حناجر الشباب تختتم سهرات المالوف أضاءت أول أمس، مشاركة الفنانين الشباب ليل السهرة الختامية للمهرجان الثقافي الدولي للمالوف بقسنطينة، و اختير لها شعار « سهرة مستقبل المالوف»، وكانت ليلة متنوعة الطبوع و الأنشطة عانقت خلالها المقامات الأندلسية روح البشرف أو السماع التركي و خطف بريق لباس قسنطينة التقليدي العيون و القلوب في عرض أريد له أن يكون رسالة للتأكيد على هوية كل عنصر من عناصر التراث، خاصة وأن اللباس التقليدي رافق المالوف دوما كزي تكرسه الجمعيات الموسيقية و تتزين به النجوم. سهرة الختام حضرها مشاهير على غرار بهية راشدي ونعيمة دزيرية و عرفت تكريم الفنان محمد حمى و ذكرى الحاج محمد الطاهر الفرقاني، وقد كادت تكون ناجحة جدا لولا التأخير الكبير الذي أخل بالبرمجة و تسبب في انزعاج الحضور و عرى بعض النقائص التنظيمية، مع ذلك ظل الجمهور وفيا في انتظار عدلان فرقاني، نجم السهرة الذي أكد بمجرد اعتلائه الركح بأنه محبوب القلوب، حيث استقبل بالزغاريد و الهتاف و التصفيق و هو ترحاب رافق و ختم وصلته، وكان الفنان قد نشط ثالث فقرة في الحفل الذي افتتحه عود الموسيقار و الفنان التركي حمدي دميرسي أوغلو و فرقته المكونة من خمسة أفراد، حيث قدموا سويا أغان على مقام النهاوند منها « يا رب وين سهر قلبي» و « أهلا بكم» و رغم اختلاف اللغة إلا أن الألحان ترجمة الإحساس وأوصلته ببلاغة جعلت الحضور يصفق مطولا للفنان و جوقه. بعد سحر الأناضول عاد الجمهور سريعا إلى قسنطينة، محمولا على أجنحة المخمل و القطيفة و خيوط الذهب، حيث تداولت على الركح عارضات قدمن توليفة من 55 قطعة من اللباس التقليدي لدار عزي للأزياء، أوضح صاحبها فؤاد عزي، بأنها تضمنت ثمان قطع تراثية يزيد عمرها عن 100سنة، أهمها قفطان القاضي الذي أدرج في ملف اليونيسكو لتصنيف اللباس التقليدي لنساء الشرق ضمن لوائح التراث الإنساني، و أشار إلى أن العرض جاء بطلب من المحافظة و يرمي إلى إبراز التكامل بين مختلف عناصر التراث خاصة وأن اللباس التقليدي كان ولا يزال الزي المفضل لنجوم الفن، وبالتالي فإن برمجة العرض مهمة لإتمام الصورة الفنية التراثية. كانت العودة إلى أجواء الموسيقى، مع برمجة جميلة للفنان الشاب عدلان فرقاني، الذي قدم وصلات من المالوف القسنطيني على غرار مقتطفات من نوبة رصد الذيل، لاقت استحسان الجمهور الذي أظهر تفاعله حجم الجماهيرية الكبيرة التي يحظى بها حفيد العميد. ولم يخفت الحماس طوال السهرة، حيث حافظ مالك شلوق على الأجواء و تميز بزيه التقليدي و بأدائه القوي لمقاطع من نوبة غرناطة، قبل أن يختم بزجل حرك مشاعر الجمهور الذي حضر بقوة على اعتبار أن الدخول إلى قاعة العروض كان مجانيا. وقال مالك شلوق للنصر، على هامش الحفل بأنه فخور جدا بالمشاركة في الأمسية التي اختار القائمون عليها تخصيصها لأصوات الشباب معلقا، بأن الأمر تكليف وليس تشريفا متمنيا أن يتواصل الحدث في طبعات لاحقة، ليكون للمالوف منصة ينطلق منها في كل مرة. أما عن جديده فكشف، عن تسجيل أربع أسطوانات فنية جديدة في الزجل و المحجوز و الحوزي و النوبة، فضلا عن التحضير لكتابين يجمعان قصائد من الزجل والمحجوز، وبعضا من سير الشعراء الذين قدموا هذه الروائع. الفنان أمين بوناح كان أيضا، أحد نجوم السهرة حيث تألق حضورا وأداء، و قدم نوبة السيكا، قبل أن يمتع الساهرين بمقاطع من الحوزي والمحجوز، فغنى « روح تلقى فعلك يا من تريد بعدي» وأبدع في « لقيت حبيبي». أمين عبر للنصر، عن سعادته الكبيرة بالمشاركة في المهرجان وقال، بأنها المرة الأولى التي يقدم فيها عرضا منفردا بعيد عن نشاطه كعضو في الجمعيات الأندلسية، مشيرا إلى أنه يشعر بمسؤولية كبيرة بالتواجد ضمن كوكبة الشباب الذي اختير ليمثل مستقبل المالوف، وهو رأي شاطره الفنان الشاب نزيم لمنور، من قالمة، الذي كان اكتشاف السهرة كما علق بعض الحضور، حيث أبدع وأمتع و كشف عن حنجرة ذهبية و صوت مميز يعد بالكثير. و عن مشاركته في المهرجان منذ بدايته، قال المايسترو سمير بوكريديرة، بأن هذه الطبعة كانت خاصة جدا لأنها سجلت عودة قوية للمهرجان من ناحية نوعية البرمجة أو الحضور الجماهيري الكبير، وقال بأن الختام صورة مصغرة عن مستقبل المالوف الذي يرعى شعلته شباب صاحب موهبة. تواصلت السهرة، مع الفنان عادل مغواش، و عاد الحماس مجددا بفضل سلسلة البراول، التي قدم من خلالها أغنية « حكمك و حكم الباي» الشهيرة و « مكبد الحب أش يفيد» و « وخلاص « الكون من جماله». و اعتبر الفنان مشاركته إضافة مهمة لمسيرته الغنائية و قال، إن اختياره لتنشيط حفل الختام رفقة شباب المالوف بمثابة شرف كبير، و تمنى أن تتكرر مثل هذه الفعاليات التي تضمن الوصل بين الفنان وجمهوره. * الفنان التركي حمدي دميرسي أوغلو نتقاطع في الثقافة و التاريخ قال الفنان التركي حمدي دميرسي أوغلو، ضيف السهرة الختامية للطبعة 11 من المهرجان الثقافي الدولي للمالوف، بأنه غنى أربع مرات في الجزائر و لكنه في كل مرة ينبهر بروعة الجمهور و أثنى على الحضور و عبر عن سعادته بالتفاعل مع وصلته الغنائية، و أوضح بأنه ضبط برمجة خاصة لأجل المهرجان أراد من خلالها أن يحتفي بالتراث على اعتبار أنه أستاذ الفن و الموسيقى بواحدة من جامعات تركيا، ويعرف أن من لا خلفية له لا مستقبل له أيضا. و أضاف الفنان قائلا، إن الجزائريين والأتراك يتشاركون في كثير من النقاط أهمها التاريخ والفن وبعض أوجه الثقافة، وهو ما يعكس التقاطع بين مقامات المالوف و السماع التركي، معبرا عن سعادته بالتواجد في قسنطينة، التي تعد من قلاع الموسيقى الأندلسية حسبه، معلقا، بأن هذا التبادل الفني و الثقافي يجب أن يستمر و يكلل بجسر تاسع يربط المدينة باسطنبول التركية مباشرة.