السلطات البريطانية تسلم عبد المومن خليفة للجزائر تم يوم أمس تسليم عبد المومن رفيق خليفة إلى الجزائر من طرف السلطات البريطانية، حسب ما أفاد بيان لوزارة العدل .وأوضح ذات المصدر أن هذا التسليم تم "وفقا للإجراءات القانونية وأحكام الاتفاقية القضائية" بين الجزائروبريطانيا. وأفاد البيان أنه "تبعا لاستنفاذ كافة إجراءات الطعن المتعلقة بتسليم السيد عبد المومن رفيق خليفة أمام قضاء المملكة المتحدة والقضاء الأوروبي، فقد استكملت كافة إجراءات الاستلام من قبل الفريق (الجزائري) الذي تنقل يوم الأحد الماضي إلى لندن لتسليم المعني بالأمر حيث تم التسليم هذا اليوم 24 ديسمبر وفقا للإجراءات القانونية وأحكام الاتفاقية القضائية بين البلدين". و قد وصل عبد المومن خليفة زوال أمس إلى مطار هواري بومدين بالجزائر العاصمة و من المنتظر أن يتم إيداعه سجن سركاجي قبل أن تقرر الجهات القضائية إعادة فتح ملف محاكمته. تسليم عبد المومن خليفة للجزائر كان محصلة لمعارك قضائية طويلة بين البلدين، و في فرنسا، حيث طالبت الجزائر بتسليمه مباشرة في سياق محاكمة المتورطين في فضيحة إفلاس البنك الذي كان قد أسسه المعني و معه شركة الطيران التي تحمل اسمه. و تتركز طلبات التسليم التي رفعتها الجزائر أمام القضاء البريطاني على وثائق "مزورة" يكون قد قدمها المتهم المحكوم عليه غيابيا من طرف محكمة البليدة سنة 2007 بالسجن المؤبد في عملية رهن لفيلا عائلية و محل تجاري يملكهما قبل تأسيسه مجموعته "الخليفة". وتتمثل التهم الموجهة لعبد المومن خليفة في " تشكيل جماعة أشرار و السرقة المتكررة و التزوير و الاحتيال و خيانة الثقة و تزوير وثائق رسمية و بنكية و الرشوة و استغلال النفوذ و الإفلاس المفتعل". و من بين التهم الرئيسية الموجهة له أيضا ما تعلق بالسرقات التي تمت على مستوى مختلف الوكالات التابعة لبنك الخليفة بأمر منه شخصيا و التسيير الفوضوي و الإهمال الذي ميز كل عمليات التحويلات بالعملة الصعبة تحت غطاء معاملات مختلفة و التي كانت في الواقع - حسب لائحة الاتهام ضده المعروضة في الملف أمام محكمة الجنايات بالبليدة- غطاء لعمليات اختلاس منظمة. و قد لجأ عبد المومن خليفة إلى بريطانيا سنة 2003، بعدما تمت المباشرة في إجراءات ملاحقته قضائيا بفرنسا في قضايا على علاقة باستثماراته و نشاطات فروع مجموعته هناك، حيث كان الخليفة قد صار راعيا رسميا لفريق أولمبيك مرسيليا الفرنسي. و يتابع القضاء الفرنسي من خلال محكمة نانتير عبد المومن خليفة لتورطه في قضايا تبييض الأموال و الإختلاس و قد طلبت المحكمة الفرنسية من بريطانيا تسليمه في سنة 2007 بالتزامن مع محاكمته في الجزائر، و في أكتوبر 2007 أصدر قاضي محكمة ويستمنستر البريطانية قرارا يسمح بترحيل خليفة على فرنسا و هو ما عطل اجراءات تسليمه للجزائر التي ظلت تطلب السلطات البريطانية بتسليمه، لكن ذلك القرار قوبل بطعن من المتهم الذي اعتقل في 27 مارس 2007 في بريطانيا بناء على مذكرة توقيف أوروبية صدرت بطلب من محكمة نانتير بفرنسا. و قدرت المحكمة الفرنسية وقتها أن انهيار إمبراطورية الخليفة ترك وراءه ثغرة مالية مقدرة بحوالي 90 مليون أورو، و باشر محققون فرنسيون البحث في صفقات مشبوهة لمجموعة الخليفة و قضايا احتيال في تسيير شركتي الطيران "الخليفة" و "أنتينيا إيرلاينز". و وجدت المحكمة البريطانية ثغرات في طلب التسليم الأوروبي عن المحكمة الفرنسية، و هو ما أخذته الجهات القضائية ذاتها على الطلبات الجزائرية المتكررة. ليدخل ملف تسليمه لباريس و الجزائر على حد سواء في سلسلة من المعارك القضائية الإجرائية، بين ردود الدفاع و التماسات الأطراف، استغرقت قرابة الست سنوات. و في جلسة 25 جوان 2009 بمحكمة وستمنستر وافق القضاء البريطاني على تسليم خليفة للسلطات القضائية الجزائرية و اعتبر حينها القاضي تيموثي ووركمان أنه بمقتضى ذلك القرار فإن تسليم خليفة عبد المومن لا يتناقض مع المعاهدة الدولية لحقوق الإنسان بعدما كان محاميه يشير على الخطر الذي يمكن أن يتعرض له موكله في حال تسليمه للجزائر، و رفع محامي المتهم طعنا أمام جهات قضائية أعلى في بريطانيا لمنع تسليمه. و قد استنفذ عبد المومن خليفة يوم 3 ديسمبر الجاري كل سبل الاستئناف التي كان يحتمي بها في بريطانيا، و قد أمر وزير الداخلية البريطاني حينها بطرد المتهم إلى الجزائر و في 17 ديسمبر قال وزير العدل الطيب لوح أن المعني سيسلم إلى السلطات الجزائرية وفق القرار البريطاني ما لم يطعن أمام المحكمة الأوروبية، و قد انتهى أجل القيام بذلك الإجراء لتسلم بريطانيا أمس أحد أكبر المطلوبين للعدالة الجزائرية. ع.