أمنحوني سنتين لأنقذ المالوف من التشويه و الضياع و أنقله إلى العالمية قال المايسترو عبد الحكيم حماز ،المتحصل على شهادات عليا في تعليم الموسيقى من المعاهد الروسية و الفرنسية والمتوج بعدة جوائز في مسابقات و مهرجانات دولية ، بأنه على أهبة الاستعداد لتكريس سنتين من البحث و الدراسة المعمقة لكي ينقذ المالوف الذي طاله الكثير من التحريف و التشويه بمرور الزمن من الضياع عن طريق إخضاعه للطرق العلمية في العزف و الأداء مع التركيز على التوافق الصوتي " الهرمونيا "و التوزيع الموسيقي الجذاب من أجل إضفاء الطابع العالمي عليه على غرار الكثير من المعزوفات التي تنتمي لأنواع أندلسية و تراثية جزائرية أخرى درسها لتلاميذه بمعهد بوردو للموسيقى و أساتذة الموسيقى بالمعاهد الجزائرية التي ينشطها من حين لآخر ،مشيرا إلى أنه لا يتردد كلما أتيحت له الفرصة في ترصيع الحفلات و المهرجانات التي يشارك فيها بمسقط رأسه الجزائر و مختلف أنحاء العالم كقائد أوركيسترا أو عازف على آلة الساكسوفون . أستاذ الموسيقى الجزائري المقيم بفرنسا ،الذي يحضر حاليا شهادة دكتوراه حول الطرق البيداغوجية في تعليم الموسيقى بجامعة تولوز الفرنسية ،و شرع أول أمس الخميس في دورة تعليمية و تدريبية لأساتذة معهد التكوين الموسيقي بقسنطينة، تلبية لدعوة تلقاها من وزارة الثقافة ،أوضح للنصر ، بأن هذه هي المرة الأولى التي يزور فيها هذه المدينة و يدرس فيها و قد انبهر بتمتع أبنائها بآذان موسيقية مرهفة سهلت مهمته إلى حد كبير ،لكن هذه الميزة عبارة عن سيف ذي حدين إذا تعلق الأمر بتراث المالوف . التراث الثري المهدد بالضياع لعدم تدوينه بشكله الأصلي الأصيل على يد أخصائيين ، و اعتماد الجميع من طلبة و مهنيين من عازفين و مطربين محافظين على الاستماع و التكرار و التقليد ،مما عرض هذا الكنز للتحريف و التشويه ،سواء تعلق الأمر بالألحان أو الكلمات ... واقع دفعه للتفكير في اقتراح على الوزارة الوصية التكفل بالبحث عن مراجع و أسطونات و أشرطة قديمة تعود بالذاكرة إلى جذور وتاريخ المالوف منذ سنة 1800 و إخضاع القطع الموسيقية للبحث و الدراسة لتقديمها و تعليمها بطريقة علمية مدونة في "نوتات "و سمفونيات بتوزيع حيوي معاصر لا يفقدها روحها و أصالتها و يضفي عليها طابعا عالميا يضمن لها البقاء و الاستمرارية .و أضاف بحماس:"أعطوني سنتين فقط لأقدم لكم هذا العمل ". و استطرد قائلا بأنه قام بعدة تجارب مماثلة في ما يخص بعض المعزوفات الأندلسية خاصة في طابع الصنعة على غرار رائعة "صبري قليل" وكذا "يا ساكن صدري" و مادامت المنظومة الفرنسية لتعليم الموسيقى تخصص حصة الأسد لتدريس موسيقى العالم و تحتم على الطلبة استيعاب كل الأنواع القديمة و المعاصرة ،فهو لا يفوت أية فرصة كما أكد لتكسير الصورة النمطية السلبية للجزائر الفقيرة فنيا و ثقافيا و إبراز إبداعات أبنائها و تنوع و ثراء و جمال فنونها من خلال الدروس التي سينقلونها بدورهم إلى تلاميذهم . لا بد من ثورة في تعليم و تعلم الموسيقى ببلادنا و شدد محدثنا بأنه أكثر من سعيد وهو يرى الجزائر تتطور ثقافيا بهذه الوتيرة ،لكن من الضروري حسبه إحداث "ثورة "في مجال تعلم و تعليم الموسيقى للارتقاء أكثر فأكثر بهما. و شرح بهذا الخصوص:"التقيت بمواهب واعدة ، لكنني لاحظت بأن معظم أساتذة الموسيقى لم يحصلوا