"القضاء غير مستقل في فتح ملفات الفساد و واجب التحفظ يقيد المهنة" دعا قضاة الشرق نقابتهم المهنية إلى انتهاج أساليب تصعيدية لتحقيق المطالب ونددوا بعدم استقلالية القضاء في فتح ملفات الفساد و تحدثوا عن ضغوطات يتعرضون لها أثناء عملهم مطالبين بتوضيح مفهوم واجب التحفظ الذي يقولون أنه يقيد القاضي. اللقاء الجهوي الذي عقدته، أمس النقابة الوطنية للقضاة بمقر مجلس قضاء قسنطينة، برئاسة جمال عيدوني وأعضاء من المكتب الوطني تحول إلى ما يشبه المحاكمة للنقابة وقيادييها بعد أن عبر القضاة عن تذمرهم من أداء النقابة التي يقولون أنها ظلت غائبة طيلة 12 سنة وأنها بعيدة عن القاعدة وفشلت حتى في فتح مكاتب على مستوى الولايات ، وقد وردت مطالب صريحة بحل المكتب الوطني وإعادة انتخاب هياكل جديدة و اعترف أعضاء في المجلس الوطني أن نقابة القضاة عاجزة ولم تعد تمثل فئة القضاة الذين فقدوا الثقة في مسيرييها، و اعتبر حضور ما لا يزيد عن مائة قاضي مؤشرا على موت النقابة عمليا. الخلافات الحاصلة داخل النقابة الوطنية للقضاة بدت جلية في اجتماع قسنطينة بعد أن صبت جل التدخلات في اتجاهاتهام طاقمها بالقصور وممارسة السياسة ومطالبته بالابتعاد عن ما يسميه رئيسها بالأسلوب الحضاري للاحتجاج،حيث قال أكثر من متدخل أنه لا بد من التصعيد وتقديم أجل للوزارة لتحقيق المطالب مطالبين بتحرير القاضي من واجب التحفظ الذي منعه حتى من ممارسة أبسط حقوقه وبتوضيح هذا الواجب الذي يبقى بالنسبة إليهم مجهول الحدود ومقيد، و قد حدث ما يشبه الإجماع على ضرورة الضغط بالاحتجاج لتحقيق نتائج أكبر، و طالب أكثر من قاضي تدخلوا أثناء الاجتماع ،بالابتعاد، عن ما يقولون عنه،"مطالب فلسفية"كاستقلالية القضاء ويرون أن الأولوية لاستعادة كرامة القاضي وندد كثيرون بما يسمونه بالحملات الإعلامية على القضاة، وقال أحد أعضاء المكتب الوطني أن النقابة لا ترد على من ينتقدون المهنة ويعملون بقبعتين في إشارة إلى التصريحات الأخيرة لقسنطيني حول عمل القضاة و اعتبر آخرون ما يروج حول عمل القاضي إساءة مطالبين برد الاعتبار. الرسائل المجهولة كانت من بين النقاط المطروحة بقوة بالحديث عن تعرض قضاة للمساءلة بعد أن كانوا محل رسائل وطالبوا في المقابل بمقاضاة أصحاب الرسائل في حال ثبوت براءة القاضي، وهناك من قال أن الرسائل المجهولة تخرج من القضاة، وذهب آخرون بعيدا في الانتقادات بالتأكيد على أن القاضي يعمل تحت ضغط رؤساء المحاكم الذين وجهت اتهامات لبعضهم بالتعسف و اعتماد اعتبارات غير مهنية في منح المناصب. وتطرق عضو آخر بالمكتب الوطني إلى أمر خطير يتعلق بما قال عنه تعمد مسؤولي بعض المجالس القضائية إسناد قضايا كبرى لقضاة ضعفاء واضطهاد القاضي النزيه الذي يحاول القيام بعمله بشكل مستقل مع الحديث عن تحالف الفساد لتخريب البلاد والدعوة إلى إتحاد القضاة لإنقاذها ووصف المتحدث ظروف العمل حاليا بأنها أكثر اضطهادا من فترة الإرهاب، وعن ملفات الفساد اعترف متدخل آخر أنه لا يوجد نائب عام يتجرأ على فتح قضايا فساد وتحريك دعوى عمومية لأنه مقيد بالقوانين التي لا تجعله مستقلا لتحريك هذا النوع مع القضايا. قضاة الشرق تطرقوا أيضا إلى تحريك قضايا فارغة ضد قضاة وطالبوا بمتابعة ملف المعزولين وعبر أحدهم عن الوضع بالقول " لسنا قضاة إنما نحن نلعب دور القاضي" وقال آخرون أن القضاء مقيد وغير مستقل، بينما طرح شباب إشكالية عدم الإعفاء من الخدمة الوطنية بالنسبة للدفعة الأخيرة على غرار باقي الدفعات وهي نقطة فضل رئيس النقابة جمال عيدوني الإجابة عنها دون حضور الصحافة، وبدا متحفظا في الإجابة عن الكثير من أسئلة الصحفيين عكس القضاة الذين شددوا على ضرورة نقل الانشغالات إلى الرأي العام لتحسين صورة القاضي حتى وان عبر كثيرون عن سعادتهم لثقة المجتمع في القاضي مستدلين بعدم تعرضهم لاعتداءات رغم إقامتهم داخل أحياء شعبية، كما تم التنديد بتجاهل ملف الأمراض المهنية وقال قضاة أن الكثيرين منهم أصيبوا بأمراض مستعصية نتيجة الضغوطات وأن حوادث مرور عديدة تحدث تجعل قضاة يموتون أثناء التنقل ما بين أماكن عملهم ومقرات سكنهم الأصلية، وبلغ الأمر حد التأكيد بأن ضغوطات العمل جردت القاضي من الجانب الإنساني. المكتب الوطني للنقابة طرح في بداية أشغال اللقاء عدة نقاط تتعلق بإعادة النظر بالنظام التعويضي ومساواته بنظام الإطارات العليا وتكريس استقلالية القضاء في مشروع الدستور ودعم استقلالية المجلس الأعلى للقضاء وعدم الاعتداد بالرسائل المجهولة، إضافة إلى مطلب إنشاء أحياء لائقة خاصة بهذه الفئة، وإعادة النظر في الحركة خاصة فيما يتعلق بقضاة الجنوب ومراجعة القانون الأساسي. وطرح أحد المؤطرينللاجتماع قبل فتح باب الحوار ضرورة تخصيص ميزانية مستقلة للقطاع و الاهتمام بتكوين المحامين والمحضرين القضائيين وتحدث عن وضع أطراف في الدولة لعراقيل للحيلولة دون استقلالية العدالة وتطرق أيضا لواجب التحفظ وما يترب عن معوقات اتصالية سواء مع الإعلام أو المواطن مستغربا عدم الاهتمام بأخبار العدالة كما هو حاصل بباقي الدول.