رسائل سياسية مسرحية من داخل مستشفى للأمراض العقلية دون المسرح الجهوي بأم البواقي مشاركته في الطبعة الأخيرة من مهرجان المسرح المحترف بأحرف من ذهب بالنظر للفترة الزمنية التي وُلد فيها وتألق خلالها ونال فيها جائزة أحسن عرض متكامل بمسرحية موسومة بعنوان « افتراض ما حدث فعلا «. المسرحية التي تحاكي ظاهرة العولمة في ظل ما بات يعرف ب»الربيع العربي» كتب نصّها الكاتب العراقي علي عبد النبي الزيدي، وأخرج وقائعها فوق «ركح مسرح فقير» خال من الديكور الفنان والممثل لطفي بن سبع إلى جانب الموظف بقطاع الثقافة أمحمد عقيدي. العرض الشرفي للعمل المسرحي ظل يتنقل بين المركز الثقافي الأمير خالد بمدينة عين البيضاء وقاعة سيدي أرغيس بأم البواقي، في عمل واعد تم عرضه شرفيا خلال شهر أفريل الماضي بأحد مسارح الشرق الجزائري بفعل أشغال الترميم التي خضع لها المسرح الجهوي بأم البواقي منذ فترة. والعرض المسرحي الذي اختير من أعمال الكاتب العراقي تدوم المشاهد المعروضة فيه 70 دقيقة من الزمن..أين ينقل المخرج مشاهدي العرض المسرحي الفكاهي المحمّل بجملة من الرسائل الهادفة الممزوجة بأبعاد سياسية ليحاكي ظاهرة العولمة بمعية الأطراف التي تتبناها وتمنح لنفسها حق تنظيم وتسوية وحلّ مشاكل العالم دونما استئذان من أي طرف كان، في محاولة لإسقاط هيمنة وتدخل الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفائها في شؤون الدول العربية في شتى القضايا عبر ربوع العالم. «افتراض ما حدث فعلا» التي مثلت أم البواقي رسميا في المهرجان الوطني للمسرح المحترف اتّخذت من مستشفى الأمراض العقلية منبرا لها ويحرّك مجرياتها الناطقة بلغة عربية فصحى ثمانية ممثلين من هواة الفن الرابع بأم البواقي والذين اختيروا في جولة تكوينية للطاقم المسير للمسرح الجهوي ويتعلق الأمر بكل من هشام قرقاح وسيف الدين بركاني وكذا وليد لمودع وقاسمي الخطاب إلى جانب عنتر زايدي ولوصيف مرزوق وعاشور رمزي وأنور السادات نوادري، وفيما يتعلق بالسينوغرافيا فصممها وسهر على إنجازها رزيق بن نصيب، أما الوصولات الموسيقية فاختارها بلعيدي عصام المدعو «رفيقي»، الإنتاج المسرحي للمسرح الجهوي بأم البواقي والذي يجري تمثيله وسط ديكور فارغ وفوق خشبة خالية من الإكسسوارات، أضاف لها مخرجها بعد أن استلهم نصها من العراق وجعل صدقها فنيا وواقعيا ينطبق على ما هو حاصل اليوم في ظل ربيع الثورات العربية› نوعا من الجدل القائم في أوساط الأمة العربية في ظل العولمة التي تلاعبت بعقول ومشاعر ومصير الشعوب العربية. ف»افتراض ما حدث فعلا» التي يجسّد أحداثها كوكبة من الشباب الصاعد ترتسم أحداثها بحسب مخرجها الفنان بن سبع في لوحة فنية ناطقة بأصوات مجموعة مجانين في مستشفى للأمراض العقلية، وهي المجموعة التي تقرر الانطلاق في لعبة جنونية تتمثل أساسا في البحث عن جثة لدفنها في نصب شيّد لجندي مجهول، ليأتي العرض في قالب فكاهي تخلّلته الفرجة وجعله صاحبه مفعم بالرسائل السياسية، وهي الرسائل التي يحاول طاقم العمل تمريرها بأسلوب مباشر داخل مستشفى للأمراض العقلية، حيث تدور أحداث المسرحية التي يتقمص فيها الممثل هشام قرقاح دور البطولة المتمثل في دور ‹›ماريشال››، وترتكز مشاهدها على التعبير الجسدي للممثلين، أي على اللوحات الكوريغرافية التي ضبط عقارب زمنها عيسى شواط في وقت يتخلل ذلك وصلات موسيقية، وهناك يأتي الدور على الماريشال ليظهر بصفته الآمرة ليكون المستشار في الكفة المنفذة وتبقى القصة مجرد لعبة مجانين يذهب تفكيرهم غير السوي إلى حدّ أنهم يحكمون العالم وعليه يكون الحدث مجرد افتراض نابع من الخيال و كأنه حقيقة. ويضيف مخرج العمل المسرحي في حديثه للنصر بأن الماريشال يعين مستشارا يكلف بمهمة البحث عن ذلك الجندي المجهول لتخلص عملية البحث العقيمة إلى عدم العثور على الجندي المجهول. النظرة الإخراجية وسمتها من خلال الفنان بن سبع تشمل بعدا عربيا وليسا محليا خاصا بأهل العراق وبالتالي وجب عليه كما قال «استعمال الدلال وتقنيات الإخراج للبعث برسائل تدل على الواقع العربي من جانب دون المساس بالنص». وعن خاصية العرض الذي نال جائزة أحسن عرض متكامل فيتمثل في الاعتماد على تقنية «القرطوفسكي» أي ما يعرف بالمسرح الفقير الذي لا يعتمد على ديكور جامد وملموس بل يعتمد على أجسام الممثلين، وهو نوع مسرحي صعب جدا تجسيده بالنظر لكون الشباب الذي مثل أدوار المسرحية مبتدئ. و المسرحية طافت بين عدة مدن وشاركت في عدة مهرجان فبعد اختتام الطبعة السابعة للمهرجان الوطني للمسرح المحترف في السابع والعشرين من شهر سبتمبر تنقل طاقم المسرحية لمدينة برج منايل وبعدها إلى البويرة ثم قصد القليعة بتيبازة ليحط رحاله بعدها بالمدية قصد المشاركة في المهرجان الوطني للمسرح الفكاهي.