مهندسو "كوجال" حذروا من كارثة نفق جبل الوحش و المسؤولون تجاهلوهم لم يكن الانهيار الأرضي الذي تسبب في غلق نفق جبل الوحش الجنوبي من الطريق السيار في اول يوم من السنة الجديدة مفاجئا بالنسبة لمهندسي المجمع الياباني "كوجال" القائم بتنفيذ المشروع لصالح الوكالة الوطنية للطرق السريعة التابعة لوزارة الأشغال العمومية، فقد حذر المهندسون من اليابانيين و بعض الجزائريين من خطر بقاء شبكة حديد الخرسانة المسلحة التي تغطي جزءا من وسط النفق الذي يبلغ طوله كيلومترين إلا بضعة أمتار دون أسمنت مسلح لفترة طويلة، و نقل مهندسون عن أحد اليابانيين العاملين لدى "كوجال" يسمى يوشيدا أنه كان مبتهجا يوم أمس الأول و ردد على مسمع من زملائه في إجتماع طارىء بالمقر الرئيسي للشركة بعين السمارة أنه حذرهم من خطر إنهيار الجزء العاري من الخرسانة بالنفق الجنوبي الأيمن و هو واحد من أربعة أنفاق تشق جبل الوحش كجزء من الطريق السيار شرق غرب. إلى جانب يوشيدا كان المهندس أحمد يدق باستمرار ناقوس الخطر و قال أن بقاء المنطقة المنهارة عارية يجعلها نقطة ضعف مركزية في كل الهيكل الضخم للنفقين الجنوبيين المتوازيين بطول كيلومترين و في نقطة التقاءهما تحديدا أسفل بحيرة مستوى في أعلى جبل الوحش حيث حدث مساء الأربعاء انهيار أرضي شبيه بالزلزال. و ذكر المصدر أن الشركة اليابانية لم تتمكن من تغطية الجزء المنهار بالخرسانة الإسمنتية، نظرا للعراقيل التي كانت تتعرض لها من قبل الوكالة الوطنية للطرق السريعة و من مديرية المشاريع الجديدة، خاصة ما تعلق بالفواتير الإضافية التي طلبت "كوجال" تسديدها كأشغال إضافية و بلغت نسبتها الإجمالية 45 بالمئة من تكلفة الشطر الشرقي من الطريق السيار، و هو الشطر الذي حاز المجمع الياباني على صفقته، و كان وزير الأشغال العمومية السابق عمار غول قد وعد بتسوية الخلاف المالي مع "كوجال" و أصر على فتح المقطع بين المريج و حدود ولاية سكيكدة مع بداية النصف الثاني من السنة المنقضية. بالرغم من تحفظات تقنية يكون المهندسون بالوكالة الوطنية للطرق السريعة قد رفعوها أمامه، بناء على توصيات من المهندسين اليابانيين. و تجدر الإشارة هنا أن نسبة مبالغ الفواتير الإضافية في مشروع الطريق السيار شرق غرب بين وزارة الأشغال العمومية و مجمع كوجال محددة منذ البدابة بأقل أو ما يساوي 15 بالمئة من تكلفة المشروع موضوع الصفقة. البطء في تسوية الخلاف المالي سبب التأخر في صب الخرسانة تحذيرات المهندسين لم تؤخذ بعين الاعتبار حسب مصادر متعددة من عين المكان قبيل زيارة قام بها وزير الأشغال العمومية فاروق شيالي ظهر الخميس للنفق، و قال الوزير مطمئنا أن الحادث عادي و يمكن أن يقع في كل الورشات، مشيرا أن الانزلاق الأرضي الذي أغلق قسما من وسط النفق الذي لا يزال ورشة و غير المفتوح للحركة، لا تزال أسبابه مجهولة و ان لجنة خبراء من يابانيين و جزائريين مدعمين بكندي و فرنسي ستقوم بعد استقرار الأرضية و توقف حركتها بتحديد أسباب الإنهيار و قد كانت أصوات دمدمات و تحركات لكتل من التربة لا تزال تسمع من حين لآخر بالنفق المفتوح الذي كان مستغلا لربط منطقة المريج بقسنطينة بولايتي عنابة و سكيكدة، و قد إضطر الوزير و الوفد المرافق له الى مغادرة المكان المتشقق من النفق المفتوح على بعد 800 متر تحديدا من مدخله الجنوبي، و منعت مصالح الدرك الوطني الكثير من الصحافيين من مرافقة الوزير خشية حدوث انهيار جديد، و قال مدير الحماية المدنية لولاية قسنطينة أن الوضعية حرجة و لا تسمح بتوغل عدد كبير من الأشخاص داخل النفق. التربة لا تزال تتحرك و الوضع مازال يشكل خطرا المهندسون اليابانيون طلبوا صباح الخميس من فريق عمال فيتناميين القيام بمحاولة الوصول الى نقطة الانهيار بالنفق الأيمن الذي لا يزال ورشة، و