا، ولأنّ أمر الصورة لم يعد يقتصر فقط على آلة التصوير في حدّ ذاتها فأصبح الكثير من الهواة يصنعون صورا قيّمة والعكس صحيح أيضا. -- تهتم أيضا بالأنفوغرافيا، فماذا عن علاقتها بالصورة في عالم مهدي؟ * الأنفوغرافيا مختلفة كثيرا عن الصورة إلاّ أنّها تساهم من خلال التقنيات المستعملة في مجال التركيب والعرض في تثمين الصور وتقديمها في شكل أحسن.. صحيح أنّني اهتم بالأنفوغرافيا، لكنّني أميل أكثر بكثير إلى الصور التي تأخذ تقريبا كلّ وقت فراغي، رغم أنّ إلمامي بالأنفوغرافيا ساعدني كثيرا في معرض قصر ''رياس البحر'' من خلال انجازي للملصقات والدعوات الخاصة بهذه التظاهرة. -- ماذا تمثّل الصورة بالنسبة لمهدي، هل هي ضرورة لا مناص منها، مجرد هواية أو مرآة عن الحياة؟ * تمثّل الصورة بالنسبة لي وعلى غرار أغلبية المصوّرين، الأوجه المختلفة للحياة، رغم أنّ الصورة ثابتة لا تتحرّك كالفيديو، ولكنّها في نفس الوقت تكشف لنا ما يمكن أن نفعله في الحياة وما يفعله الآخرون وتوضّح أيضا ما نراه وما يراه الآخرون كذلك، وهذا في أيّ مكان وزمان وكيفما كان الموضوع المختار تصويره، بعدها تأتي الصعوبة في إبراز الانطباعات النابعة عن موضوع العمل. -- ما هي الأسس التي يعتمد عليها مهدي في اختياره للمواضيع المصوّرة؟ * عموما لا أختار المواضيع التي أصورّها، فحيثما أذهب أحمل معي آلة تصويري وعندما أشعر بشيء ما أقوم بتصويره، بالمقابل تستمر عملية الرؤية والتأمّل في مجال اختيار الصورة في منزلي وهذا من خلال معالجة الصورة والتي تكمّل معنى الفكرة الأولية للعمل.. ولكي ألخّص خطوات عملي كمصوّر وأقول أنّ البداية تكون مع الملاحظة والتمعّن، التأمّل والرؤية ومن ثمّ المعالجة. -- هل تعتقد أنّ التكنولوجيات الحديثة أفقدت الصورة الأصلية مكانتها؟ * بالعكس، التكنولوجيات الحديثة، رسّخت أكثر مكانة الصورة الأصلية حينما وفّرتها للجميع، سواء من ناحية مشاهدتها أو حتى صنعها، فالصورة ستكون لها دائما مكانة كبيرة في حياة الفرد، وقد شاهدت معارض لصور التقطت بالهاتف النقّال، وهو دليل على تعميم الصور التي تلتقط بآلات عديدة وفي أزمنة وأمكنة مختلفة. -- تقول أنّ الصورة تمثّل الحياة ولكن هل تصرّ على قولك هذا والصورة أصبحت تتعرّض للمسات قد تفقدها مصداقيتها؟ * أرى أنّ اللمسات هي طريقة تصليح وليس شيء آخر.. صحيح أنّ المجلات مثلا تغشّ في استعمالها للمسات لأنّها تخفي بذلك الحقائق ولكنها في نفس الوقت تهدف إلى تقديم الصورة في أحسن وجه،أمّا المصوّرون فهم في أغلب الأحيان يضيفون لمسات في الألوان وهذا بهدف التصليح أيضا، ومع ذلك فإنّ هذه العملية تتمّ بحذر فاللمسات مهمتها في التصوير التقريب من الواقع أي من الحقيقة. -- اللمسات تقرّب من الواقع، ولكن ألا تسعى لإضفاء الكمال على الصورة وبالتالي إبعادها عن الواقع؟ * لا نستعمل اللمسات لكي نجعل من الصورة شيئا كماليا، فالصورة الناجحة هي تلك التي تنقل أحاسيس المصوّر وليست التي تقدّم بطريقة أمثل وأجمل. -- هل يمكن أن يعيش المصوّر الأندونيسي من مهنته؟ * نعم، يمكن أن يعيش المصوّر الأندونيسي من عمله، لأنّ التصوير في اندونيسيا تقدّم إلى درجة معيّنة من الاحترافية تجعل الفنان المصوّر يعيش من فنه هذا، أمّا في الجزائر فليس من السهل أبدا أن يعيش المصوّر من فنه. -- ماذا عن مشاريع مهدي موقري في عالم التصوير؟ * لدي مشروع عرض صور التقطتها عن بعض المدن الجزائرية، مثل العاصمة، عنابة، غرداية، الأغواط وبوسعادة، وهذا سواء في اندونيسيا أو حتى في الجزائر، وفي هذا السياق، كنت مؤخّرا في غرداية والتقطت قرابة 700 صورة، لكنني أقول أنّ حوالي مائة منها فقط تصلح للعرض.