لا يوجد فيها من لا يملك فرسا يمتطيها للمشاركة في احتفاليات "الوعدات" توزاني عبد القادر حرفي من ولاية بلعباس حضر إلى مدينة قسنطينة في إطار الأسبوع الثقافي الذي تحتضنه دار الثقافة محمد العيد ال خليفة لعرض صنعة السروج التي ترتبط بمنطقة أكد للنصر بأنه لا يوجد فيها من لا يملك فرسا يمتطيها للمشاركة في احتفاليات " الوعدات " التي تنطلق في أواخر شهر مارس من كل سنة وتستمر إلى غاية قدوم فصل الشتاء. وفي جناح جذب اهتمام الزوار علقت في جدار منه صورة والده الحاج قويدر التي يحملها معه في أي تظاهرة يشارك فيها ، قال وهو يشير إليه إنه تعلم هذه الحرفة من والده الذي كان يقوم بصنع السروج في حرفة ورثها بدوره عن عائلتهم الكبيرة المعروفة بتربية الخيول بدائرة سيدي لحسن ، وأن عمله كمحاسب بمديرية البناء والتعمير بالولاية لم يمنعه من ممارسة هذه الحرفة التي ظل يحن إليها ، وبانتهاء سنوات الإرهاب التي شهدت تراجع هذا النشاط الحرفي ،و عزوف العديد من الصنايعية عنه لأنه لم يعد يؤمن لهم مصدر الرزق ، قرر إعادة إحياء هذه الصنعة ، وإدخال خيوط الذهب والفضة إليها ، والتي تعلمها على يدي الشيخ عمار التلمساني الذي كان متخصصا في حرفة " البلغة " والبرنس المطرزتان ب "سلك المجبود" ، حيث كان يعتكف داخل ورشته كل مساء بعد عودته من عمله لإنجاز طلبيات السروج . وورشته تضم اليوم 10 فتيات يقمن بالإضافة إلى طرز أسلاك الذهب على قطع السرج بطرز " القندورة القسنطينية" المعروفة عندهم كما قال لنا بهذا الإسم و المصنوعة ب "المجبود " و "الفتلة " و لباس" الكاراكو " وغيرها من الملابس التقليدية ، بما فيها اللباس الخاص بالعروس التلمسانية ، والتي يعرض جناحا آخر فستانه الأميري المزين بالمجوهرات ، كما يقمن بظفر " لعمارة " التي يوضع بها علف الفرس و" السّماط " يضع فيها الفارس ما يحتاجه . و هو الوحيد الذي يمارس حرفة السروج بولاية بلعباس كما أكد لنا ، حيث يقصده مربو الخيول من المنطقة الغربية للوطن من كل من وهران ومعسكر وسعيدة وغيليزان ومستغانم لتقديم طلبيات جديدة أو ترقيع القطع القديمة لديهم . وموسم " الوعدات " الذي تشارك فيه خيول المنطقة في تظاهرة للفنتازيا وممارسة الفروسية في أبهى حلتها ، تصل إلى 200 و 300 خيل في " الوعدة " الواحدة ، أشهرها وأكبرها " وعدة أحمد تافزي" و" وعدة بن باديس" التي تحمل إسم الدائرة بعد إسقاط إسم المستعمر ديسكار عنها ، تجعله يشعر بسعادة غامرة وسروجه تزين هذه العروض الرائعة . ويتراوح سعر السرج بين 12.5 و 14 مليون سنتيم إلى 23 مليون للقطعة المطرزة بخيوط الذهب والفضة و الأسلاك الملونة ، فيما يصل سعر النوعية العادية ذات الرسومات الخفيفة إلى 7 مليون سنتيم . ويستغرق إنجاز السرج الواحد بين 45 يوما وشهرين، يبيع منه 3 أو 4 قطع في السنة. ويلقى جناحه في جميع التظاهرات الثقافية التي شارك فيها على مستوى الوطن وحتى خارجه ، منها مشاركة في معرض دولي ببريتوريا جنوب إفريقيا في العامين الماضيين ، إعجاب الزور الذين يسألونه عن هذه الحرفة العريقة ، وبعضهم يتقدم منه لشراء منتوجه في اليوم الأول من عرضه. و في قسنطينة تقدم منه حرفي مشهور بالمدينة لشراء سرجه المطرز بخيوط الفضة من أجل عرضه في التظاهرات التي يشارك بها في الخارج ، وترك له رقم هاتفه للإتصال به مباشرة بعد إسدال الستار عن تظاهرة الأسبوع الثقافي ، كما زار جناحه حرفي يمارس نفس الصنعة بالولاية وعبر له عن إعجابه الكبير بسروجه " الملكية " التي دخلت مواكب الأعراس في السنوات الأخيرة ، والخيالة يرافقون سيارات العروس من آخر طراز.