نهاية الحملة الانتخابية في أجواء مشحونة انتهت الحملة الانتخابية بنهاية يوم أمس، بينما اشتدت حمى المنافسة بين المترشحين و مؤيديهم، مما يؤشر على مشاركة أعلى مما كانت متوقعا عند بدايتها قبل 22 يوما، التنافس الإنتخابي بين المترشحين الستة سار تدريجيا ليتحول الى استقطاب بين مترشحين هما الرئيس بوتفليقة و رئيس الحكومة السابق علي بن فليس،اللذين سيطرت تصريحاتهما و مواقفهما على مجريات الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية. بقية المترشحين صنعوا بدورهم الحدث من خلال استضافتهم في حصة خاصة للتلفزيون العمومي، رغم أن بقية القنوات التلفزيونية الخاصة و المحطات الفضائية ظلت تتابع وقائع الحملة الانتخابية و نشاطاتها، و بصورة أقل صخبا و إثارة للجدل نالت المرأة الوحيدة المترشحة للرئاسة لويزة حنون حصتها من الاهتمام، كما حاول موسى تواتي أن يبرز للسطح من خلال تصريحات و مواقف مثيرة في الايام الأخيرة من الحملة. و بقي المترشحان علي فوزي رباعين و عبد العزيز بلعيد لوحدهما يعملان بالطريقة التي بدآ بها حملتهما. شحذ القوى الشعبية و دفعها بخطابات شتى للتوجه نحو مكاتب الانتخاب قلل كثيرا من حضور خطاب المقاطعة و هو ما يمكن القول أن الطبقة السياسية المشاركة في الرئاسيات عملت بنجاح على تحقيقه لفائدة منح شرعية شعبية نابعة من الانتخاب المباشر للرئيس المقبل، و هو ما يفسر تحول الحديث لدى متابعي الشأن السياسي حول الأيام التي تعقب يوم الاختيار الشعبي. ممثلو المترشح عبد العزيز بوتفليقة تعقبوا المواقع التي زارها غريمهم بن فليس و طلبوا تزكية الشعب فيها للرئيس بوتفليقة حفاظا على السلم و الاستقرار و لصالح استكمال مسار الاصلاحات السياسية التي بدأها، و قد أنهوا الحملة الانتخابية في يومها الأخير أمس بتنظيم تجمع ضخم في القاعة البيضاوية بمركب 5 جويلية في الجزائر العاصمة أشرف عليه مدير الحملة عبد المالك سلال رفقة أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني، بينما سعى بن فليس ذاته إلى التبرؤ من الاتهامات الموجهة إليه بتدبير العنف في بعض الأماكن ضد منشطي حملة الرئيس بوتفليقة، و قال أنه رجل قانون يحرص على الاستقرار و ذهب أمس في قالمة إلى حد القول أنه "سيبارك للرئيس الذي يختاره الشعب" يوم الخميس المقبل لقيادة البلاد. يعرف المتعودون على تأطير و تحضير الانتخابات من قيادات الحملات الانتخابية أن الأيام الثلاثة الباقية بين نهاية النشاطات الرسمية المرخص بها في إطار الحملة الانتخابية و بين بداية عملية التصويت هي الأيام الحاسمة و الفارقة في عملية توجيه الناخبين و التأثير على اختياراتهم، و حتى لو حملت تلك الفترة اسم "مرحلة الصمت الانتخابي" فانها لن تكون كذلك و يسعى خلالها نشطاء الفرق السياسية على اختلافهم لكسب تأييد و مساندة الناخبات و الناخبين من خلال عمل جواري مباشر تجاههم لحثهم على منح الأصوات لمرشحيهم، و هذا التقليد ليس بدعة جزائرية و هو معمول به في مختلف الديمقراطيات العريقة و الناشئة، لأن القرار الأخير الذي يتخذه الناخب قد ينبع من موقف يطرأ عند باب مكتب التصويت أو بعد نهاية الحملة الانتخابية في خلال فترة الصمت الانتخابي، الذي تم إقراره كتقليد في الأنظمة الديمقراطية بهدف السماح للناخبين بالتأمل و التفكير في مواقف المترشحين بعد نهاية صخب الحملة بصورة هادئة و متروية و منه اختيار من يرونه جديرا و مناسبا لمنحه أصواتهم. و بخلاف المنتمين سياسيا فان الغالبية العظمى من الناخبين لا يفصحون عن نوايا تصويتهم في التجمعات و المهرجانات الانتخابية. لذلك سوف تستمر عمليات الترويج و الدعاية بطريقة غير معلنة و غير رسمية. يكون فيها للمتنافسين مجال للتقرب عبر مؤيديهم السياسيين و من خلال القنوات الشعبية من الشعب و حث الناخبين على منحهم أصواتهم، لعل المساعي التي يبذلونها في أيام الصمت الانتخابي تؤتي أكلها يوم الإختيار، و تقنع من بقي مترددا ليميل نحو جهة معينة، و ربما تكون تلك العملية أكثر جدوى للمترشحين و أنصارهم من الطواف طيلة 22 يوما بين القاعات وسط التجمعات في شتى مناطق و جهات البلاد.