مرضى و مسنون يزحفون على سلالم المستشفيات والإدارات العمومية تتكرّر صور معاناة المرضى و كبار السن و هم منكبين على وجوههم يكادون يختنقون لصعوبة تنفسهم أو يزحفون لصعود سلالم البنايات العالية بالإدارات أو العيادات و المراكز الاستشفائية العمومية بشكل خاص لعدم استطاعتهم استغلال مصاعدها لأنها ببساطة إما معّطلة أو متوقفة لا تعمل إلا عند وصول المسؤولين. المشهد وقفنا عليه بعدد من الإدارات ذات البنايات العالية، المتعددة الطوابق كدار المالية بحي الكدية أين تفاجأنا بتشغيل المصعد لساعتين فقط في اليوم تبدأ الأولى من الساعة الثامنة إلى التاسعة صباحا أما الثانية فتكون من الواحدة إلى الثانية زوالا، حيث شد انتباهنا سد مدخل المصعد بقطعة معدنية أسطوانية أو كرسي لمنع المواطنين من استعماله بعد الساعة التاسعة تماما ، لتبدأ معاناة البعض لا سيّما كبار السن الذين يجدون أنفسهم مضطرين لصعود الدرج، إذا غالبا ما نجد البعض منهم متكئين على درابزين السلالم لاستعادة أنفاسهم قبل مواصلة تسلق الأدراج الملتوية الطويلة و بالتالي تواصل معاناتهم ليكون الأحسن حظا منهم من يكون مكتبه المقصود بالطابق الأول و الأسوأ حظا من لديه انشغال يضطر بسببه لرؤية المدير الولائي للضرائب بالطابق السادس. و خلال تواجدنا بالمكان تابعنا عن قرب حالة الاستياء الشديد التي يظهرها الكثيرون من خلال تعليقاتهم و انتقاداتهم لحال إداراتنا كوضع أحد الشيوخ الذي جاء لأجل استخراج وثيقة عدم الملكية العقارية ليصطدم بعدم إمكانية استغلال المصعد ، و اضطر إلى صعود الدرج إلى غاية الطابق الخامس، يجلس حينا على الكرسي بقاعة الانتظار في الطابق الموالي أو يتكئ على الدرابزين حينا آخر، تحت أنظار الأعوان الذين لم يسارعوا لنجدته و مساعدة غيره من المسنين والعجزة من خلال تشغيل المصعد للتخفيف من معاناتهم ، مبررين تجاهلهم لما يحدث أمامهم باحترامهم لتوجيهات المدير مثلما قال أحد الأعوان الذي اكتفى بالإجابة على سؤالنا حول سبب عدم تشغيل المصعد رغم أنه غير معّطل، بتوجيهنا إلى المسؤولين لأن الأمر يتعداهم على حد تعبيره. و قال البعض بأن المصعد مخصص للعمال و ليس للمواطنين باعتبار اختيار ساعات تشغيله تتماشى و دخولهم صباحا إلى مكان عملهم ثم عند عودتهم من استراحة الغذاء ، فيما علّق آخرون "من يريد الاستفادة من خدمات مصعد دار المالية لابد عليه الوصول مبكرا.. ". وعند نقلنا انشغال المواطنين إلى المدير الولائي للضرائب حماوي اسماعيل استغرب هذا الأخير من سؤالنا و بدا له الأمر دون أهمية أو هذا ما لمسناه من خلال تعليقه على سؤالنا بنبرة تكبّر "هل الصحافة تهتم أيضا لأمر المصاعد؟" قبل أن يتنازل و يجيب على سؤالنا بمكتب سكرتيره مبررا سبب تشغيل المصعد لساعتين فقط في اليوم بقدم الجهاز الذي يعود تاريخه إلى ستينات القرن الماضي و أنه عملا بتوجيهات المختصين في الصيانة أمر بتشغيله ساعة صباحا و أخرى بعد الزوال. مصاعد المستشفى الجامعي تشكل خطرا على حياة مستعمليها منظر المريض محمدي عبد الرحيم و هو يزحف على السلالم بمركز مكافحة السرطان بالمستشفى الجامعي ابن باديس بقسنطينة محاولا الوصول إلى قاعة الفحص بالطابق الأول أثار شفقتنا و جميع من شاهده يتألم و يمسك بقوة على يد أمه العجوز التي لم تقو على رفعه لولا مساعدة بعض المتضامنين ممن كانوا يقفون في طابور طويل في انتظار دورهم، يطرح نفس التساؤل حول حقيقة وضعية مصعدي المصلحة المتوقفين عن العمل نهائيا منذ حوالي شهرين. و قد شاءت الصدف أن نلتقي بآخر ضحية كاد يفقد رجله بمصعد المركز في حادث أكد أنه تكرّر مرارا مع مستخدمي المصعد و يتعلّق الأمر بالعون ز/العمري 43سنة الذي أصيب بجروح خطيرة على مستوى رجله اليمنى بعد تعرضه لحادث في الثامن عشر فيفري الماضي بينما كان يحمل أغراضا إلى الطوابق العليا أين تعطل المصعد كعادته بين طابقين فأراد طلب المساعدة لإعادة تشغيله لكن لا أحد سمعه، فحاول تخليص نفسه بنفسه ليتفاجأ بعودة تحرّك المصعد فالتصقت رجله بين الجدار و الجهاز ليملأ صراخه من شدة الألم المكان و يسرع زملاؤه لتوقيف الكهرباء و بالتالي توقف الجهاز و إسعافه. و قال العامل و هو أب لثلاثة أطفال أنه تعوّد و زملاؤه على إغاثة مستعملي المصعد كلما تعطل بهم، مضيفا بأن الجهاز قديم و بات يشكل خطرا على حياة مستعمليه مثلما حدث معه في الشهر المنصرم، مما اضطر المسؤولين إلى غلقه و منع استعماله إلى غاية إشعار آخر، لتتفاقم مع ذلك معاناة مرضى السرطان الذين لا يقوى الكثيرون منهم على صعود السلالم بعد خضوعهم للعلاج الكيميائي. و يخشى الكثيرون بمصلحة الأمراض الصدرية أيضا استعمال المصعد لقدمه و عدم شعورهم بالأمان فيه مثلما أسرت لنا إحدى الممرضات التي أكدت لنا أنها تفضل مساعدة المريض على صعود الدرج بدل المجازفة باستعمال مصعد لا يخضع للصيانة إلا نادرا جدا. رئيس الجمعية الولائية لذوي الاحتياجات الخاصة:"المصاعد حكرا على المسؤولين" اشتكى عدد من ذوي الاحتياجات الخاصة خلال معرض نظم نهاية الأسبوع بجامعة قسنطينة 1 من واقع المصاعد بالكثير من الإدارات بقسنطينة، مؤكدين اصطدامهم برفض بعض الأعوان ببعض الإدارات تركهم يستعملون المصعد رغم تأكدهم من إعاقتهم مثلما قال رئيس الجمعية الولائية لذوي الاحتياجات الخاصة كمال بوكباب الذي انتقد واقع المصاعد بالكثير من المؤسسات الإدارية و الخاصة معلّقا:"إن استعمال المصاعد حكرا على المسؤولين و الموظفين " مشيرا إلى إعدادهم لملف خاص لمعاناة المعاقين و ما يواجهونه من صعوبات حتى بالإدارات التي بها مصاعد.