على تكوين معمق و ذلك يعود لنقص الوقت المخصص للتكوين و لعدم فتح الكثير من المعاهد بمختلف أنحاء الوطن إلا في السنوات الأخيرة و كل بلدان العالم مرت بهذه المرحلة ثم أرست قواعد منظومة قوية و ناجحة ومن بينها روسيا التي قضيت بها ست سنوات في تعلم الموسيقى بين 1978. و 1984 و تخرجت بتقدير "ممتاز" ،متفوقا على الروس في الدراسة و المسابقات . أفتخر مثلا بتتويجي بالجائزة الأولى في مسابقة لأداء معزوفات روسية و حصولي على جائزة الشرف لمدينة موسكو و مشاركتي كعازف بالأوركيسترا الفيلاهرمونية لمدينة كياف تحت قيادة بافال كوغان .. و واصلت دراساتي العليا بفرنسا و مكنني احتكاكي بعمالقة الموسيقيين العالميين من صقل معارفي و ترسيخ موهبتي . و بالموازاة مع ذلك كنت أتلقى دعوات للمشاركة في إحياء حفلات ومهرجانات دولية كبرى بفرنسا وبلجيكا و اسبانيا و روسيا و اليابان و غيرها . و الأهم تلك الدعوات الجميلة التي تلقيتها للمشاركة في مهرجانات ببلدي الجزائر الذي أفضله على كل بلدان العالم و أعشق كل طبوعها الموسيقية حتى النخاع . كما أنني حريص على تلبية دعوات وزارة الثقافة الجزائرية لتقديم دورات في معاهدها الخاصة بالتكوين الموسيقي .و أسر إليكم بأنني حققت نتائج رائعة بمعهد باتنة من بينها تجارب جميلة في دمج الموسيقى الشاوية بالموسيقى الكلاسيكية العالمية و أتمنى لاحقا تجاوز صعوبات انسجام أنغام آلة القصبة التقليدية بالأنغام التي تعزف على البيانو أو الساكسوفون مثلا عن طريق الاهتداء إلى حرفي ماهر يصمم لي قصبة بمعايير صوتية و علمية ملائمة . علما بأنني سأحضر في يوم العلم الموافق ل16 أفريل المقبل إلى باتنة لأكون أوركيسترا سمفونية ...و سأكون بمهد بقسنطينة لاحقا أوركيسترا أخرى و ذلك لأن عمر هذا المعهد الأخير لا يتجاوز السنتين و هو في طور النضج بينما معهد باتنة له مسار طويل في التكوين الموسيقي". عشقي للطبوع الجزائرية، دفعني لإتقان كل أنواع الموسيقى العالمية قال ضيف قسنطينة بأن عشقه للطبوع الفنية الجزائرية جعله يبدأ تعلم الموسيقى و هو ابن ال13 ، فقبل التوجه إلى موسكو ،صقل موهبته في معهد يرج الكيفان ثم العاصمة ، مشيرا إلى أنه من مواليد بود واو في 1958، و أضاف ضاحكا بأنه يكون قد ورث حب الموسيقى من جده الذي كان يعزف على "الغيطة "بالقرية . و عندما شاهد آلة الساكسوفون وقع في حبها من أول نظرة و تخصص فيها و في الموسيقى الكلاسيكية ، و سرعان ما أتقن مختلف أنواع الموسيقى الأخرى القادمة من مختلف أنواع العالم ،لكنه لا يزال وفيا لحبه الأول،مشيرا إلى أنه حصل على الميدالية الذهبية في العزف على الساكسوفون في 1991 . و لا يزال يعلم الموسيقى بفرنسا و أحيانا بالجزائر ،لكنه لن يتوقف عن النهل و البحث، ليس للحصول على الدكتوراه فقط ، بل لابراز التراث الجزائري و إيصاله إلى العالمية من أوسع الأبواب . و أشار إلى أنه مثل في فيلمين للمخرج الجزائري المغترب رابح بوبراس الأول عنوانه "صحراء بلوز " و الثاني "موجة بعد موجة" كما قام بتأليف موسيقاهما التصويرية . و شارك في ومضة إشهارية تليفزيونية في إطار حملة للتلقيح ضد بو حمرون . و سألناه إذا كنا سنراها في أعمال أخرى مماثلة فقال مبتسما بأنه لا يدري ، فكل وقته يكرسه للتدريس والبحث في مجال الموسيقى بعيدا عن كل هدف تجاري على حد تعبيره. إلهام ط