دعا الأستاذ بوزيد لزهاري، عضو مجلس الأمة، إلى توسيع صلاحيات المجلس الدستوري لتمكينه من الفصل في النزاعات التي قد تطرح حول مسألة التنافي مع العهدة الانتخابية، والتي لايستطيع حاليا الخوض فيها لأنها لاتدخل ضمن مهامه. واعتبر أن الأمر مهم ويجب معالجته في التعديلات الدستورية القادمة "لأن كيفية معالجة الاشكالات الميدانية المطروحة تتطلب إعطاء صلاحيات أخرى للمجلس". وأكد الأستاذ لزهاري أن التجربة الدستورية الجزائرية – عكس ماقيل- عالجت حالات التنافي في العهدة الانتخابية منذ 1962، وظهر ذلك في أول دستور سنة 1963. لكن أول قانون خاص بتحديد حالات التنافي صدر بعد تعديل الدستور في 1996، وتدعم العام الماضي بعد إعلان الرئيس بوتفليقة عن جملة من الاصلاحات السياسية. إذ تم إصدار قانون عضوي يحدد حالات "التنافي مع العهدة البرلمانية" بهدف تحسين أداء البرلمان ورفع كل أشكال التبعية عن أعضائه والتفرغ التام لممارسة المهام النيابية، منبها في السياق إلى أن التفرغ ليس الهدف الأساسي "لأنه واجب"، وإنما الدافع الأهم هو ضمان الاستقلالية عن السلطة التنفيذية وسلطة المال. وأوضح وزير العلاقات مع البرلمان، السيد محمود خذري، في الكلمة الافتتاحية للملتقى أن اختيار هذا الموضوع "يستجيب لأسباب ودواع عديدة، خاصة في ظل الاصلاحات السياسية الهامة التي بادر بها رئيس الجمهورية...كما يترجم حرصنا على تعميق الدراسة والتحليل وتوسيع النقاش حول الاشكاليات المرتبطة بهذا الموضوع، لفهم أبعاد فلسفة تنافي العهدة التمثيلية في المجالس الشعبية المنتخبة، من حيث منع الجمع بينها، من جهة ومن جهة أخرى، تنافي ممارسة إحدى هذه العهد الانتخابية مع وظائف ومهام وأنشطة أخرى". وبالنسبة للجزائر، أشار إلى أن المسؤوليات الجسام التي تقع على عاتق ممثلي الشعب ينبغي أن تمارس في إطار قوانين الجمهورية، مضيفا أن هذه الوظائف تبقى في طبيعتها عمومية مثل المسؤوليات التي تمارس في الادارات والمؤسسات الحكومية. وذكر بالمادة ال21 من الدستور التي تحظر أن تكون الوظائف في مؤسسات الدولة مصدرا للثراء أو وسيلة لخدمة المصالح الخاصة. وتحقيقا لذلك -كما أضاف- ميز التشريع الوطني بين نظامي عدم القابلية للانتخاب وحالات التنافي مع العهدة الانتخابية. هذه الأخيرة، تم تحديدها بصفة مطلقة بالنسبة للعهدة البرلمانية وفق أحكام المادة 105 من الدستور التي تنص على أن "مهمة النائب وعضو مجلس الأمة وطنية، قابلة للتجديد، ولايمكن الجمع بينها وبين مهام أو وظائف أخرى". وحدد القانون العضوي رقم 12-02 من جانبه الحالات بالوظائف ومختلف المهام والأنشطة الأخرى، عمومية كانت أو انتخابية أو خاصة، مستثنيا النشاطات ذات الطابع المؤقت لاسيما في المجالات الثقافية والانسانية والشرفية أو مهام لصالح الدولة. من جانبه، تحدث الدكتور سعيد مقدم عن إشكالات قانونية تطرح عند التطبيق الميداني لهذا المبدأ لاسيما في طريقة التعامل مع المخالفين "هل تطبق عليهم أحكام الاقالة أو الاستقالة أو الاعذار؟". وأشار إلى أن حالات التنافي مازالت مطروحة في الواقع خاصة في المجالس البلدية والولائية، مؤكدا على ضرورة معالجة هذا الفراغ القانوني على غرار ماتم مع البرلمانيين. وبعد استعراضه لتجربة الدول الأوروبية، اعتبر الأستاذ يلس شاوش بشير من كلية الحقوق بجامعة وهران أن هناك اختلافا حول نظام التنافي وكذا في الحلول المطبقة، وقال إن الاجماع غائب حتى داخل كل دولة. فباستثناء الجمع بين عهدة نيابية وعضوية مجلس الأمة التي تمنع في كل الدول، فإن الجمع بين عهدات نيابية ومحلية مازال مطبقا لاسيما في فرنسا، حيث 83 بالمائة من النواب لهم وظائف في الأقاليم المحلية. وبالنسبة للحلول، أشار إلى أن هناك اتجاها لتوسيع مجال التنافي، كما تحدث عن وسائل أخرى للتعجيز مثل السماح بالجمع بين المناصب دون الأجور، والاعلان عن وضع النائب بدقة في المواقع الالكترونية.