لا مدير ولا ميزانية تسيير وأرشيفه معرض للتلف يعيش مركز الثقافة والإعلام لولاية قسنطينة الذي تأسس سنة 1963 على يد المرحوم عمر بن مالك دون تمويل ولا ميزانية تسيير منذ سنة 1988 ،مما جعل القائمين عليه يعتمدون على موارد الاشتراكات لتسييره ودفع المصاريف الإجبارية منها إلى غاية سنة1997 أين أصبحت المداخيل لا تغطي المصاريف وتسبب ذلك في توقف عملية تجليد أرشيفه، ودفع القائمين عليه إلى حفظ ما تكدس من خلال ال 15 سنة المتبقية في طرود ورقية مصنفة ومؤرخة تنتظر التجليد وهذا ما يهدد بتلفه أثناء عملية نقله إلى وجهة أخرى لم تحدد بعد ويتسبب إضافة إلى ذلك في حرمان الباحثين الذين يقصدونه من جميع أرجاء الوطن من مادته. المركز تقاذفت وصايته بين كل من وزارة الثقافة المركز الوطني للثقافة والإعلام الذي يشرف عليه حاليا بن تركي ووزارة الشبيبة والرياضة بعد أن أصبح عماله يتقاضون مرتباتهم من مديريتها ولكن إداريا تابع لمديرية الثقافة التي زودته بعاملات في إطار عقود ما قبل التشغيل وكذا الشبكة الاجتماعية بعد أن أحيل عماله على التقاعد وحول آخر مدير له على ولاية أم البواقي ديسمبر من السنة الماضية على الرغم من أنه أقدم مؤسسة ثقافية على مستوى الشرق تضم أرشيف كل الجرائد والمطبوعات الصادرة منذ الاستقلال إضافة إلى وثائق الوظيفة العمومية والجريدة الرسمية حسب القائمة على إدارته حاليا السيدة داودي بريزة دون تعيين رسمي. المركز يضم المطبوعات الإعلامية من فترة 1963إلى اليوم المركز يتكون من مقرين متقابلين يفصلهما نهج زعتر الطيب المؤدي إلى العقيد سي الحواس في قلب المدينة التي تضم قصر ومسجد الباي، إضافة إلى مركز الإعلام للجيش الوطني الشعبي و كذا مكتبة في شارع عسلة حسين التي أسسها عمر بن مالك الذي كان يشتري كتبها من ماله الخاص وهو أول من أداره وحوله إلى قبلة للباحثين من كل ولايات الوطن جراء ما يحويه من وثائق وأرشيف .وقد علمنا أن النصر الجريدة الأكثر طلبا من قبل دارسي الإعلام والتاريخ حسب من تحدث إلينا من ذات المؤسسة وقد تناهت إلى مسامعهم أخبار غير رسمية نزلت عليهم كالصاعقة مفادها أن مكاتب المركز التي تضم الأرشيف قبلة الباحثين سيتم تحولها لصالح مديرية الآثار والمطلوب منهم نقله إلى مقر المكتبة المقابل لها والذي لا يمكنه أن يسعه مما يجعله مهدد بالتلف ويحرم الباحثين الذين يقصدونه من كل أرجاء الوطن وطالبوا بترميمها وإبقائه قبلة للباحثين تخليدا لروح مؤسسه بدل غلقه وقد كان قبلة كل طلبة قسنطينة منذ نشأته بامتياز. المسيرة الحالية للمركز دون مهمة رسمية قالت لنا أنها أجلت تقاعدها عدة مرات على الرغم من أن القانون يمكنها من الاستفادة من تخفيض السن بإعتبارها ابنة شهيد على أمل أن يخلف مكانها من يعرف قيمة المركز وما يحتويه من كنوز حتى يحافظ على مكانته ويبقى قبلة للباحثين والدارسين من كل ربوع الوطن. قالت ذلك وقد سبقتها دموعها خوفا على أرشيفه الذي طوته بنفسها وحافظت علية طوال عملها فيه منذ 36 سنة خلت وهي مدة جعلتها تعرف كل ورقة وكل وثيقة في علبه ودفاتره واعتبرت تحويل كل ذلك فاجعة بالنسبة لها كمن يفقد أعز أبنائه. القرار جعلهم يوقفون كل الأنشطة التي كانت مصدر تمويل للمركز الذي عاش على التمويل الذاتي منذ أن توقفت ميزانيته سنة 1988 وذلك بمداخيل الاشتراك في المكتبة من أجل تسديد أعباء،الماء والكهرباء وكذا الهاتف ومستلزمات المكاتب في إطار جمعوي ثقافي قانوني لم يتم تجديده منذ حوالي سنة والذي تأسس قبل توقيف التمويل الذي تسبب كذلك في توقف التجليد بعد