غضب شيوخ وغضب قطاع من الصحافة من تعليق شبان لأقفال الحب على جسر تيليملي في العاصمة، ولعل أطرف ما يمكن أن تسمعه في هجاء الأقفال والحب، هو ما أطلقه شيخ على قناة فضائية في حملته الغاضبة، إذ قال وهو في قمة الاستياء أن الحب أكثر سوء من الانتحار. وبالتالي فلا ضرورة لتحويل تسمية الجسر من الانتحار إلى الحب. والشيخ هنا يناهض الحب ليس لأنه لا يحب، بل لأن الشباب لا يحسنون الحب مثلما يحسنه هو الذي يستخدم "الشريعة" في خدمة نزواته، فيتزوج كل فتاة " يحبها" ثم يتخلى عنها بعد حين لتترك المكان، لأن قلبه لا يتسع لأكثر من أربع دفعة واحدة، ولا بأس أن ينسى حتى أسماء أطفاله بعد ذلك ( وهو ما حصل للشيخ ذاته). المبادرون بالأقفال أرادوا الانتصار للحياة مثلما يفعل أترابهم في تقليد عرفته العديد من مدن العالم. وكان يمكن أن يكون الحدث عاديا يستحق التنويه لأن جسر الانتحار اكتسب صفة جديدة، غير أن تسفيه الفعل من طرف وسائل إعلام ذهبت بها "المهنية" إلى استفتاء الشيوخ في الأمر، تسبب في إصدار حكم التحريم وبلغ إلى استثارة سكان المنطقة ضد الشباب. حسنا، لا بأس من نزع أقفال الحب، لكن لو حق الحق وجرى ترتيب الأوليات ستكون أقفال الحب هي آخر ما يفتح في هذا المجتمع المغلق الذي يعاني من حالات نكوص إلى مراحل بدائية، بسبب "الغلق" الذي تمارسه الآلة البطركية، ونستفيد من علم الأنتربولوجيا الجليل أن أولى حالات المنع والتحريم في التجمعات البدائية استهدفت "الحب" حيث يستأثر زعيم العشيرة بالنساء ويمنعهن على أبنائه، ما يدفعهم إلى التخلص منه قتلا وتتكرر المقتلة في القبائل البدائية ويتم استدخالها في اللاوعي الجمعي للبشرية، لتصبح فعلا مرجعيا خفيا في النظم الاجتماعية والسياسية. ويمكن أن تكون مطاردة الشيوخ والشرطة للعشاق تعبيرا عن هذه النزعة البدائية، التي تبدو غريبة وغير طبيعية في بلد يغتسل كل يوم بأمواج البحر الأبيض المتوسط. ثمة أقفال كثيرة تستوجب الفتح في المجتمع الجزائري المنغلق على نفسه والمنعزل عن جيرانه والذي يخضع إلى تأثير قوى متخلفة في السياسة والاجتماع والإعلام. تعبر أقفال الحب عن حالات وفاء وتعبر غيرها من الأقفال عن عكس الوفاء تماما. وربما ذلك ما أثار غضب "المقفلين" والمقفل عليهم من الأقفال. سليم بوفنداسة