شابي الصيدلي الذي أصبح فجأة على رأس امبراطورية مالية أدين غيابيا بالسجن المؤبد الملف الملغوم لقضية الخليفة لا زال يخفي الكثير من الأسرار أدركت قضية الخليفة و ما تبعها من معارك قضائية بين الجزائر و بريطانيا التي لجأ إليها، آخر فصولها ، أمس، باستلام السلطات الجزائرية لعبد المومن خليفة من بريطانيا . القضية التي شغلت الرأي العام لمدة فاقت العشر سنوات، و جرت عديد الشخصيات السياسية و الاقتصادية و الرياضية إلى أروقة المحاكم في غياب المتهم الرئيسي، عادت لتصنع الحدث من جديد. و من المتوقع في حال برمجة النظر في الملف أن تثير محاكمة الخليفة من جديد الكثير من الزوابع ، حيث كانت محكمة البليدة التي سبق لها و أن عالجت الملف سنة 2007، قد أجلت النظر في القضية مجددا في أفريل من العام الجاري " 2013 " بسبب عدم إثبات وفاة بعض المتهمين . و من المنتظر كذلك أن تجيب على عديد الأسئلة بشأن حقيقة هذا الشاب الصيدلي الذي أصبح فجأة على رأس امبراطورية مالية متعددة النشاطات في قطاعات كبرى على غرار البنوك و شركة الطيران التي كانت تحمل اسمه، فضلا عن إمكانية عودة رؤوس و شخصيات كبرى إلى أروقة المحاكم، في حال إعادة فتح الملف. و بالعودة إلى أطوار المحاكمة في هذه القضية التي وصفت في الجزائر بفضيحة القرن، انطلقت يوم الثامن جانفي من عام 2007 بمحكمة البليدة و استغرقت شهرين كاملين، أين مثل 94 متهما أمام هيئة المحكمة فيما حوكم غيابيا 10 متهمين آخرين و عرفت استدعاء عدد من المسؤولين السامين كشهود و متهمين في القضية، و عرفت في الأسبوع الثاني من وقائعها الكشف عن تأسيس بنك الخليفة بطريقة مزورة و كما ذكرت السكرتيرة الشخصية لعبد المومن عوان نجية تردد وزراء ووجوه سياسية و فنانين على مكتبه و حصول بعضهم على أموال و امتيازات شخصية. محافظ بنك الجزائر وقتها و أعضاء اللجنة المصرفية كشفوا عن إعداد 10 تقارير سوداء عن بنك الخليفة، و استمعت المحكمة بتاريخ 25 جانفي لأول وزير في القضية و هو وزير المالية الأسبق محمد ترباش الذي أكد اختفاء تقرير حول بنك الخليفة من مكتبه و بعدها لوزير المالية حينها مراد مدلسي الذي حمل مسؤولية اختفاء التقرير لرئيس ديوانه السابق معلنا أنه لم يعلم بهذا التقرير إلا بعد مراسلة من رئاسة الحكومة التي طلبت نسخة منه. كما نفى كريم جودي الوزير المنتدب المكلف بالإصلاح المالي حينها و الذي كان في سنة 2000 مديرا للخزينة العمومية علمه بالخروقات القانونية لبنك الخليفة و لا بالتقارير العشرة المتعلقة به. و شهد مدير شركة الطيران "أنتينيا" أنه باع أسهم شركته لعبد المومن بمبلغ 21 مليار سنتيم و أنه تحصل على المبلغ من وكالة بنك الخليفة بالشراقة دون أن يكون له حساب في البنك، كانت تلك المبالغ من أموال المودعين. أمين عام المركزية النقابية باعتباره مديرا لمجلس إدارة صندوق الضمان الاجتماعي للعمال الأجراء قال خلال المحاكمة أنه زور محضر اجتماع مجلس الإدارة لإيداع أموال الصندوق في بنك الخليفة و أنه باع مقر جريدة الثورة و العمل للخليفة بمبلغ 17 مليار سنتيم و أنه تحصل على 10 ملايير فقط. كما جرى الاستماع لمختلف مدراء دواوين الترقية و التسيير العقاري بعدة ولايات الذين أكدوا تلقي أوامر باستثمار أموال الدواوين في بنك الخليفة، و قد نفى وزير السكن في جلسة لاحقة و قال أنه دعا مدراء الدواوين لاستثمار أموالها في المشاريع السكنية. و قد انتهت وقائع محاكمة القرن بإصدار حكم غيابي بالسجن المؤبد ضد عبد المومن خليفة و بفترات متفاوتة ضد تسعة متهمين حوكموا غيابيا و أحكاما بالسجن تصل إلى 20 سنة سجنا نافذا ضد 43 متهما ، فيما تمت تبرئة 50 متهما عن جناية تكوين جماعة أشرار و السرقة الموصوفة و النصب و الاحتيال و استغلال الثقة و تزوير وثائق رسمية . و كانت محكمة الجنايات لدى مجلس قضاء البليدة قد أعادت فتح ملف القضية في 02 أفريل 2013 ، و تأجلت المحاكمة في ذات اليوم بسبب عدم إثبات وفاة بعض المتهمين . وبتسلم عبد المومن قد يفتح فصل جديد، ليس في هذه القضية التي شغلت الرأي العام الوطني لفترة طويلة ولكن في تاريخ العدالة الجزائرية التي تعاطت مع قضية متشعبة ومتعددة الأطراف، وتجد نفسها في واجهة الأحداث.