لكنهم تراجعوا عن إدخال الآليات الضخمة و لم تتم إعادة التيار الكهربائي الى الورشة في ظروف وصفت بأنها غير مستقرة، و لا تزال تشكل خطرا على السلامة. و قد تمت بمناسبة الزيارة التي قام بها الوزير إضاءة جزء من النفق المنتهية أشغاله، بينما منعت فرق الحراسة التابعة لمجمع كوجال و للوكالة الوطنية للطرق السريعة أي شخص من الاقتراب من مكان الإنهيار، و قد لاحظ الوزير و مرافقوه تشققات عرضها بضع سنتيمترات و تساقط لأجزاء من الخرسانة بالنفق الجاهز، و هي الأضرار التي تقابلها على الجهة اليمنى ردوم كبيرة دفنت معها آليات و عتاد الشركة اليابانية. الوزير شيالي قدر أن لجنة الخبراء ستقوم بمهمتها خلال أسبوع أو أسبوعين، بعدها تقدم "كوجال" مخططا للعمل من أجل تنقية النفق الورشة أولا و التأكد من زوال الخطر و بعدها يمكن السماح بإعادة استعمال النفق الأيسر في حركة المرور و قدر مهندسون ان ذلك لن يكون عمليا إلا بعد ستة أشهر على أقل تقدير، و في أحسن الحالات. اليابانيون في لقاء الخبراء بالمقر الرئيسي أكدوا من جانبهم حسب زملاء لهم من الجزائريين أن عملية تصليح مخلفات الانهيار ليست أمرا صعبا و أنهم متعودون على العمل في ظروف و أرضيات غير مستقرة، لكنهم يخشون من عدم الوصول إلى حل صلب للأرضية الترابية ذات الخصوصية، من "الأرجيليت" و ساعتها يمكن للوضع الحرج أن يطول. و قد تمتد المعالجة إلى حيث تتطلب تدخلا على الجهة العلوية من النفق في منطقة البحيرات بحظيرة جبل الوحش و هناك كانت تحرك القشرة السطحية من الأرض قد دفع بأجزاء من الإسفلت عاليا مشكلة نتوءات هرمية بارتفاع قرابة النصف متر. "كوجال" اعتادت العمل في ظروف أصعب و أقل استقرارا و قد سارع المسؤولون من مجمع "كوجال" مباشرة بعد نهاية زيارة الوزير شيالي إلى الإتصال بالمتضررين في منطقة البحيرات و إقترحوا على بركان صاحب مطعم الجزيرة و مستغل لقاعة رياضة تسوية ودية بعد تقدير للأضرار، و لاحظ اليابانيون بعين المكان تواصل حركة الأرض بعد زوال نهار الخميس و قد انحنت سقيفة اسمنتية عند مدخل المبنى الذي طلبوا منه إخلاؤه من جديد بعدما كانت غير متضررة في مساء يوم الاربعاء مباشرة عقب حدوث الانهيار. و كانت فرق من الحماية المدنية و الدرك الوطني و مصالح محافظة الغابات قد وضعوا أشرطة حمراء تمنع توغل المواطنين إلى أبعد من بحيرة مستوى مباشرة عند مدخل المطعم، الذي كان صاحبه يجهز وثائقه لعرضها على الوزير شيالي في مقر ولاية قسنطينة بالقصبة. الحديث عن كارثة في نفق جبل الوحش من الطريق السيار ليس صحيحا وهو من قبيل المبالغة، على الأقل قبل أن تظهر نتائج لجنة الخبراء، لكن أثر الانهيار على الحركة في مقطع حرج من الطريق السيار بولاية قسنطينة و الذي كان فتحه جزئيا جرعة أكسجين لمدينة تختنق مروريا سيكون بالغا، وخاصة لمستعملي الطريق من عربات الوزن الثقيل و الخفيف التي كانت تتجنب الدخول إلى مدينة قسنطينة و يفضل سائقوها السير عشرات الكيلومترات الإضافية بدل الوقوف لساعات في طوابير الحركة. عن الدراسات المستقبلية للمشروع و بعضها كان يعارض خط الأنفاق الحالية قال الوزير شيالي أن ثلاثة مراحل من الدراسات تمت قبل الشروع في الإنجاز و أنها كانت إيجابية، و لكن مسؤولين بالموقع أشاروا إلى عمل "ناقص" قام به مكتب دراسات لبناني و إلى عدم جدية القائمين بمتابعة الأشغال من بعض المهندسين الجزائريين الذين لا يتواجدون الا بمطعم "كوجال" وقت الوجبات و أن الكثيرين من الذين استفادوا بمهمات تكوين في الخارج لصالح المشروع و من ميزانيته لم يعودوا بنفع على المشروع الضخم، و قال مهندس جزائري شاب أن الحديث عن عيوب في إنجازات "كوجال" لا معنى له فالنفق المفتوح الذي تضرر جزئيا يمكنه أن يكون ملجأ في حرب نووية فكيف لا يقاوم حركة بسيطة لسطح التربة.