ذلك بعد أن ضعفت الموارد وقل الإقبال على الاشتراك في المكتبة سنة 1997 وهو الذي انطلق سنة 1964 مما جعل الجرائد الصادرة بعد تاريخ 1997 تحرم من الحفظ في مجلدات ويحتفظ بها موضبة في طرود في انتظار تغليفها وهو الأمل الذي يراود السيدة بريزة . مكاتب المركز تحفظ إضافة إلى أرشيف المطبوعات الكثير من المخطوطات التي تحتاج إلى ترميم واهتمام إضافة إلى الأشرطة السينمائية التي كانت تعرضها في الأحياء وسائل العرض المتحركة ممثلة في شاحنات مهيأة لذلك في المناسبات الوطنية وكانت تجد إقبالا كبيرا من طرف الجمهور العريض الذي كان ينتظر ذلك مما زرع ثقافة السينما الشعبية التي كانت تنزل إلى العامة من الناس في الأحياء عبر الولاية إلى أن جاء حين من الدهر وظهر فيه جيل لم يسبق له أن عرف الشاشة الفضية وقد تجاوز العقد الثاني من العمر وهذا ما جعله يجهل كلية وسيلة العرض على الشاشة الفضية جراء أزمة قاعات العرض في الولاية التي بدأت وتسعينيات القرن الماضي وتفاقمت إلى أن أغلت كل دور العرض في مدينة يجهل فيها شباب تجاوز العشرين حقيقة السينما.هذا إضافة إلى صور نادرة لقسنطينة أثناء انطلاق عملية بناء الجسور فيها خلال حقبة الاستعمار . المكتبة توقف إمدادها بالكتب طيلة ال15 سنة الماضية وفيما يخص المكتبة التي حسب ذات المتحدثة أسسها عمر بن مالك من ماله الخاص وجعلها قبلة للتلاميذ والطلاب والباحثين فإن تزويدها بالكتب توقف سنة 1998 منذ ذلك الحين لم يدخلها عنوان جديد وكتبها كلها عتيقة تعود إلى إصدارات القرن الماضي وهذا ما يزيد من أهميتها باعتبار ما تحتويه رفوفها يكاد يتحول إلى تراث جراء ما عرفه العلم والطبع خلال أل 15 الماضية هذا ومنحتها كراسيها وطاولاتها التي لم تجدد أبدا شيء من الوقار الدال على عراقة المكان الذي يتكون من طابق أرضي يقصده الدارسون للمطالعة والمراجعة وإنجاز البحوث وطابق أول لنفس الغرض وأكثر رواده من طلبة الطب الذين يجدون الهدوء التام نظرا لما في المكان من وقار يفرضه الديكور العتيق والكتب الصفراء أوراقها التي تعتبر مصادرا خصبة للباحثين. المركز وجهة الباحثين الأولى في السياسة والإعلام هذه العراقة جعلت المركز والمكتبة قبلة مفضلة للكثير من الباحثين من عنابة وأدرار إضافة إلى باتنةوأم البواقيقسنطينة وميلة ممثلة في السيد بوسنان عبد الله أقدم مراسل لجريدة النصر لما تعربت سنة 1972 وعضو اللجنة المركزية لجبهة التحرير الوطني وسناتور سابق عن الثلث الرئاسي الذي عاد إلى تجربته الصحفية بنية وضعها في كتاب يثري به عالم الإصدارات الخاصة بالصحافة كما قال لنا في اتصال هاتفي.وعن الوجهة التي سوف يحول إليها هذا الأرشيف قالت لنا المشرفة عليه أنها لم تحدد بعد وهناك الحديث عن المكتبة الجديدة في منطقة بوالصوف أو الطابق الأول من مبنى المكتبة فيما سمعنا يقول أن هذه الوثائق ملك للولاية وسوف تسترده ومهما تكن الوجهة المشرفون علية يريدون فقط أن يبقى مفتوحا في خدمة الدارسين والباحثين وان يجلد ما لم يجلد خلال ال15 سنة التي توقفت فيها العملية وأن يزود بمختصين يعرفون قيمته. ليبقى السؤال المطروح هل سيكون مصيره هذا الأرشيف النوم بسلام في قبو إحدى البنايات القديمة على غرار كتب ابن باديس كما قال الوالي خلال آخر دورة للمجلس الشعبي الولائي في مدينة ابن باديس والعلم والعلماء وقسنطينة تتهيأ لأن تكون عاصمة للثقافة الإسلامية ويعمل المسئولون فيها على الثقافة على مواراة كنوز أول مركز ثقافي في الشرق عن الأنظار وتحويله إلى مكاتب كما تنامى إلى مسامعنا. ص.رضوان