قانون خاص بتمويل الأحزاب لقطع طريق البرلمان أمام أصحاب "الشكارة'' دعا أمس وزير العلاقات مع البرلمان محمود خوذري إلى ضرورة إصدار قانون الأحزاب السياسية من أجل سد الباب أمام أصحاب '' الشكارة '' والحيلولة دون دخولهم المجالس المنتخبة وخاصة المؤسسة التشريعية، وأقر الوزير بوجود صعوبات في تطبيق قانون التنافي مع العهدة الانتخابية، فيما دعا المشاركون إلى توسيع تطبيق قانون التنافي إلى المجالس المحلية المنتخبة. وألح السيد خوذري في كلمته الختامية لأشغال اليوم الدراسي حول '' حالات التنافي مع العهدة الانتخابية '' الذي نظمته دائرته الوزارية في إقامة الميثاق بالعاصمة، على ضرورة الإسراع في إصدار قانون عضوي متعلق بتمويل الأحزاب السياسية من أجل منع أصحاب الأموال الفاسدة الذين أصبح يصطلح عليهم '' أصحاب الشكارة '' من دخول البرلمان، مؤكدا على أن سن هذا القانون من شأنه أن يحمي البلاد من أي انحراف أو انزلاق''، وأشار إلى أن ثم اقتراحات لتنظيم يوم دراسي حول نص المادة 21 من الدستور التي تنص على وجوب ان لا تكون المناصب العمومية مصدرا للثراء. وكشف المتحدث بالمناسبة بأن المادة التي تنص على ضرورة تحديد مصادر تمويل الأحزاب السياسية في قانون الانتخابات قد قام رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة شخصيا بإدراجها. من جهة أخرى أقر ممثل الحكومة بوجود صعوبات في تطبيق قانون التنافي مع العهدة الانتخابية، إلى جانب ما أسماه '' بعض زوايا الغموض '' التي قال أنها تحتاج إلى توضيح، وعاد للتأكيد بأن قطاعه الوزاري غير معني بطول مدة الفصل في الملفات ال 52 المتعلقة بحالات التنافي التي تجري دراستها حاليا على مستوى اللجنة القانونية ومكتب المجلس الشعبي الوطني كون أن هذا الأمر من صلاحية المؤسسة التشريعية وليس من صلاحيات الجهاز التنفيذي. وفي هذا الصدد كان وزير العلاقات مع البرلمان قد أبرز في كلمته الافتتاحية لأشغال الملتقى الذي شارك فيه خبراء في القانون، أكاديميون، نواب في غرفتي البرلمان إلى جانب حقوقيين، بأن هذا اللقاء يترجم "حرصنا على تعميق الدراسة و التحليل و توسيع النقاش حول الإشكاليات المرتبطة بهذا الموضوع لفهم أبعاد فلسفة تنافي العهدة التمثيلية في المجالس الشعبية المنتخبة من حيث منع الجمع بينها من جهة و من جهة أخرى تنافي ممارسة إحدى هذه العهد الانتخابية مع وظائف و مهام و أنشطة أخرى''، مضيفا '' بأن اختيار موضوع ، حالات التنافي مع العهدة الانتخابية "يستجيب لأسباب و دواع عديدة خاصة في ظل الإصلاحات السياسية الهامة التي بادر بها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة و التي مست جل المنظومة القانونية المؤطرة للحياة السياسية''. وقد تقاطع مع السيد خوذري العديد من المتدخلين في أشغال الملتقى الذين دعوا بدورهم إلى أهمية وضرورة إصدار قانون عضوي يحدد مصادر تمويل الأحزاب، من بينهم الأستاذ بوزيد لزهاري عضو مجلس الأمة، ونعمان لعور النائب عن تكتل الجزائر الخضراء وغيرهما، وذهب جلول جودي وزميله النائب بالبرلمان عن حزب العمال إلى أبعد من ذلك عندما اقترحا خلال تدخلهما أثناء جلسة المناقشة القيام بالرقابة القبلية لحالات التنافي مع العهدة الانتخابية وخاصة بالنسبة لأصحاب المال الفاسد ومنع دخولهم إلى المؤسسة التشريعية، '' خوفا من تكرار التجربة المصرية في عهد مبارك عندما سيطر أصحاب المال على مجلس الشعب وعلى الحكومة أيضا '' وقال النائبان '' إذا تركنا الفرصة لاختلاط المال الفاسد والنظيف معا بالسياسة فإن الأمر سيؤدي في المستقبل إلى تشكيل '' لوبيا '' وجماعات ضغط في الغرفة السفلى للبرلمان قادرة على التأثير في القرار وعلى إصدار القوانين وتوجيهها بما يخدم مصالحها''. من جهة أخرى أقر متدخلون على غرار الوزير خوذري بوجود بعض الصعوبات في تطبيق قانون التنافي مع العهدة الانتخابية واقترحوا مراجعة بعض مواده، كما دعوا إلى مراجعة قانون الانتخابات الحالي و إصدار قانون عضوي بتنظيم الاستقالة من البرلمان لسد بعض الفراغات الموجودة وتوضيح بعض الغموض الذي يكتنف عملية تطبيق قانون التنافي مع العهدة الانتخابية، باعتبار أن هذه القوانين إلى جانب قانون تمويل الأحزاب ( الذي تم اقتراحه ) من شانها أن تكمل بعضها البعض. وألح النائب السابق في البرلمان والإطار الحالي في وزارة العلاقات مع البرلمان على ضرورة التدقيق في الاعتبارات التي تترتب عن حالات التنافي، من منطلق أن ثمة بعض الوظائف التي لا تؤثر على العهدة الانتخابية للنائب إذا ما استمر في ممارستها. وفي ذات السياق دعا مسعود شيهوب أستاذ القانون والنائب السابق، إلى ضرورة تأسيس هيئة مستقلة خاصة بالطعن لفائدة النواب المعنيين بالتنافي، لسد الفراغ الموجود في هذا الشأن، وقال '' إن حرمان أي نائب من حقه في الطعن في حالة إثبات التنافي في حقه، مساس بحق من حقوقه ومن حرية أساسية خاصة لمن يشتغلون في التجارة'' ، ودعا إلى ضرورة منح الوقت الكافي لتطبيق هذا القانون الذي قال أنه جاء لسد فراغ كبير دام 16 سنة كاملة، وانتظار ما ستسفر عنه الإفرازات العملية لتطبيقه. يجب توسيع تطبيق قانون التنافي إلى المجالس المحلية وعلى صعيد آخر تمت الدعوة إلى ضرورة توسيع تطبيق قانون التنافي مع العهدة الانتخابية إلى المجالس المحلية المنتخبة لسد الباب أمام وصول أصحاب المال إلى رئاسة البلديات، وفي هذا الصدد نبه الأستاذ شيهوب إلى أن توسيع تطبيق قانون التنافي إلى المجالس المحلية أكثر من ضروري وقال '' إن الجمع بين الثروة والعهدة الانتخابية في البلديات سيجعل المير الذي يحوز على سجل تجاري خاص بمقاولة أو مقاولات يحول كل المشاريع لمقاولاته التي قد يسجل ملكيتها بأسماء لأقارب لإبعاد الشبهات ''. تجدر الإشارة إلى أنه قد تم خلال هذا اللقاء الذي نظمته وزارة العلاقات مع البرلمان تقديم مداخلات حول مواضيع "نظام التنافي من حيث المبدأ والنشأة و التطور" و "حالات التنافي في التشريع الجزائري" و "كيفيات معالجة حالات التنافي و منازعاتها".