تستقطب حلقات «أحباب القرآن» بمسجد الأمير عبد القادر بقسنطينة، النشء لحفظ القرآن و تعلم أحكامه، و يزيد إقباله عليها في شهر رمضان، ما يجعل المعلم المشرف يضاعف عدد الأفواج، لاحتضان كل الراغبين في حفظ آيات الذكر الحكيم، بغية ترسيخ قيم الدين الإسلامي و توطيد صلة الأطفال ببيوت الله، و يتم تخصيص فضاء بقاعة الصلاة الكبرى تجتمع به الهندسة الإسلامية الساحرة بالأجواء الروحانية، لتحفيزهم على حضور الحلقات و تمتين علاقتهم بكتاب الله. ربورتاج/أسماء بوقرن إن حضور حلقات تلقين القرآن و تدبر معانيه، بأحد معالم قسنطينة و رمز من رموزها، مسجد الأمير عبد القادر، يحمل الكثير من المعاني و الأبعاد الدينية و الروحانية إلى جانب سحر هندسته و تجلي أسمى صور العبادة داخل قاعة الصلاة الكبرى، التي يتضاعف الإقبال عليها خارج أوقات الصلاة في الشهر الفضيل، لتحتضن زواياها شبابا و كهولا ، يفضلونها للاعتكاف و حفظ القرآن و التقرب من المولى عز و جل. بمجرد أن تطأ قدمك باب قاعة الصلاة، تغمرك نفحات الشهر الفضيل و يشعرك سحر المكان بالراحة و الطمأنينة و يقشعر بدنك و أنت تستمع إلى تلاوات عطرة لشباب يحفظون القرآن على يد أئمة، فيما يختلي البعض في مكان هادئ من المصلى رافعين أكفهم للمولى بالدعاء، و بين هذا و ذاك ، ترتفع أصوات عذبة و شجية لأطفال صغار و هم يتلون بخشوع آيات بينات، خلف معلم، أبى إلا أن يسخر وقته و جهده، لإتمام رسالته النبيلة. ناشئة يرتلون القرآن بصوت شجي يخطف القلوب توجهنا بعد ولوجنا قاعة الصلاة الكبرى للمسجد، صوب فوج أحباب القرآن، الذي يضم أطفالا تتراوح أعمارهم بين 05 و 08 سنوات، يحملون مصاحف و يرددون بصوت عال آيات من سورة الشرح، خلف المعلم الذي لا يكتفي بتحفظيهم، و إنما يتوقف عند كل آية، لشرح معانيها و تعليمهم طريقة تلاوتها، وفقا لأحكام التجويد، ليختم حصته باستظهار ما حفظه الأطفال، و هو ما أوضحه المعلم كمال مهني في حديثه للنصر، قائلا بأنه يسهر على تأطير فوج أحباب القرآن، أثناء و بعد رمضان الكريم، عملا بقول الرسول صلى الله عليه و سلم «خيركم من تعلم القرآن و علمه». و تضم حلقات»أحباب القرآن» أربعة أفواج، مقسمة بشكل لا يتقاطع و توقيت التعليم المدرسي النظامي، و هي موزعة على أيام السبت و الثلاثاء و الخميس، و و يستفيد كل فوج من برنامج موزع بين تلقين القرآن الكريم و فهم و تفسير معانيه، و إعطاء الفكرة العامة لكل سورة ، مع مراعاة ترتيل و أحكام الآيات القرآنية، كما قال لنا المعلم كمال مهني، مشيرا إلى أنه يعتمد منهجية التلقين في تحفيظ الصغار، لعدم تمكنهم بعد، من تعلم قراءة الكلمات و الجمل بشكل جيد. و ستختتم حلقات الشهر الفضيل بتنظيم مسابقة تتمحور حول عدة نقاط تتمثل في الأسئلة الدينية و القرآن الكريم، مؤكدا بأن البرنامج سيتواصل بعد رمضان، لكن بتكثيف عدد الحصص، لتقدم بشكل يومي. شروق حفظت تسعة أحزاب خلال سنتين تعتبر الطفلة شروق سعيدي سياف، ذات 9 سنوات، من الصغار الحريصين على حضور حلقات الذكر الحكيم، و قالت للنصر بأنها اختارت مسجد الأمير عبد القادر لحفظ القرآن، لرغبتها في إتمام حفظ 60 حزبا في سن مبكرة، و كذا لحبها للمكان، موضحة بأنها بدأت حفظ السور القرآنية و هي في سن السابعة، لتتمكن في ظرف سنتين من