لا بد من مسار تشاوري شامل لأن مسودة الدستور لم تحدد سقفا للمقترحات دعا الدكتور عبد الله نوح أستاذ القانون العام و القانون الدستوري في جامعة مولود معمري بتيزي وزو، إلى فتح مسار تشاوري واسع حول تعديل الدستور وعدم الاقتصار على استشارة الأحزاب والشخصيات الوطنية وبعض الجمعيات والأساتذة الجامعيين، باعتبار أن رئاسة الجمهورية تقول أن المسودة التي طرحتها للتشاور مجرد اقتراحات لبداية نقاش حقيقي. ما رأيكم في التعديلات الواردة في المسودة التي سلّمتها رئاسة الجمهورية للأحزاب؟ عندما نلاحظ هذه التعديلات المقترحة، نلاحظ أنّها تعديلات جانبية وشكليّة ولا تمس بطبيعة السّلطة، في ظل عدم وجود فصل بين السلطات، لأنّ الدّستور الجزائري يتضمن تغليبا للسلطة التنفيذية على السلطة التشريعية وهذه التعديلات تبدو لي أنّها عبارة عن رتوشات لا تمس بأسس الدّولة الجزائريّة التي يجب إعادة النّظر فيها كلية عن طريق استشارة واسعة وليس فقط الأحزاب وإنّما حتى المجتمع المدني . هل تستجيب هذه التعديلات للمقترحات التي تقدمت بها الأحزاب، حسب رأيكم؟ أبدا، هذه التعديلات ليست شاملة وطبعا رئاسة الجمهورية تقول أنها ليست إلاّ اقتراحات لبداية نقاش حقيقي، ورغم ذلك فإن هذه الاقتراحات تجنبت الشمولية لأنها لم تمس بأسس بناء الدّولة الجزائرية ومبدأ التوازن بين السلطات. إذن كيف يمكن الوصول إلى وضع دستور توافقي حقيقي؟ الدستور يعبّر عن عقد اجتماعي يبرم بين المواطنين وهو القانون الأساسي لأي دولة يجب أن يعبر عن إرادة شعبية التي لا يمكن بلورتها إلا بواسطة مسار تشاوري شامل، يشمل كل التيارات السياسية وكل الأطروحات الموجودة على الساحة الفكرية والسياسية ، في الحقيقة في الجزائر هناك مشكلة مشروع المجتمع التي لم تحل بعد وهناك عدة مشاريع تتضارب بينها ، لم نصل بعد إلى عقد وطني يمثل ما يشبه الإجماع الوطني وعلى أساسه ننجز دستور توافقي حقيقي. في رأيكم ما هي أهم النقائص التي يجب استدراكها في الوثيقة المعروضة للنقاش؟ الوثيقة المعروضة للنقاش لم تمس بأسس الدولة، هناك مشكل يتعلق باللغة الامازيغية التي لم تدرج ولم يتم الإشارة إليها في الدستور، فقضية ترسيم اللغة الامازيغية والتكفل بها باعتبارها لغة وطنية ورسمية لها أولوية، وهناك أيضا علاقة الدين بالدولة لم تحل بعد وما تزال تمثل إشكالية فلسفية وقانونية كبيرة ، كما توجد قضية التوازن بين السلطتين لا سيما السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية ، وهناك أيضا قضية الهوية التي مازالت مطروحة هذا إلى جانب قضية مشروع المجتمع الذي يجب توضيحه بصفة دقيقة. هناك مسألة المرجعية الدينية، في الحقيقة الجزائر لا ترتبط بمرجعية دينية وحيدة ، بل هناك عدة مذاهب في الجزائر ، هناك المذهب الاباضي الذي لم يعترف به في الدستور، رغم أنه مذهب أصيل تضرب جذوره في التاريخ الجزائري كما أن هناك الخصوصيات المحلية التي لم تدرج في هذه المسودة من مشروع تعديل الدستور.