إتمام حفظ تسعة أحزاب، بفضل معلمها و كذا والدتها، التي تحرص على تحفيظها بشكل صحيح، و لحقت بها أختها لينة ذات السبع سنوات في بداية شهر رمضان لحفظ القرآن. كما أن الطفلة إيمان قموح، تتردد بشكل منتظم على حلقات أحباب القرآن، و أخبرتنا بأنها بدأت في سن الرابعة في حفظ القرآن، لتأثرها بمحيطها العائلي و حبها للقرآن، فحفظت 8 أحزاب و تعتزم المواصلة، إلى أن تتم حفظ كتاب الله كاملا، و تكون من المتوجين الأوائل في مسابقة حفظ القرآن. التقينا بالطفل أيمن، 11 عاما، داخل المصلى، فقال لنا بأنه ينتظر أخاه الذي يبلغ 7 سنوات من عمره، و الذي كان بصدد حفظ سورة الانشراح، و أضاف بأنه هو أيضا يتابع حلقات أحباب القرآن ضمن الفوج الثاني الذي يشرف عليه الأستاذ كمال مهني، و قد تمكن من حفظ 8 أحزاب، و يتمنى أن يسير أخوه الصغير آدم على دربه، لتحقيق رغبة والديهما. جميلة..أم تلتحق بفوج الكبار لتحفيز و مرافقة صغارها السيدة جميلة، هي والدة الطفلتين شروق و لينة، قالت للنصر، بأنها تحب كثيرا حفظة كتاب الله الصغار، و تتمنى أن ينال أبناؤها هذه المنزلة، لتلبسهم تاج الوقار، على حد تعبيرها، مؤكدة بأن حفظه تهذيب للنفس و العقل، و توفيقا في مناحي الحياة، و إشعاع مسجد الأمير عبد القادر ينير عقول مرتاديه، لهذا قررت أن تتكبد عناء نقل و مرافقة البنتين بنفسها، نظرا لبعد مسكنها عن المسجد، لحضور حلقات الذكر الحكيم، و لم تتردد في إلحاق ابنها الصغير البالغ من العمر 05 سنوات بالركب، فسجلته في فوج الناشئة رفقة أخته لينة، ليتعود على الحفظ و يبدأ تعلم السور القصيرة. و لتحفيز أبنائها أكثر، قالت أم شروق بأنها التحقت بمدرسة القراءات على مستوى المسجد، و هي الأخرى تحفظ القرآن، لتكون بذلك قدوة لفلذات كبدها، كما تخصص وقتا لهم بالبيت للتدرب على الحفظ . أباء يرافقون أبناءهم و يحضرون حلقات التحفيظ ما استوقفنا خلال زيارتنا لفوج أحباب القرآن، و قضائنا بعض الوقت بقاعة الصلاة الكبرى، اصطحاب آباء و أمهات لأبنائهم الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين سنة و نصف و ثلاث سنوات، لزيارة هذا الصرح الديني. كان الأولياء يحملون أبناءهم و يحدثونهم عن المكان، و قال لنا أحد الآباء، أنه يغتنم الفرصة لغرس حب بيت الله و تنمية الحس الديني لدى ابنه، فيما كان أولياء يلتقطون صورا لأبنائهم، لتخليد الذكرى. في حين توجهت أمهات إلى حلقات التحفيظ ليستمع صغارهن لمن سبقوهم، و هم يرتلون كتاب الله، ليتبعوا نهجهم، كما قالت إحدى الأمهات للنصر، مضيفة بأن رمضان فرصة لتنمية الحس الديني لدى أطفالنا. حلقات التحفيظ.. قبلة رياض الأطفال لاحظنا بمجرد وصولنا إلى المسجد ، قدوم عدد من الأطفال من الجنسين على متن سيارة خاصة بأحد رياض الأطفال بقسنطينة، مرفوقين بمؤطريهم. و كانت البنات اللائي لا يزيد عمرهن عن 5 سنوات، تضعن خمارات على رؤوسهن، و منهن من ترتدين أطقم الصلاة، فيما كان الصبيان يرتدون القمصان، و أعربوا جميعا بمجرد دخولهم إلى المسجد عن انبهارهم به. استأذن الصغار من مؤطريهم و التحقوا بفوج أحباب القرآن، لحضور حصة كاملة، و تندرج زيارة مسجد الأمير عبد القادر، ضمن أنشطة الروضة، حسب إحدى المشرفات، لتلقين الصغار التربية الدينية على أسس صحيحة و سليمة. أ ب